أهم الموضوعاتتغير المناخ

الجفاف يمحو بحيرة ساوة العراقية.. الأنشطة البشرية والتغير المناخي قضيا عليها

كتب محمد ناجي

يُصنف العراق، الغني بالنفط ، بين دول العالم الخمسة الأكثر عرضة لتغير المناخ والتصحر على الرغم من وجود نهري دجلة والفرات في ذلك البلد.

وأصبحت حالات الجفاف والعواصف الرملية ودرجات الحرارة التي تتجاوز الخمسين درجة مئوية شائعة بشكل متزايد في العراق، وقد تراجعت موارد العراق المائية بنسبة 50 بالمئة منذ العام الماضي بسبب فترات الجفاف المتكررة وانخفاض معدل هطول الأمطار وتراجع منسوب الأنهار.

وألقى الرئيس العراقي، برهم صالح باللوم على تغير المناخ، قائلا إنه يشكل تهديدا وجوديا للبلاد، وأضاف قائلا إن مصير بحيرة ساوة، التي أصبحت الآن أرضا ملحية قاحلة، تذكير بالخطر الذي ينتظرنا.

الجفاف يهدد العراق وبحيرة ساوة الأكثر تضررا
الجفاف يهدد العراق وبحيرة ساوة الأكثر تضررا

اختفاء بحيرة ساوة العراقية

وعلى أعتاب الصحراء في جنوب العراق، يغيب أي أثر لبحيرة ساوة باستثناء لافتة تدعو إلى “عدم صيد الأسماك”، في موقع شكّل في الماضي موئلاً للتنوع الحيوي، لكنه استحال أرضاً قاحلة بسبب الأنشطة البشرية والتغيّر المناخي.

ولم يعُد على ضفاف البحيرة اليوم سوى هياكل خرسانية لمبانٍ كانت في تسعينيات القرن العشرين فنادق وبنى تحتية سياحية تستقبل عائلات وأشخاصاً متزوجين حديثاً كانوا يقصدون المنطقة للنزهات أو السباحة.

لكن الوضع تغيّر تماماً، إذ جفت بحيرة ساوة بالكامل، وباتت ضفافها تغص بالمخلفات البلاستيكية والأكياس العالقة على شجيرات جافة على أطراف المنخفض، مع هيكلين حديديين أكلهما الصدأ لجسرين عائمين كانا يعلوان سطح البحيرة.

يقول الناشط البيئي حسام صبحي (27 سنة) إن “هذا العام وللمرة الأولى في تاريخها، البحيرة اختفت تماماً”، مشيراً إلى أن “مساحة مياه البحيرة كانت في الأعوام السابقة تتقلص خلال موسم الجفاف”.

لكن الآن، لم يتبقَّ من البحيرة سوى أراضٍ رملية مغطاة بالملح الأبيض وبركة صغيرة تسبح فيها أسماك فوق العين التي تربط البحيرة بمنبعها من المياه الجوفية.

وبدأ مستوى مياه بحيرة ساوة ينخفض تدريجياً منذ عام 2014، بحسب ما ذكر مدير البيئة في محافظة المثنى يوسف سوادي جبار.

وأشار هذا المسؤول إلى أسباب طبيعية تقف وراء جفاف البحيرة، تتمثل في “التغيّر المناخي، وارتفاع درجات الحرارة في محافظة المثنى الصحراوية التي تعاني كثيراً من الجفاف وشح الأمطار”.

والسبب الآخر من صنع البشر، ويتمثل في الآبار الارتوازية فوق المياه الجوفية التي كانت تغذي البحيرة، التي حُفرت لإقامة مشاريع صناعية قريبة تتعلق خصوصاً بالإسمنت والملح، ما حوّل البحيرة تالياً إلى “أراضٍ جرداء”، وفق المسؤول البيئي.

كما أعلنت الحكومة، في بيان الجمعة 22 أبريل الجاري، عن وجود أكثر من ألف بئر غير قانونية حُفرت لأغراض زراعية.

وتتطلب عودة بحيرة ساوة إلى طبيعتها إغلاق هذه الأبار غير القانونية و كذلك عودة الأمطار الغزيرة بعد 3 سنوات من الجفاف في بلد يُعد من أكثر خمس دول تضررا من التغير المناخي في العالم. بحسب وكالة الأنباء الفرنسية.

من الصعب عودة البحيرة إلى واقعها

ويرى مدير البيئة في محافظة المثنى أنه “من الصعب عودة البحيرة إلى واقعها القديم”… وتخضع المنطقة منذ عام 2014 لاتفاقية “رامسار” الدولية الخاصة بحماية الأراضي الرطبة، حسبما تشير لوحة كبيرة ثُبتت عند ضفاف أرض منخفضة كانت يوما بحيرة.

 

.

وكانت بحيرة ساوة المكونة من “صخور طينية معزولة بمادة جبسية” موطنا في الماضي للعديد من الأنواع النادرة من الطيور في العالم مثل النسر الإمبراطوري الشرقي وطائر الحبار والبط البني.

ارتفاع معدلات التصحر

ولا يقتصر الجفاف على بحيرة ساوة، فهذا حال كثير من المسطحات المائية في العراق جراء ارتفاع معدلات التصحر وشح المياه خصوصا في أهوار بلاد وادي الرافدين المدرجة على لائحة اليونسكو، وبينها هور الحويزة في الجنوب، وكذلك بحيرة الرزازة في محافظة كربلاء بوسط العراق.

بحيرة ساوة
بحيرة ساوة قبل أن تجف نهائيا

ويُرجع عون ذياب كبير مستشاري وزارة الموارد المائية في تصريحات لوكالة الأنباء الفرنسية الجفاف في بحيرة ساوة في جانب منه إلى “النقص الحاد في كمية الأمطار”.

وأشار ذياب إلى انخفاض معدل الأمطار في المنطقة القريبة للبحيرة إلى 30% عن معدلاتها السابقة، الأمر الذي قطع التغذية عن المياه الجوفية التي تتعرض في نفس الوقت لعمليات سحب مستمرة بواسطة الآبار، وأضاف قائلا إن كل ذلك تزامن مع “ارتفاع درجات الحرارة، مما أدى إلى تفاقم ظاهرة تبخر” مياه البحيرة .

تابعنا على تطبيق نبض

Comments

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: