تشكل الزراعة والغابات والاستخدامات الأخرى للأراضي حوالي 62% من انبعاثات الغازات الدفيئة في إفريقيا.
وفي الوقت نفسه، تؤدي تدهور الأراضي، وإزالة الغابات، وفقدان التنوع البيولوجي إلى تقليل قدرة القارة على الصمود أمام التغير المناخي.
لكن الأرض، وخاصة الزراعة، ظلت على هامش مبادرات التغير المناخي، وحتى في المؤتمرات السنوية العالمية، لم تحظ الأرض بالاهتمام الكافي.
هذا الوضع بدأ يتغير، ففي سبتمبر 2025، اجتمع مجتمع المناخ الإفريقي في إثيوبيا لوضع أولويات القارة المناخية قبل مؤتمر COP30 العالمي. وتم الاتفاق على أن الأرض يمكن أن تكون أقوى أداة لإفريقيا في مواجهة التغير المناخي.
يعتمد الكثير على تأمين التمويل في COP30 لمشاريع الغابات الزراعية، وإدارة الغابات، واستعادة الكربون في التربة.
عالم تمتد أبحاثه لأكثر من 20 عامًا ركزت على كيفية استعادة الأراضي بشكل مستدام، وكيف يمكن لمؤسسات الغابات المجتمعية مكافحة إزالة الغابات، وإعادة بناء الغابات كوسيلة لمكافحة التغير المناخي.
لذلك، يرى أن COP30 يجب أن يضع استعادة الأراضي وإدارتها المستدامة في قلب أجندة المناخ، مع الاعتراف بأن التربة والغابات والأنظمة البيئية الصحية ليست قضايا جانبية، بل هي أساس النمو الاقتصادي وتعزيز القدرة على الصمود أمام الكوارث المناخية.
هذا مهم جدًا لإفريقيا، التي تعتمد شعوبها واقتصاداتها بشكل كبير على الأرض.
فالزراعة وحدها توظف أكثر من ثلثي قوة العمل في إفريقيا وتشكل عادة 30%-40% من الناتج المحلي الإجمالي.
ومع ذلك، فإن الكوارث المناخية مثل الجفاف الممتد، وارتفاع درجات الحرارة، والفيضانات المدمرة تضعف الأراضي تدريجيًا.
قد يفقد ملايين الأشخاص في إفريقيا مزارعهم ودخلهم وطعامهم ومستقبلهم إذا لم يولي COP30 اهتمامًا بالعلاقة بين الأرض والطبيعة والتغير المناخي.
لماذا يجب أن تركز إفريقيا على الأرض والطبيعة في COP30
تأثرت الزراعة في إفريقيا—العمود الفقري لمعظم اقتصادات القارة—بشدة بسبب الجفاف والفيضانات والأمطار غير المتوقعة.
ونتيجة لذلك، قد تخسر بعض الدول الإفريقية حوالي 1%-2% من ناتجها المحلي الإجمالي سنويًا.
يعتمد أكثر من نصف سكان إفريقيا على المحاصيل التي تروى بمياه الأمطار فقط، لذا تؤثر الظواهر الجوية المتطرفة على غالبية السكان بشكل مباشر.
وفي الوقت نفسه، تدهورت نحو نصف الأراضي القارية، ما يؤثر على إنتاجية الزراعة ومعيشة حوالي 500 مليون شخص.
تختفي النظم البيئية الغابية مثل حوض الكونغو والغابات الغينية وغابات الأراضي الجافة بسرعة، وهو ما يسبب أضرارًا كبيرة للمجتمعات التي تعتمد عليها للطعام والوقود والدخل.
إفريقيا تحتاج إلى التفاوض بصوت واحد على التمويل المناخي
يبقى التكيف مع التغير المناخي أولوية عاجلة لإفريقيا. والخبر الجيد أن الدول الإفريقية تطبق بالفعل إجراءات قائمة على الأرض لمواجهة التغير المناخي، من خلال توسيع الغابات الزراعية، واستعادة الأراضي الرطبة، وإدارة المراعي بطريقة مستدامة، ما يحسن صحة التربة ويزيد من تخزين الكربون في الأرض.
جعلت قمة إفريقيا الثانية للمناخ في سبتمبر 2025 التركيز القاري على الأرض رسميًا، حيث نص إعلان أديس أبابا على وضع الحلول القائمة على الأرض والطبيعة في صميم أجندة المناخ الإفريقية.
وهذه خطوة متقدمة مقارنة بإعلان قمة 2023، الذي أشار إلى الأرض بشكل عابر.
ما تحتاجه إفريقيا الآن هو التوحد والتركيز على ثلاثة مجالات رئيسية:
– إدارة المياه الذكية مناخيًا: تخطيط استخدام الأنهار والبحيرات والمياه الجوفية عبر الأحواض المائية لتوزيع الموارد بشكل عادل والتكيف مع الفيضانات والجفاف.
– الانتقال إلى اقتصاد بيولوجي دائري أخضر: إعادة استخدام النفايات الزراعية لخلق وظائف جديدة وحماية البيئة.
– زيادة الاستثمار في البحث والتكنولوجيا وأنظمة المعرفة لدعم الابتكار القائم على الأرض.
ماذا يجب أن تفعل إفريقيا في COP30
على إفريقيا الضغط جماعيًا لضمان تمويل المشاريع القائمة على الأرض بشكل كافٍ لتنفيذ مشاريع كبيرة، حيث أن 16% فقط من التمويل المناخي السنوي البالغ 44 مليار دولار لدعم إفريقيا يذهب حاليًا لمبادرات مرتبطة بالأرض والطبيعة.
يجب أن يطالب مفاوضو إفريقيا بتحويل الهدف العالمي للتكيف إلى التزام قانوني، لضمان حصول مشاريع التكيف المناخي على نفس الاهتمام الذي تحظى به إجراءات خفض الانبعاثات.
ويجب أن يصروا على وضع قواعد دولية تعترف رسميًا بالمشاريع التي تستخدم الغابات والتربة وغيرها من الطرق القائمة على الأرض لتقليل الكربون، ما يسمح بدخول إفريقيا أسواق الكربون وتحقيق عوائد مالية كبيرة، حيث قد تجلب هذه الأسواق أكثر من 6 مليارات دولار سنويًا بحلول 2030 وتوفر 30 مليون وظيفة خضراء وتساهم في إصلاح الأراضي المتدهورة.
أخيرًا، يجب أن يستثمر الحكومات والمستثمرون والشركاء التنمويون في الحلول الطبيعية في إفريقيا، مع ضمان وصول التمويل مباشرة إلى السكان المحليين والمزارعين الصغار لتوسيع ممارسات الزراعة المستدامة وإدارة الأراضي.
