أخبارالتنوع البيولوجي

الفاو: العمل في تناغم مع البيئة.. نظم التراث الزراعي تحافظ على التنوع البيولوجي العالمي

أربعة أمثلة لنظم التراث الزراعي تساعد على صون التنوع البيولوجي والحفاظ عليه

يشكّل التنوع البيولوجي عنصرًا أساسيًا في نظمنا الإيكولوجية العالمية ويوفر أساسًا تقوم عليه الممارسات الزراعية وإنتاج الأغذية، فهو لا غنى عنه بالنسبة إلى رفاهنا وأمننا الغذائي، لكنه غالبًا ما يكون عرضة للخطر بسبب ما نقوم به من أنشطة.

بيد أنّ المزارعين تعلّموا في بعض المناطق العمل في تناغم مع البيئة واستخدام المعارف المتوارثة أبًا عن جدٍ على مدى قرون من الزمن من أجل تطبيق ممارسات مستدامة وحماية التنوع البيولوجي في النظم الإيكولوجية المحيطة بهم.

وقد قام هؤلاء المزارعون والمجتمعات الريفية بابتكار طرق بارعة ووضعها موضع التنفيذ لصون التنوع البيولوجي والحفاظ عليه واستخدامه على نحو مستدام بالتوازي مع حماية سبل عيشهم والمناظر الطبيعية الفريدة التي يعيشون بين أحضانها.

وتساعد منظمة الأغذية والزراعة، من خلال برنامج نظم التراث الزراعي ذات الأهمية العالمية، في الحفاظ على التراث الزراعي الذي يحمي التنوع البيولوجي الضروري لبيئتنا بموازاة توفير سبل العيش للمجتمعات الريفية.

وفيما يلي أربعة أمثلة فحسب على مواقع نظم التراث الزراعي ذات الأهمية العالمية التي تساعد على صون التنوع البيولوجي والحفاظ عليه:

نظام إنتاج التمور في واحة سيوة  

تعدّ واحة سيوة تجسيدًا لقدرة المزارعين على تكييف الزراعة مع الظروف المناخية الصعبة.

وتتألف الواحة، الواقعة في منطقة صحراوية، من هيكل ثلاثي الطبقات يوفر طريقة فعالة لزراعة الأغذية وتربية الثروة الحيوانية والحفاظ على الحيوانات والنباتات البرية، وكل ذلك بموازاة تعظيم استخدام المورد النادر، ألّا وهو الماء.

وتسود في هذا النظام زراعة أشجار النخيل، التي تقحم مع محاصيل أخرى مثل أشجار الزيتون والبرسيم. وبصورة عامة، يوجد في هذه واحة سيوة 46 نوعًا مختلفًا من المحاصيل.

كما توفر الموئل والمياه للحيوانات البرية، مثل البرمائيات والزواحف والعديد من أصناف الطيور.

وقد أنشأ هذا النظام المتكيف مناخًا محليًا ملائمًا لإنتاج المحاصيل وضروريًا لضمان سبل عيش المجتمع المحلي وأمنه الغذائي، فضلًا عن ملاذ للحيوانات يقيها حر الصحراء.

كما أدت إدارة المياه في هذا النظام التي تسهل ممارسات الزراعة على مدار السنة، إلى حفظ المياه.

نظام باروسو الزراعي الرعوي في البرتغال

تقع منطقة باروسو في شمال البرتغال، وهي منطقة زراعية تضم مزيجًا من المراعي والغابات الطبيعية والثروة الحيوانية والقرى والحدائق المنزلية.

ويأوي هذا النظام المتناغم الكثير من التنوع البيولوجي الزراعي بدءًا من سلالات الماشية وأصناف البطاطا الفريدة إلى غابات البلوط ذات النباتات والحيوانات النادرة.

وّتعد الإدارة الاجتماعية لأراضي المشاع والحيوانات المشتركة التي تمارسها المجتمعات المحلية سمة فريدة من نوعها من سمات هذا النظام الذي حافظ على البيئة بموازاة توفير سبل العيش.

وتعتبر أراضي الرعي المشاع ملكية جماعية حيث يجمع الرعاة قطعانهم معًا ويتناوبون على رعيها تبعًا لعدد رؤوس الماشية التي يمتلكونها.

