بطاريات الهواتف والسيارات الكهربائية تضعف لأنها «تتنفس».. تفسير علمي جديد
تمدد وانكماش البطاريات سرّ تراجع أدائها بمرور الزمن.. علماء يكشفون آلية خفية
كشف باحثون عن سبب رئيسي يفسر تدهور البطاريات التي تُستخدم في تشغيل كل شيء، من الهواتف الذكية إلى السيارات الكهربائية، بمرور الوقت، في خطوة مهمة نحو تطوير بطاريات أسرع وأكثر موثوقية وأطول عمرًا.
وتوصل فريق بحثي من جامعة تكساس في أوستن، وجامعة نورث إيسترن، وجامعة ستانفورد، والمختبر الوطني في أرجون، إلى أن كل دورة شحن وتفريغ تؤدي إلى تمدد البطارية وانكماشها، على نحو يشبه عملية التنفس لدى الإنسان.
ويتسبب هذا التغير المستمر في تشوّه طفيف بمكونات البطارية، ما يفرض عليها إجهادًا ميكانيكيًا يضعفها تدريجيًا مع مرور الوقت.
التدهور الكيميائي-الميكانيكي
وأوضح الباحثون أن هذه الظاهرة، المعروفة علميًا باسم «التدهور الكيميائي-الميكانيكي»، تؤدي في النهاية إلى تراجع أداء البطارية وقِصر عمرها الافتراضي. وقد نُشرت نتائج الدراسة في دورية «ساينس» العلمية.
وقال ييجين ليو، الأستاذ المشارك في كلية كوكريل للهندسة بجامعة تكساس في أوستن وقائد الدراسة: «مع كل نفس تأخذه البطارية، يحدث قدر من التغير غير القابل للعودة إلى حالته الأصلية، ويتراكم هذا الأثر بمرور الوقت إلى أن يفشل عنصر البطارية بالكامل».
ومن أبرز ما توصلت إليه الدراسة اكتشاف ما أطلق عليه الباحثون «سلاسل الإجهاد»، وهي تفاعلات متتابعة تتراكم فيها الضغوط في جزء من القطب الكهربائي ثم تنتشر إلى مناطق مجاورة.
ويسهم في ذلك السلوك غير المتجانس لمئات الآلاف من الجسيمات الدقيقة داخل البطارية، إذ تتحرك كل منها بطريقة مختلفة تحت تأثير الشحن والتفريغ.
من جانبه، قال جونر تشو، الأستاذ المساعد في الهندسة الميكانيكية والصناعية بجامعة نورث إيسترن وأحد المشاركين في الدراسة: «لاحظنا أن كل جسيم داخل البطارية يتفاعل بشكل مختلف مع الإجهاد الكهروكيميائي؛ فبعضها يتحرك بسرعة كبيرة، بينما يظل البعض الآخر شبه ثابت، ما يخلق نقاط ضغط موضعية قد تؤدي إلى تشققات وأضرار بنيوية».

تصميم أقطاب كهربائية أكثر مقاومة للإجهاد والتدهور
ويرى الباحثون، أن فهم كيفية نشوء هذه الضغوط وانتشارها يفتح الباب أمام تصميم أقطاب كهربائية أكثر مقاومة للإجهاد والتدهور. وتشير الدراسة إلى أن تطبيق ضغط مُتحكم فيه على خلايا البطارية قد يكون أحد الحلول الممكنة للحد من هذا الإجهاد وتحسين الأداء.
وقال جيسون كروي، الباحث المشارك وقائد مجموعة أبحاث المواد في مختبر أرجون الوطني: «هدفنا النهائي هو تطوير تقنيات متقدمة تزيد بشكل ملموس من كفاءة البطاريات ومتانتها، إن فهم العلاقة بين تصميم الأقطاب الكهربائية واستجابتها للإجهاد يمثل خطوة حاسمة نحو توسيع قدرات البطاريات الحالية».
مراقبة أقطاب البطاريات
واعتمد الفريق البحثي على تقنيات تصوير متقدمة لمراقبة أقطاب البطاريات في الزمن الحقيقي أثناء الشحن والتفريغ، مستخدمين أدوات حديثة مثل المجهر بالأشعة السينية النافذة أثناء التشغيل، وتقنية التصوير ثلاثي الأبعاد بالأشعة السينية، ما أتاح لهم رصد حركة الجسيمات الدقيقة وتفاعلها بدقة عالية.
وأشار الباحثون إلى أن الملاحظة الأولى لهذه الظاهرة جاءت أثناء دراسة جهاز إلكتروني تجاري، هو سماعات أذن لاسلكية، ويخطط الفريق في المرحلة المقبلة لتطوير نماذج نظرية تساهم في فهم أعمق للتفاعلات المعقدة بين العمليات الكيميائية والميكانيكية داخل أقطاب البطاريات.





