هل المناهج الجديدة خضراء.. باحثة تقدم تحليلًا للنظام التعليمي في مصر ومدى تحقيقه أهداف التنمية المستدامة
قللت المناهج الجديدة الفجوة بين ما يقدمه التعليم وما يحتاجه العالم من أجل التنمية والاستدامة

كتبت أسماء بدر
أضحى الحديث عن قضايا التنمية المستدامة، وتداعيات تغير المناخ، محط اهتمام دولي على كافة الأصعدة،ومع التوافق العالمي حول رؤية 2030 لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، أصبحت جُل التخصصات العلمية والصناعية تسعى لتصبح خضراء، ولا سيما التعليم.
ولعل الزخم الذي يصاحب استضافة مصر لمؤتمر تغير المناخ COP 27 في نوفمبر القادم قاد الباحثة الدكتورة إسراء علي، الباحثة بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، نحو التساؤل عن علاقة تطوير مناهج التعليم بقضايا الاستدامة، وهل حقًا المناهج الجديدة “خضراء”؟ وهل تلبي مناهج مشروع إصلاح التعليم المطورة متطلبات التنمية المستدامة؟، وكيف ستؤثر نتائجها مستقبلًا على الطلاب؟، وتقديم تحليل للمناهج الجديدة نشر على الموقع الإلكتروني للمركز خلال شهر أكتوبر الجاري.
مر التعليم في مصر بمراحل تطور وإصلاح عديدة التي انطلقت عام 2018، وتضمنت تطبيق مناهج جديدة على بعض المراحل التعليمية، وتحديدًا من مرحلة رياض الأطفال (المستوى الأول والثاني) إلى الصف الرابع الابتدائي بالمرحلة الابتدائية حتى العام الدراسي الماضي، على أن يتم استحداث مناهج للصف الخامس الابتدائي وما يليه من مراحل تباعًا عامًا تلو آخر.
المناهج التعليمية الجديدة والتنمية المستدامة
شرعت الدكتورة إسراء علي، في تحليل المناهج الجديدة من بمنظور أخضر بحسب نسب توافر موضوعات وأنشطة التربية البيئية والتنمية المستدامة في كل من: المناهج العلمية المتخصصة ذات العلاقة المباشرة بالبيئة مثل: منهج تعدد التخصصات، ومنهج العلوم، ومنهج الدراسات الاجتماعية، والمناهج المهارية مثل: منهج المهارات المهنية، ومنهج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتي تم تطبيقها لأول مره في المرحلة الابتدائية العام الماضي 2021.

على صعيد المناهج المتخصصة، يضم منهج “اكتشف” بمرحلة رياض الأطفال (المستوى الأول) سبعة موضوعات تناقش قضايا بيئية بشكل مباشر من إجمالي اثني عشر موضوعًا، أي أكثر من 58% من المنهج، وتنخفض هذه النسبة إلى 36% في منهج “اكتشف” بمرحلة رياض الأطفال (المستوى الثاني)، حيث يضم المنهج بهذه المرحلة 4 موضوعات فقط عن البيئة والتنمية المستدامة هي: قدمان وأربعة مخالب، علمُنا الطبيعي، عالم من صنع الإنسان، ومرحبًا بكم في مجتمعنا.
من جهة أخرى زخر المنهج بالعديد من الأنشطة التي تنمي مهارات الاستدامة ومنها إعادة التدوير، وتبلغ نسبة الأنشطة البيئية نحو أكثر من 72% من إجمالي أنشطة منهج اكتشف بمرحلة رياض الأطفال.
أما عن المرحلة الابتدائية، فحتى الصف الثالث الإبتدائي سجلت معدلات موضوعات البيئة والتنمية المستدامة بمنهج “اكتشف” نسب قدرها 43% بالصف الأول بواقع 6 موضوعات من إجمالي 14 موضوعًا، و50% بالصف الثاني والثالث كل على حده، حيث ناقشت معظم الموضوعات بهذه الصفوف قضايا المياه، وآثار التغيرات البيئية، والنيل في مصر، وبوجه عام تضمن المنهج في المراحل الثلاث أنشطة تخطت نسبتها ثلثي المنهج، بحسب الدكتورة إسراء علي، الباحثة بالمركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية.
تشعب منهج اكتشف في الصف الرابع الابتدائي، وانقسم إلى ثلاثة مناهج هي: العلوم، والرياضيات، والدراسات الاجتماعية، كمواد دراسية منفصلة، واستحوذ منهج العلوم على النصيب الأكبر من الموضوعات التي ناقشت قضايا البيئة والتنمية المستدامة، حيث بلغت نسبة الموضوعات البيئية نحو 64% بواقع 7 موضوعات من إجمالي 11 موضوعًا، مع العلم أن منهج العلوم بالصف الرابع الابتدائي اشتمل على تنفيذ مشروعات علمية تسمى مهام أدائية بلغت نسبة المشروعات البيئية منها 75%، وتضمنت تصميم نماذج بيئية لتعايش بعض الحيوانات.

من ناحية أخرى، احتوى منهج الدراسات الاجتماعية الجديد للصف الرابع الابتدائي على 9 موضوعات فقط عن التنمية المستدامة والتربية البيئية من إجمالي 31 موضوعًا، منها موضوع عن الحياة المستدامة، وموضوع عن المشكلات البيئية في بلدنا، وموضوع عن النقل الذكي وتوفير الطاقة، وآخر عن مهن ومهارات المستقبل. أما على صعيد المناهج المهارية، فقد سجل منهج المهارات المهنية معدلات أعلى من منهج تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، بواقع 18 موضوعًا في الأول، وموضوعان فقط في الثاني، بنسب 66%، و13% على التوالي.
وفي ختام تحليلها، توصلت الباحثة إلى أن المعدلات المرتفعة لموضوعات التربية البيئية والتنمية المستدامة تبرهن على أن المناهج الجديدة استطاعت أن تقلل الفجوة بين ما يقدمه التعليم وما يحتاجه العالم من أجل التنمية والاستدامة، خاصة مع توافر أنشطة ومشروعات علمية تكسب الطلاب مفاهيم، ومهارات التنمية المستدامة بالممارسة المباشرة، لكن الاستفادة القصوى من المناهج الجديدة تظل مقرونة بتأهيل وتدريب المعلمين لإمكانية تطبيقها على الوجه الأمثل، وكذلك اقتصار تطبيق المناهج الجديدة على المراحل الأولى من التعليم يستدعي بحث وضع المراحل الأعلى التي لم تلحق بركب التطور وما زالت تتعلم وفق المناهج القديمة.