
إن تدهور الأنظمة البيئية بشكل مستمرّ وبسرعة متزايدة، والتي أكدها تقرير الكوكب الحي 2018، في الفترة من 1970 إلى 2014 تلاحظ في الخمسين سنة الماضية زيادة القدرة الإنتاجية لمواردنا الطبيعية 27% وزادت أيضا معدلات الاستهلاك والتلوث 190% ، مما أدى إلى زيادة نسب البصمة الكربونية، لتمثل 60% من النشاط الاستهلاكي البشري.
انخفاض في أعداد الفقاريات بنسبة 60%، وأسماك المياه العذبة بنسبة 83 %، و90%، من الطيور البحرية تموت بسبب التلوث بالبلاستيك، وتدهور 40% من الغابات، و50% من الشعاب المرجانية، وانخفاض التنوع البيولوجي البري إلى 4%، وتدهور الأراضي الرطبة بنسبة 74%، و 16% فقدان في الموائل الطبيعية بسبب التوسع الحضري .
امتداد التأثير السلبي للأنشطة البشرية إلى تدهور 75%، من التنوع البيولوجي على كوكب الأرض، و معدلات التلوث الناتجة عن النشاط السلبي للإنسان تكفي لتدمير 4 كواكب و أصبح كوكبنا الأزرق غير صالح للمعيشة، كما ذكر مؤشر حدود الكوكب، والذي حدد حدودا طبيعية للكوكب، دمرها الإنسان، وهي المناخ والتنوع البيولوجي والمسطحات المائية، واستخدام الأراضي والمياه العذبة والأوزون ودورة المركبات الكيميائية الحيوية في الطبيعة، مثل الكربون والنيتروجين والفسفور والتلوث.
تأثير التدهور البيئي علي النمو الاقتصادي
لذا اصبحت مسألة تأثير النشاط البشري علي البيئة واحده من أهم المسائل علي صعيد السياسات، فمن ناحية هناك قلق متزايد بشأن تأثير التدهور البيئي علي النمو الاقتصادي، كما ذكر منتدي دافوس أن المخاطر التي تهدد الاقتصاد العالمي لمدة 10 سنوات قادمة هي تدهور رؤوس أموالنا الطبيعية و انتشار الجوائح و تغيرات المناخ وأننا بحاجة إلي فصل النمو الاقتصادي عن التدهور البيئي.
حيث أخفق العالم في الحفاظ على رؤوس أمواله الطبيعية و حدود كوكبه في الوقت نفسة نلاحظ التقدم الاقتصادي و ارتفاع مستوي معيشة الفرد بسبب وجود مقياس اقتصادي متمثل في إجمالي الناتج المحلي و مقياس اجتماعي هو مؤشر التنمية البشرية و عدم وجود رؤية عالميه لتبني الحسابات البيئية أي رقمنة رؤوس أموالنا الطبيعية لإيجاد مقياس لمواردنا الطبيعية.
ذلك للحد من تغيرات المناخ و التدهور السريع لمواردنا الطبيعية و الجوائح التي بدأت بكرونا و لن تنتهي لذلك بدأ العالم في وضع الحسابات البيئية في أولويات صانعي القرار و وضعها كحسابات مقارنة مع الحسابات الاقتصادية لملاحظة تأثير رأس المال الإقتصادي مع رأس المال الطبيعي و من الأمثلة علي ذلك حسابات مؤشر البصمة البيئة.
ما هي مساحة الأرض المطلوبة لتزويد السكان باحتياجاتهم؟
ففي بداية التسعينات بدأ باحثون في جامعة كولومبيا بقياس مساحة الأرض المطلوبة لتزويد السكان بالمواد بناء على معدلات الاستهلاك المتباينة جغرافيا، وكذلك قياس المساحة التي يتطلبها امتصاص نفاياتهم أطلق على هذه الطريقة المبتكرة البصمة البيئية Ecological Footprint وتقاس بالهكتار للفرد في السنة، وفي بعض البلدان مثل الولايات المتحدة تعتبر البصمة البيئية أكبر من مساحة البلاد نفسها، بسبب اعتمادها الكامل على الواردات أو بسبب الاستغلال الجائر لمصادرها وقدراتها على امتصاص النفايات.
خرج الباحثون في الجامعة بنتيجة تؤكد أن الموارد المطلوبة لتأمين مستوى معيشة مثل الذي يتمتع به الأميركي أو الكندي لكل سكان العالم يتطلب ثلاث كرات أرضية أخرى مثل التي نعيش عليها وتؤكد هذه الدراسات أن البصمة البيئية للولايات المتحدة لوحدها تستحوذ على أكثر من 20% من المساحة الكلية لكوكب الأرض.
من أبرز المفاهيم التي طورها الفكر الاقتصادي الأوروبي المستدام مؤخرا، مفهوم “المساحة البيئية” Environmental Space والذي يرتبط إلى حد ما مع مفهوم البصمة البيئية، إلا انه يستخدم في تحديد الحصة العادلة لكل دولة في العالم من الموارد الطبيعية ومدى تجاوزها لهذه الحصة، ويقوم بتحليل معيار العدالة البيئية في ذلك، وهذا ما أدى أيضا إلى تطور مفهوم الديون البيئية Ecological Debts.
البصمة البيئية
هي مساحة الأرض المنتجة والنظم الإيكولوجية اللازمة لإنتاج الموارد والمواد التي يتم استهلاكها واستيعاب النفايات الناجمة عن مجتمع يعيش عند مستوى حياة معين على كوكب الأرض أي أنها مؤشر لقياس تأثير مجتمع ما على الموارد الطبيعية ومستوى استدامة نمط عيش السكان وتأثيرهم على كوكب الأرض.
لذا فهي أداة محاسبية تجعل من التنمية المستدامة عنصراً قابلاً للقياس عن طريق قياس الاستهلاك الإنساني لمجاله الحيوي مقارنة بقدرة هذا المجال الحيوي على تجديد ذاته على المستوى العالمي تظهر تحاليل البصمة البيئية أن المجتمع الإنساني في حالة تجاوز (Overshoot)، حيث أن استهلاك المجال الحيوي (Bio Demand) يزيد بمقدار 80% عن قدرة المجال على تجديد ذاته (Supply).
محددات البصمة البيئية
- عدد السكان المستهلكين
- كمية السلع و الموارد التي يستهلكها الفرد
- كثافة النفايات
محددات القدرة البيولوجية
- مقدار المساحة المنتجة
- مقدار إنتاجها في كل هكتار
مكونات البصمة البيئية
- الأراضي الزراعية cropland تساهم بنسبة 19.4% في الاحتباس الحراري
- المراعي grazing تساهم بنسبة 5.1% في الاحتباس الحراري
- مصائد الأسماك fishing تساهم بنسبة 3.3% في الاحتباس الحراري
- الغابات forest تساهم بنسبة 9.8 % في الاحتباس الحراري
- الكربون carbon تساهم بنسبة 60% في الاحتباس الحراري
- الأراضي المبنية built-up land تساهم بنسبة 2.3% في الاحتباس الحراري
المعدل العالمي
المعدل العالمي للبصمة البيئية ( كمية الاستهلاك و الملوثات الناتجة عن الاستهلاك )
2.58 هكتار عالمي للفرد في السنه
المعدل العالمي للقدرة البيولوجية ( كمية الموارد الطبيعية ) 1.51 هكتار عالمي للفرد في السنه
العجز الأيكولوجي ناتج من الفرق بين القدرة البيولوجية و البصمة البيئية و الذي يعبر عن أن سكان ذلك الكوكب يحتاجون ( 1.7 كوكب ) ليكفي استهلاكهم و استيعاب معدلات التلوث الناتجة عن الاستهلاك و هذا ما يعرف بيوم التعدي علي الطبيعة Over Shooting Day
حساب البصمة البيئية
تقاس كل من البصمة البيئية و القدرة البيولوجية بالهكتار العالمي بلإستناد الي عامل الإنتاج يعبر عن الفروقات بين البلدان في إنتاجية نوع معين من الأرض & عامل التكافؤ ثوابت تستخدم لتحويل متوسط الأراضي العالمي الي هكتارات عالمية و ذلك وفقا لما ورد في تقرير واكرناغل 2005
ثوابت معامل التكافؤ


طبقا لتقرير شبكة البصمة العالمية 2018
زيادة سكانية 2.1% و زيادة سنوية في البصمة البيئية عالميا و 0.5 % انخفاض في القدرة البيولوجية عالميا و 24% زيادة سنوية في البصمة البيئية للفرد في السنة و 46% انخفاض في القدرة البيولوجية للفرد في السنة .
تُظهر حسابات البصمة البيئية أن البشرية تتطلب حاليًا 56٪ أكثر من كوكبنا مما يمكن أن تجدده النظم البيئية، ولكن لتأمين 85٪ من التنوع البيولوجي في العالم يتطلب من البشرية عدم استخدام أكثر من نصف الأرض وفقًا لعالم الأحياء بجامعة هارفارد ويلسون، بعبارة أخرى يتجاوز الطلب البشري الآن ثلاثة أضعاف المعدل الذي يتوافق مع الحفظ الدائم بما في ذلك استقرار مناخنا.
طبقا لتقرير المنتدي العربي للبيئة والتنمية المستدامة في 2012
-الوطن العربي الممتد من المحيط إلي الخليج بمساحة يابسة 13.8 مليون كم2 و مساحة بحار 200 ميل بحري
-ارتفاع عدد سكان المدن من 38% في 1970 إلي 55% في 2010
– بدأ العجز منذ عام 1979 حيث أرتفع مستوي البصمة البيئية 78% حيث أرتفاع عدد السكان 3.5 مرة
– انخفض معدل القدرة البيولوجية 60% خلال 50عاما من 2.2 هكتار إلي 0.9 هكتار
– ارتفاع البصمة الكربونية إلي 4.1 طن أي حوالي 45% من البصمة البيئية
– العنصر الأكبر من القدرة البيولوجية عالميا هو الغابات و تبلغ 43%، أما في الدول العربية فإن الأراضي الزراعية تبلغ 32%
-ندهور الأراضي الزراعية بنسبة 34% و الأراضي المروية بمياه المطر بنسبة 67% و المراعي بنسبة 83% و أنخفاض كفاة الري بنسبة 40%
البصمة البيئية والقدرة البيولوجية والعجز الإيكولوجي في الوطن العربي
أهمية حسابات البصمة البيئية
1- مساعدة الحكومات و القطاع الخاص على تتبع طلب مدينة أو منطقة على رأس المال الطبيعي ومقارنة هذا الطلب برأس المال الطبيعي المتاح وإجمالي الناتج المحلي.
2- مساعدة صانع القرار في تقييم أداء السياسات و التخطيط للبنية التحتية و استخدامات الأراضي و التعويضات المالية عن تدهور خدمات النظام البيئي لتحقيق حفظ و استعادة وإدارة مستدامة لخدمات النظام البيئي
3- تحقيق مبادئ الاقتصاد الأخضر الخمس و هي الرفاهية والعدالة وحدود الكواكب والكفاءة والكفاية والحكم الرشيد
4- الحد من تغيرات المناخ.
5- يضيف قيمة إلى مجموعات البيانات الموجودة حول الإنتاج والتجارة والأداء البيئي من خلال توفير إطار شامل لتفسيرها.
6- يساعد على فهم العلاقة بين الاستهلاك المحلي والتأثير البيئي العالمي.
7- رفع الوعي بالاستدامة والمشاركة المجتمعية.