وتؤدي القطعان المحلية دورًا هامًا في الحفاظ على النظم الإيكولوجية، حيث يساهم الرعي الوعر من قبل الأغنام والماعز مساهمة مباشرة في السيطرة على الشجيرات والغطاء النباتي، وبالتالي في الحد من مخاطر اندلاع الحرائق – وهو أحد المخاطر الرئيسية التي تهدد الإنتاج الحرجي الزراعي والتنوع البيولوجي الإقليمي.

وأدت المعرفة المتكيفة بالأراضي التي تتمتع بها المجتمعات المحلية إلى ضمان ممارسات لكسب العيش تحافظ على التنوع البيولوجي ولا تضر بالنظام الإيكولوجي القائم.

نظام القرية – الخزان المتدرج في المنطقة الجافة

تتسبب قلة هطول الأمطار في الجزء العلوي من سري لانكا بجعل إنتاج المحاصيل محدودًا جدًا، لا سيما في موسم الجفاف.

غير أنّ المجتمعات المحلية في هذه المنطقة اعتمدت مع مرور الوقت استراتيجيات تمكّنها من التكيف مع هذه الظروف المناخية المختلفة وضمان إمدادات المياه من خلال بناء خزانات.

ويتألف هذا النظام من خزانات وحقول أرز وغابات وحدائق منزلية متصلة بنظام فريد لإدارة المياه بغية احتواء مياه الفيضانات، فضلًا عن توزيع المياه والاحتفاظ بها على مدار السنة.

وقد حافظ هذه التكيف، بالإضافة إلى الممارسات المستدامة في تربية الأسماك وزراعة المحاصيل، على التنوع البيولوجي الذي يزدهر في هذا المكان.

ويوجد في هذه المنطقة 226 نوعًا نباتيًا. كما تُزرع أيضًا أنواع متوطنة من الأرز مقاومة للجفاف.

وفي هذا النظام المميز الذي تطور على مدى ألفي عام تقريبًا، تمكنت المجتمعات المحلية في نظام القرية – الخزان من تعلّم كيفية التعايش مع الحيوانات البرية بموازاة ضمان حفاظ ممارسات كسب عيشها على النظم الإيكولوجية الطبيعية.

النظام الزراعي التقليدي في سلسلة جبال إسبينهاكو الجنوبية، ميناس جيرايس، في البرازيل

تعدّ سلسلة جبال إسبينهاكو في البرازيل واحدة من مناطق السافانا ذات التنوع الأحيائي الأكبر على كوكبنا.

وقد أنشأت مجتمعات الأبانهادوراس، المعروفة باسم “جامعو الزهور دائمة الخضرة (Sempre-vivas)”، نظامًا زراعيًا معقدًا تطور مع تطور البيئة المحيطة به.

وتمكنت هذه المجتمعات المحلية من صون التنوع البيولوجي والتنوع البيولوجي الزراعي للعيش في تناغم مع البيئة، وذلك بفضل فهم عميق للدورات الطبيعية والنظم الإيكولوجية، فضلاً عن معرفة بإدارة النباتات الأصلية.

ويعتمد جامعو الزهور دائمة الخضرة على البيئة المحيطة بهم من أجل ضمان أمنهم الغذائي وسبل عيشهم.

فهم يزرعون قرابة 90 نوعًا من المحاصيل، مثل الخضروات والفواكه والدرنات، من أجل تلبية احتياجاتهم اليومية في حدائق الحراجة الزراعية.

كما يزرعون الذرة والأرز في أراضٍ زراعية أوسع ويجمعون المنتجات التي تنمو في الطبيعة ويربّون الحيوانات في مراعي أراضي المشاع ويحصدون الزهور من المرتفعات.

وقد دمجت هذه المجتمعات المحلية الحفاظ على النظم الإيكولوجية والتنوع البيولوجي في ثقافتها.

فعلى سبيل المثال، يكفل المجتمع المحلي الوصول إلى النباتات المحلية واستخدامها على نحو مستدام من خلال قواعد عرفية تستند إلى معرفة أفراده بالدورات الطبيعية وكثافة النباتات بغية حماية تكاثر الأنواع.

وإنّ هذه المواقع من نظم التراث الزراعي ذات الأهمية العالمية تحفظ ممارسات الزراعة التقليدية التي تحمي النظم الإيكولوجي وتتيح للمجتمعات العيش في تناغم مع البيئة.

وقد اكتست المعارف المتوارثة أبًا عن جدٍ في هذه المجتمعات المحلية أهمية حاسمة في ضمان سبل العيش وصون وحفظ التنوع البيولوجي الضروري للكوكب برمته.

تابعنا على تطبيق نبض

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من المستقبل الاخضر

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading