وجهات نظر

د.أحمد يحيي راشد: حقوق حضارة والـ Chat GPT بين صاحب العلم وسارق العلم

مؤسس ومدير معهد حقوق حضارة بأمريكا- والأستاذ بالجامعة البريطانية في مصر

سيقدم العلم الجديد في الساحات، وسيكون مع كل خطوة علمية طرح ونقاش وحوار وجدال، بين وضع سابق وحالي وقادم ناتج من فرضية او ابتكار او اختراع، وعلم حقوق حضارة في ذاته فرضية علمية، ويتوازى معها علم تأصيل الحضارة (Civilizology) ، وما يتطلب ذلك من مواجهة في سعيه لشق طريقهما بين العلوم بين علوم وظفت في مراحل سابقة وأخرى من اختراعات وابتكارات قادمة.

وليكن ChatGPT نموذجا وهو مع علوم حقوق حضارة وسيفليزولوجي، نحتاج بالضرورة لتأصيل أربعة مفاهيم يختار ويحتار معها الباحثين في العلم والبحث العلمي في التعامل مع الواقع والحلم وقبول النقد، وهي صفات “طالب العلم” والتي معها اما أن تكون “صاحب علم”، “ناقل علم” وأخيرا “سارق علم”.

يشير الدكتور عبد الوهاب المسيري، في تقديمة لكتاب اليهود أنثروبولوجيا للدكتور جمال حمدان إلى نوعين من الإنتاج العملي أحدهما لا يعتمد على الاحتياج، ولا ينبع من نموذج معرفي متكامل يؤسس لفكر صاحبة، ولكن هو فقط مجموعة من الأطر النظرية التي تكتب بأسلوب اكاديمي تستخدم فقط للترقية ولا تساهم في نهضة الأمه أو بناء حضارتها (ناقل العلم).

أما النموذج الأخر الذي أشار له د.المسيري، هو النموذج المعرفي القائم عن الاحتياج الحقيقي، ويؤسس لنموذج معرفي يقوم على رؤية صاحبة ومقدرته على التحليل والاستنتاج، والبناء لحل المشكلة على أساس هذا النموذج (منتج العلم)، وأوضح المسيري، إن كتابات جمال حمدان من شخصية مصر وعبقرية المكان والزمان واليهود وغيرها ليست دراسات أكاديمية بالمعنى المستهلك للبحث العلمي، وإنما هي دراسات عميقة كتبها مثقف مصري ”صاحب موقف” لا يكتب إلا انطلاقاً من لحظة معاناة وكشف.

وهو لا شك يتبع معظم الأعراف الأكاديمية ويستخدم كل الآليات البحثية من توثيق ومرجعية، ولكن الآليات هي مجرد آليات، والوسائل لا تتحول أبدأً إلى غايات، والمعلومات موجودة وبكثرة (وربما تفوق بمراحل ما تأتي به المراجع المعلوماتية) ولكنها مجرد معلومات.

فنقطة البدء هي قلق وجودي عميق أدى إلى ظهور مشروع فكرى متكامل، والهدف يظل دائماً هو الوصول إلى الحقيقة وكيف يمكن تحويل الحقيقة إلى عدل، (حقوق حضارة وسيفليزولوجي من نبع قلق وجودي بحثا عن عدل وإنصاف).

نقل الأفكار المتباينة

وقد يكون “طالب العلم” أساس وقاعدة الانطلاق لوصف الباحثين للسيناريوهات الثلاثة الأخرى لصفات الساعين إلى العلم، فمنهم من يتم وصفه بصاحب علم من أمثال جمال حمدان وعددهم معدود محدود، ومنهم من يتاح لعلمه وجود، ويكون له أثرا باقيا، ومنهم من تذهب جهوده وتنتهي إلى الجحود والنكران والتندر.

أما ناقل العلم والأفكار، فهو إنسان ينقل أفكاراً متناثرة لا يربطها بالضرورة رابط، وتنتمي كل فكرة إلى منظومة فكرية مستقلة.

وما يحدث في كثير من الدراسات الأكاديمية أن كاتبيها يقومون بنقل الأفكار المتباينة ويعرضون لها، دون إدراك للنموذج المعرفي الكامن وراءها، أو مع إدراك كامل له دون أن يهتموا بما يتضمنه وتطبيقاته، فمهمتهم هي النقل (حتى يلتحق بركب الحضارة الغربية او المتقدمة)، ونقل كل شيء بأمانة شديدة وحياد أشد، وموضوعية متلقية هي في واقع الأمر تعبير عن موت القلب والعقل والضمير والهوية، والقدرة على الاجتهاد.

وقد زحف هذا النموذج على المقررات المدرسية وفلسفة التعليم في مدارسنا العلمية في مصر، ومن كانت آفه التلقين، والدروس الخصوصية التي لا تعلم الطالب شيئاً، إذ أن المهارة الأساسية التي يكسبها هي مهارة اجتياز الامتحانات.

المدرسة المعلوماتية التراكمية معادية للفكر والإبداع

وللأسف إن المدرسة المعلوماتية التراكمية معادية للفكر والإبداع، ومعها كل يوم اختراع وابتكار في منظومة تطوير مما يضع العلم والتعليم في إطار الموضوعية المتلقية السلبية، العقل عندها آلة ترصد وتسجل، وليس طاقة إنسانية مبدعة تعيد صياغة العالم، ( وان كان في بعض المعامل والمؤسسات ذلك يحدث في من يسيطر علي العالم من مؤسسات وشركات لديها معامل من R&D من مراكر البحث والتطوير) اما الأغلبية او (القطيع) فلم يعد يكترث بالحق أو الحقيقة العلمية في غرق تامً في الحقائق والوقائع والأفكار المتناثرة، ترصدها من الخارج دون تعمق ودون اجتهاد وكأنها أشياء مرصوصة، كمُ لا هوية له، ولذا تفقد الظواهر شخصيتها ومنحناها الخاص.

(وقد يكون ذلك ما تواجه حقوق حضارة وتحتاج أن توازن فيه بين حلم (صاحب العلم)، وواقع (ناقل العلم) بمرجعيته وتقييماته وتقيمه لفكر وبحث علمي وعلم وعمل.

 

ولم يكن في أبجديات زمن المسيري وجمال حمدان ما نحن فيه من انتشار سرطان، أو كورونا سارق العلم، وهو ما تعاني فيه من التفكير والتحذير ولك معها قضية خاصة، ولكنها عامة (غير ذاتية تماماً وغير موضوعية تماماً) في ذات الوقت، ووجدت في مقالة المستقبل الأخضر عن ChatGPT ، أن اكتب معها تلك المقالة في ضرورة لفتح النقاش بها تزامنا مع هذا البرنامج وبرامج اخري يؤصل لكثيرا من عديمي الضمير العلمي مساحات من السرقات العلمية.

فمع زمن انفتحت فيه التقنية أن يتم التواصل بين العالم أجمع في مساحات منفتحة ومنطلقة، وجد الكثير من أصحاب النفوس الضعيفة وفاقدي الضمير وقليلي الحيلة من سرقة البحث العلمي سبيلا للحصول على درجات علمية وأبحاث ومؤتمرات مما تسبب في فساد وإفساد للأخلاقيات وقضايا بناء المستقبل، ووجدت في عمق العمل في دراسات حقوق حضارة، ملف يمكن أن يعتبر أساس وأولوية تسبق حقوق حضارة، وهي حقوق العلم والبحث العلمي أمام كل مدعي وسارق علم

سارق العلم: قد يكون غير وارد منطقيا أن يكون هناك وصفا أو مفهوما تحت ذلك المسمى، ووفقا لأعراف وأصول وأخلاقيات البحث العلمي يفترض إن هناك أطر وقوانين وقواعد مرجعية منظمة لكل ما يتعلق بالنشر والدرجات العلمية والمؤتمرات والأبحاث وما يرتبط بذلك الأمر، ولكن كما إن القوانين والأعراف والأديان لم تمنع أبدا السرقات بمختلف أنماطها، فأننا في مرحلة أصبحت السرقات العلمية سرطان أو كورونا تفشت في كثيرا من المراكز البحثية والجامعات والدرجات العلمية ومخرجات البحث العلمي، واقد احترف من يقومون السرقات العملية كافة وسائل الغش والتدليس والانحراف في سعيهم للوصول إلى مكتسب مادي أو أدبي أو درجة علمية، ولم يكن هناك أي مراجعة أو ضمير من هؤلاء الذين يفرض ان يستأمن علي العلم وتربية الأجيال والأخلاقيات، بل اصبح في الأمر من فجر وبجاحة تفاخرا من تغافلا وتجارة ومافيا سمحت بها مرحلة عدم ادراك وتهاون يسبب نزيف في مقدرات الجامعات والأوطان على كافة المستويات.

حقوق البحث العلمي لبناء العلم والعلماء

وفي الوقت الذي تنادي وتبحث فيه عن حقوق حضارة وتتحدث عن سرقات تمت لحضارة مصر بمتاحف العالم، ولعلم المصريات في كافة مناحي الحياة، وكيف تبحث من خلال علم سيفليزولوجي ما قامت به حضارات أخرى بسرقة علوم حضارة مصر على مر الأزمنة والعصور، وفي كافة التخصصات ونسبتها لنفسها ولحضارتها، كان إن اختبرك الله بملف، وجدت إنه لا يقل خطورة وضرورة لمواجهة سارق معلوم بصيغة مجهول فتم قبول ذلك الاختبار وفتح ملف “حقوق البحث العلمي لبناء العلم والعلماء”.

كان أن طلب مني تحكيم كتابا من جامعة عربية مرموقة، ويفترض في ذلك الكتاب أن يكون “مرجعا لكافة الدول العربية” في مجال تخصصي المباشر، وقمت بكل أمانة بتقييم الكتاب، وكانت أول خطوة أن طالبت بتوفير نسخة الكتاب بصيغة الكترونية تسمح بالاستدلال والاستعانة ببرامج كشف السرقات العلمية لتحديد نسب الاقتباسات، ولكن رفض المؤلفان ذلك بحجة إنه مجهودهما العلمي وحريصين ألا يتم سرقته، وطلب منك الاكتفاء بكتاب مرسل بصيغة صور وحفظت على ذلك بما لا يسمح بأي وسيلة إلكترونية متعارف عليها في كشف السرقات.

ولكن مع بداية المراجعة وجدت بالكتاب سرقات علمية في محتواه من بدايته إلى نهايته من المقدمة إلي التوصيات، وكان من ضمنها سرقات من رسالة الماجستير، الخاصة بي في أكثر من 17 موضعا دون أي تعديل أو تغيير من جهة، ولم يتم ذكر المرجع الخاص برسالة الماجستير في ذلك الكتاب المزمع من جهة أخرى، لم يقتصر الأمر علي ذلك ووجدت سرقات كاملة ومثبته لرسائل علمية قمت بتحكيم بعضها، وتبين أن كل الكتاب لم يتم فيه مجهودا إلا التنسيق ولأن محترفي سرقة البحث العلمي، مدركين فعلتهم، ويقوما بإعداد الكتاب لعائد مادي وأدبي في غيبة من الوعي فقاموا علي مستوي سرقة أخرى بوضع 300 مرجع (175 باللغة العربية، 125 باللغة الإنجليزية)، ولا يوجد بالكتاب بدايته لنهايته أي إشارة بين المتن بالكتاب والمرجع والصفحات، وفي ذلك ذكر مراجع لم توظف بالكتاب، أو سرقة محتوي دون أن ينسب المرجع لصاحب الدراسة، ويصبح الكتاب في النهاية بكل سرقاته هو المرجع الأول والأخير لما ما تتضمنه ذلك الكتاب.

اغتيال لعلم الحضارة المصرية

ذلك حدث مع اغتيال لعلم الحضارة المصرية من حضارات أخرى، وهذا نموذجا لسارق علم، يختبرك الله في رفض الكتاب، وتوضيح السرقات وأن ينتهي الملف بكشف سارق علم. مع رفضي للكتاب وتوضيح كل الملابسات والسرقات وتعجبي كيف استباح المؤلفان ذلك المنتج وتصورت إن من كلفني بتلك المهمة سيكون لها الموقف والقرار وما يضمن لي ولغيري رد الاعتبار الأدبي والمادي في ذلك الشأن.

وهنا كانت القضية، والتي لا تزال مجالا للبحث عن الحقوق علي عدة مستويات، انه مع عدم طباعة الكتاب لكشفك السرقات التي تمت به، تقاعس من الجامعة المرموقة لمحاسبة السارقين، تحت مبررات واهية، منها حماية لمن ينتظر منصبا بتلك الدولة والجامعة، ومنها إن الإدانة قد تضع الجامعة في موقف تتجنبه، وتعمدت الجامعة معها في مواجهة الموقف بالتسويف وتشكيل اللجان، واستنزاف الوقت، وإرسال مسكنات، مع شكر وتقدير علي موقف كشف السرقة العلمية، ثم من مطالتك لمحاسبة معلنة تحول الامر لمرحلة من التهديد بأنك كشفت لمن تم سرقتهم في ذاك الكتاب عن تلك السرقات، وانك قد انتهكت معها الأمانة العلمية، في الوقت الذي قامت فيه تلك الجامعة بأرسال نتيجة التحكيم ورفض الكتاب وأسبابه إلى أحد المؤلفين لما يسمي بكتاب، والذي انبري بكل فقد لقيم واخلاقيات البحث العلمي بالتعدي والتطاول علي أستاذ له في 37 صفحة، في سابقة فقدت معها الجامعة مصداقية الأمانة العلمية، والتي تناولتها في التعامل مع الموقف.

لماذا ذكرت تلك الواقعة في هذه المقالة لأننا دائما نتحدث عن استدامة وحقوق حضارة تتطلب اخلاقيات ومواجهات وكان السؤال هل نكتفي بإن في المواجهة بأن الكتاب لم يطبع، وبالتالي جريمة النشر لم تتم، وعليه يتم إغلاق الملف.

ملف ذاتي أم قضية هامة وعامة؟

هذا السؤال بين التهوين في أمر كتاب أو المطالبة بحقوق البحث العلمي، وكل من تم سرقتهم من سارقي العلم، وهل نعتبر ذلك ملف ذاتي أم قضية هامة وعامة، وبين مواجهة قد تكون طرف بداية لمواجهات أخرى كان من نتاجها أن فقدت مصر الريادة في العلم والبحث العلمي والمصداقية عندما سمح لهؤلاء باعتلاء المناصب والدرجات العلمية والتحكم في التعلم والتعليم، بل وادعاء الفضيلة والأخلاقيات، ونتج عن ذلك أن أصبح هناك دكاكين ومواقع تعلن عن نفسها في الإنترنت بقيامها بعمل البحوث ومشروعات التخرج ودرجات الماجستير والدكتوراه، وكذلك ملفات الترقيات العلمي.

بل وصل الامر يكون (كومبو تكاليف المشروع ممكن يكون لمشروعين او المشروع الثاني بـ 50%)، والموقف الذاتي العام كيف عند ذلك الوضع تنادي بإعداد أجيال تؤمن بحقوق حضارة، وتطلب وتطالب لمستقبل مستدام لبلد وعلم وأنت والبلد مثقل بهؤلاء.

كان ذلك المثل ضرورة للذكر وكافة المستندات متوفرة، لأنه ليس مثالا وحيدا في تخصص محدد، ولكنها أصبحت آفة تحتاج جبهات تعمل عليها، وقد يكون للسارق (الحرامي) حتي لرغيف الخبز جوعا أن يدخل ليؤدي عقوبة في حبس أو عقاب، أما سارق العلم وهي أسوأ صفة في تقديري يمكن أن يتصف بها إنسان فهي لن يكفيها عقاب في الأرض وأثرها ممتد لكل علم اخرج فشل وهزيمة لأوطان وحضارات.

هل اكتفيت بذلك أبدا دون ذكر أسماء أو جامعات، قمت باللجوء إلى القنوات الشرعية والقانونية، وسوف يعود الحق لي وللبحث العلمي ولكل من تمت سرقتهم في حاله، ولا يضيع حق من وراءه مطالب، وحتى الجهة التي تقاعست سيكون لي معها موقفا، وتم تقديم شكوى لسفارتها في مصر، ولمنع شر أحد سارقي العلم، تم إبلاغ جامعته التي يعمل بها في مصر بالمستندات حتى تتنبه، قبل شر إن أن يصل إلى منصب يكون أثره السلبي علي العلم والتعليم والبحث العلمي، وبذلك تحترم “حقوق الحضارة لبناء حضارة” لاستدامة ومستقبل.

محاسبة سارقي العلم وأصحاب النفوس الفاسدة

ماذا لو لم يتم محاسبة سارقي العلم وأصحاب النفوس الفاسدة مع ظهور الكثير من البرامج مثل ChatGPT، وغيرها التي تيسر أمر السرقات العلمية، نترحم معها علي أصحاب العلم من علماء مثل جمال حمدان والمسيري والقصاص وغيرهم الكثير من الرواد بقوا في الذاكرة لعلم افاد مصر والبشرية، وسيكون مع الذكريات نكرات في مزابل التاريخ من سارقي علم قليل تم كشفهم واقل القليل محاسبتهم ولو لم تتم المواجهة سيكون ذلك عقوق حضارة لفناء حضارة

اكتب ذلك وسارق العلم المجهول المعلوم يعد العدة لتولي منصب ومسئولية أجيال ومعها كل كلمة كتبت يقبلها باستهانة واستكانة وتصل لسخرية ولكن لن يصح الا الصحيح وكل سارق علم بينه وبين نفسه يعلم في لحظات من صحوة الضمير كم مدان مهان يختبئ بين القطيع.

اللهم بلغت اللهم فأشهد

تابعنا على تطبيق نبض
زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من المستقبل الاخضر

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading