ملفات خاصةأهم الموضوعاتأخبار

هل توجد “أرض بدائية” تحت أقدامنا؟ العلماء يعثرون على بقايا الأرض الأولى مخفية في الصهارة

البوتاسيوم يكشف أسرار الأرض قبل 4.5 مليار سنة.. بروتو-أرض قبل تشكّل القمر

الأرض لا تزال تحمل آثارًا من زمن كان قبل وجود القم، هذه الآثار لا تظهر على السطح على شكل أحافير أو عظام، بل تختبئ في اختلافات دقيقة بين الذرات داخل الصخور.

درس فريق من الباحثين هذه الذرات وخلص إلى أن أجزاءً من “بروتو-أرض”، النسخة المبكرة لكوكبنا، لا تزال موجودة داخل الوشاح الأرضي.

استند الباحثون في ذلك إلى قياسات دقيقة للعنصر الكيميائي البوتاسيوم في صخور قديمة وفي الحمم البركانية من بعض البراكين النادرة.

نُشرت الدراسة كاملة في مجلة Nature Geoscience.

الأرض، ثيا، و”بروتو-أرض”

قبل نحو 4.5 مليار سنة، كان النظام الشمسي الوليد سحابةً من الغاز والغبار. تصادمت قطع صغيرة من الصخور والمعادن، التصقت مع بعضها، ونمت لتكوّن أجرامًا أكبر شكلت الكواكب تدريجيًا.

إحدى هذه الأجرام كانت الأرض المبكرة، التي يطلق عليها العلماء غالبًا “بروتو-أرض”.

في مرحلة ما، اصطدم جرم بحجم المريخ يُعرف أحيانًا بـ”ثيا” ببروتو-أرض. أطلق الاصطدام طاقة هائلة، وأذاب الكثير من الطبقات الخارجية، ورمى حطامًا في الفضاء شكل لاحقًا القمر.

ثيا – الكوكب الذي صنع القمر

كان العلماء يتوقعون أن هذا الاصطدام الهائل سيُعيد خلط الوشاح الأرضي بالكامل، بحيث لا يبقى أي أثر كيميائي للأرض المبكرة.

إلا أن التركيب العام للأرض لا يتوافق مع أي مزيج بسيط من النيازك المعروفة، ما يشير إلى احتمال وجود مناطق مخفية داخل الأرض ذات كيمياء غير معتادة.

البوتاسيوم واختلافاته الدقيقة

يلعب البوتاسيوم دورًا أساسيًا في هذه القصة، حيث يوجد في الصخور ويأتي في ثلاثة نظائر رئيسية: البوتاسيوم-39، البوتاسيوم-40، والبوتاسيوم-41.

تتصرف هذه النظائر بشكل متشابه تقريبًا في التفاعلات الكيميائية، لكن البوتاسيوم-40 نادر وراديوي، ويتحلل عبر مليارات السنين، ما يجعله أداة طبيعية لتتبع العمليات القديمة ومصادر الحرارة داخل الكواكب.

أظهرت أبحاث سابقة أن مجموعات مختلفة من النيازك تحتوي على نسب مختلفة قليلًا من نظائر البوتاسيوم، وهي تعمل كبصمة مميزة للمواد التي كونت الأجرام في النظام الشمسي.

قاد هذا النتائج الفريق الجديد إلى التساؤل عما إذا كانت أجزاء من باطن الأرض قد احتفظت ببصمة البوتاسيوم الخاصة بـ”بروتو-أرض” قبل الاصطدام الذي شكّل القمر.

الصخور تحوي أدلة بروتو-أرض

للاستكشاف، ركّز الباحثون على الصخور التي تشكلت في وقت مبكر جدًا من تاريخ الأرض أو تلك المستخرجة من أعماق كبيرة.

