هل السكر السويسري أكثر استدامة؟
زراعة الشمندر واحدة من أكثر النباتات شراهة لمبيدات الحشرات

لماذا تحتاج سويسرا إلى سكر محلي؟ ألا تستطيع جلبه من الخارج، علماً بأنها تستورد حوالي نصف موادها الغذائية في جميع الأحوال؟
يؤكد قطاع صناعة السكر في سويسرا، أن الميزة البيئية الموجودة من إنتاجه في سويسرا، حيث يُشير رافائيل فيلد، بالاستناد إلى دراسة أُجريت لشركة Sucre suisse انتهت إلى أن “السكر السويسري أكثر استدامة من ذلك الذي يتم انتاجه في الاتحاد الأوروبي بنسبة 30%.
إلا أنَّ هذه الاستنتاجات يتم تفنيدها من قبل Vision Landwirtschaft ، وهي منظمة مكونة من مزارعين ومزارعات مستقلين مهنيين ينشطون من أجل زراعة مستدامة وقوية اقتصادياً، فزراعة الشمندر هي واحدة من أكثر النباتات شراهة لمبيدات الحشرات، بالإضافة إلى أنها معرضة للتآكل.
ونشرت وكالة سويس إنفو السويسرية للأخبار، تقريرا كشف أن انتاجها مكلف بالنسبة لدافعي الضرائب، حوالي 70 مليون فرنك سنوياً. وتقول منظمة Vision Landwirtschaft تعليقاً على ذلك: «هذا يعادل ما يقرب من 4000 فرنك من المساعدات للهكتار الواحد، أي أكثر من معظم الزراعات الأخرى.
فالسكر هو أحد المواد الغذائية الأساسية التي تقوم الكونفدرالية بتخزينها لمواجهة حالات النقص الحاد المحتملة، ويجب أن تكون الاحتياطات الاستراتيجية كافية لتغطية الاستهلاك المحلي لمدة ثلاثة أشهر.
النائبة الاشتراكية أورسولا شنايدر شوتل، اقترحت على الحكومة فبراير الماضي لتبرير دعمها لهذا القطاع الصناعي: يعتبر السكر من السلع الأساسية التي يجب الاحتفاظ بكميات احتياطية منها بموجب قانون الإمداد الاقتصادي للبلاد.
ولكن هنا أيضاً، تكثر الانتقادات، حيث انتقد باتريك دوملر الحكومة، قائلا ً: إذا تُركنا لأنفسنا في حال وجود أزمة، فلن نتمكن من تناول السكر بالملعقة، فالأمر بالنسبة له هو عبارة عن استراتيجية سيئة من الناحية الصحية وهو ما يجعلني أعتقد بأن أهمية ضمان إمداد البلاد مبالغ فيها.
وفي شهري أكتوبر وديسمبر، موسم حصاد الشمندر في سويسرا، يتم يوميا شحن 10 آلاف طن من هذا النبات ذو الجذور البيضاء، ويتم تنظيف الشمندر وطحنه وتحويله إلى سكر، باستخدام طريقة لم تتغير عملياً منذ إنشاء المصنع في عام 1912 في معمل السكر الضخم في آربرج بقلب منطقة تُعتبر مزرعة الخضراوات في سويسرا.
يصل الإنتاج المحلي من السكر إلى حوالي 270 ألف طن سنوياً، حيث يُخصص أكثر من ثلثي الإنتاج إلى شركات صناعة الأغذية في سويسرا (مثل منتجي مشروبات ريد بُل وريفيلا وعملاق صناعة الأغذية نستله أو حتى مصانع شوكولاتة ليندت).
ويقول رافائيل فيلد، مدير الاتصالات في شركة Sucre suisse، وصاحب مصنعي السكر في آربرج وفراونفلد، إنَّ لدى سويسرا معدل اكتفاء ذاتي من السكر بنسبة 65% تقريباً، ويتم استيراد ما تبقى من الاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى 3300 طن من قصب السكر القادم من جزيرة موريشيوس.
إلا أنَّ هذه الصناعة المحلية هشة للغاية، فسعر تداول السكر السويسري هو بالفعل على غرار أسعار السوق العالمية، التي تتقلب وفقاً للعديد من العوامل، كما أنه مرتبط بشكل مباشر بالاتفاقيات الثنائية للأسعار المتداولة في الاتحاد الأوروبي، والتي تدهورت بعد أن حرَّرت بروكسل كميات الإنتاج وألغت التضييق على التصدير في عام 2017، دافعة بذلك العديد من المزارعين إلى التخلي عن زراعة لم تعد مربحة.
لذا تقلصت المساحة المُخصصة لزراعة الشمندر من 20000 إلى 16500 هكتار في أقل من عقد من الزمن، وتحتل اليوم أقل من 2% بقليل من المساحة الزراعية المستخدمة في البلاد، إضافة إلى أنه لم يعد هناك سوى 4500 مُنتج ومنتجة للشمندر في سويسرا، مقابل 6000 قبل خمس سنوات.
ولإيقاف هذا التدهور، زادت الحكومة مساعداتها لزراعة الشمندر السكري، وهي تصل حالياً إلى 2100 فرنك للهكتار الواحد، أي 300 فرنك أكثر من السابق، كما يتم دعم الإنتاج البيئي BIO بشكل أكبر وتمَّ الإقرار بحماية جمركية لا تقل عن 70 فرنك للطن الواحد من السكر، وتمَّ تمديد هذه التدابير حتى عام 2026 وإدراجها في القانون من قبل البرلمان.
ويعلق رافائيل فيلد: بدأت الأسعار بالارتفاع من جديد، ويعود ذلك بشكل خاص إلى الجفاف التاريخي الذي أصاب البرازيل هذه السنة. لقد عانت زراعة قصب السكر بشكل كبير، مما تسبب في نقص على المستوى العالمي.
وعلى الرغم من هذا الانفراج في الأسواق، يشير ممثل الشركة الوحيدة التي تنتج السكر في سويسرا إلى أنه سيكون من المستحيل مواجهة المنافسة الأجنبية دون دعم الدولة، ويضيف قائلاً: «من المؤكد أننا، بدون المساعدات التي تقدمها الكونفدرالية لمزارعي ومزارعات الشمندر، والتي نستفيد منها بشكل غير مباشر، سنضطر إلى إغلاق الشركة.