شملت العينات صخورًا مافية داكنة من أقدم القارات في جرينلاند وكندا وجنوب أفريقيا، وهي صخور تعود لأكثر من ثلاثة مليارات سنة، ما يمكنها من تسجيل حالة الوشاح الأرضي بعد فترة قصيرة من تصلب السطح.

كما درس الفريق صخور حمم بركانية حديثة تُعرف بـ”بازلت جزر المحيط”، مأخوذة من جزيرة لا ريون وكمّا’يهواكانالوا، بركان بحري قرب هاواي، حيث تصعد هذه الحمم من دعامات الوشاح الساخنة المعزولة نسبيًا.

الصخور التي تشكلت في وقت مبكر جدًا من تاريخ الأرض

عدّ ذرات البوتاسيوم

في المختبر، تم طحن كل صخر إلى مسحوق، إذابته في أحماض قوية، وفصل البوتاسيوم عن العناصر الأخرى.

ثم استخدم الفريق تقنية مطياف الكتلة بالتحليل الحراري، التي تسخّن الذرات وتؤينها ليتمكن الجهاز من عد ذرات كل نظير. وكانت دقة القياس كافية لاكتشاف اختلافات بمقدار بضعة أجزاء من المليون.

أظهرت أغلب الصخور نسب بوتاسيوم مطابقة للوشاح الأرضي المتوسط، لكن مجموعة محددة من العينات القديمة والحمم الحديثة أظهرت نقصًا بسيطًا في البوتاسيوم-40 بحوالي 65 جزءًا من المليون، أي نحو 65 ذرة “خاصة” لكل مليون ذرة بوتاسيوم، وهو اختلاف مؤكد ومتكرر.

الحاجة لمزيد من الأدلة

يمكن للعمليات الماجمية الشائعة مثل الذوبان الجزئي أو التبلور أن تفصل النظائر بطريقة متوقعة تعتمد على الكتلة، لكن الحسابات أظهرت أن هذه العمليات لا تستطيع تفسير العجز الخاص في البوتاسيوم-40.

لذلك اعتمد الباحثون على نماذج تطور كوكبي، بدأت بكوكب مبكر ذو تركيب فقير بالبوتاسيوم-40، ثم أضيفت تأثيرات الاصطدام الهائل، والاصطدامات الصغيرة لاحقًا، ومليارات السنين من دوران الوشاح واختلاطه.

جيوب مخفية داخل الوشاح

أظهرت النماذج أن معظم الوشاح يتجه تدريجيًا نحو التركيب العادي الذي يظهر في الصخور السطحية، بينما احتفظت مناطق عميقة بمعايير البوتاسيوم-40 القديمة، وتلك المناطق تشكلت مبكرًا وظلت معزولة نسبيًا رغم العنف الكوكبي.

يعتقد الفريق أن الصخور التي تظهر فيها فجوة البوتاسيوم-40 تأتي من هذه المناطق، التي تغذي أحيانًا دعامات الوشاح التي تصعد إلى السطح.

وتشير مشاركة النمط نفسه في صخور قديمة وحمم بركانية حديثة إلى أن العينات المختلفة تستخرج من نفس المخزون المخفي.

بروتو-أرض في صورة أوضح

نمط نظائر البوتاسيوم في الصخور المفترضة على أنها “بروتو-أرض” لا يتطابق مع أي مجموعة نيزكية معروفة. وهذا يوحي بأن النيازك المتاحة لدينا لا تمثل كل أنواع الأجرام التي ساهمت في تكوين الأرض.

النتيجة الأهم للطلاب والباحثين هي الطريقة: قياس الفروقات الصغيرة في نظائر البوتاسيوم يمكن أن يختبر أحداثًا وقعت قبل أكثر من 4.5 مليار سنة داخل الأرض.

وتجمع هذه الدراسات الكيمياء والفيزياء والجيولوجيا لربط قياسات دقيقة في المختبر بتاريخ طويل لكوكبنا.

تابعنا على تطبيق نبض

مقالات ذات صلة

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من المستقبل الاخضر

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading