مدينتك تبدو نظيفة.. لكن تقرير تلوث الهواء العالمي 2025 يكشف الحقيقة
تلوث الهواء يقتل بصمت.. 7.9 مليون وفاة سنويًا.. %99 من سكان العالم يتنفسون هواءً خطر
قد تبدو مدينتك نظيفة للعين المجردة، لكن تقرير تلوث الهواء العالمي لعام 2025 يرسم صورة مختلفة تمامًا.
فبحسب التقرير، أسهم تلوث الهواء في وفاة نحو 7.9 مليون شخص حول العالم، أي ما يعادل حالة وفاة واحدة من كل ثماني وفيات سنويًا.
ويستند التقرير، المعروف باسم «حالة الهواء العالمي 2025»، إلى بيانات ترصد التأثيرات الصحية لاستنشاق الهواء الملوث في مختلف مناطق العالم.
وقد قاد إعداد التقرير مايكل براور، عالم الصحة في معهد القياسات الصحية والتقييم بجامعة كولومبيا البريطانية، الذي تركز أبحاثه على العلاقة بين التعرض اليومي لتلوث الهواء وأنماط الأمراض والوفيات المبكرة عالميًا.
يعتمد التقرير على «عبء المرض العالمي»، وهو مشروع بحثي دولي يربط الأمراض بعوامل الخطر المشتركة، ويشير إلى أن تقييم عام 2023 يُعد الأكثر شمولًا منذ انطلاق المشروع عام 1993.
وعبر جميع الفئات العمرية، قدّر التقرير خسارة نحو 232 مليون سنة من سنوات الحياة الصحية بسبب تلوث الهواء خلال عام واحد. ويعود نحو 86% من هذا العبء إلى الأمراض غير المعدية، مثل أمراض القلب والسكتات الدماغية، وهي أمراض مزمنة تتفاقم بفعل التعرض طويل الأمد للهواء الملوث.
ويمثل مقياس «سنوات الحياة الصحية المفقودة» مزيجًا من سنوات العمر التي تُفقد بسبب الوفاة المبكرة، والسنوات التي يعيشها الأفراد مع المرض أو الإعاقة.
وبالنسبة لإدارات الصحة في المدن، يترجم هذا المقياس إلى زيادة في دخول المستشفيات، وارتفاع استهلاك الأدوية، وتغيب الطلاب عن المدارس، وعجز العاملين عن الاستمرار في وظائفهم.
كيف يضر تلوث الهواء بالجسم؟
يركز العلماء بشكل خاص على الجسيمات الدقيقة المعروفة باسم PM2.5، وهي جسيمات يقل قطرها عن 2.5 ميكرومتر، وقادرة على التغلغل عميقًا في الرئتين والوصول إلى مجرى الدم. وقد أسهم هذا النوع من التلوث وحده في نحو 4.9 مليون حالة وفاة خلال عام واحد.
ويرتبط التعرض طويل الأمد لـPM2.5 بزيادة مخاطر الإصابة بمرض القلب الإقفاري، الناتج عن انخفاض تدفق الدم إلى عضلة القلب، إضافة إلى السكتات الدماغية.
ومع استمرار تهيج الأوعية الدموية عامًا بعد عام، قد تؤدي هذه الحالات إلى آلام الصدر، والنوبات القلبية، والوفاة المفاجئة.
وتحدد إرشادات منظمة الصحة العالمية الحد الآمن للتعرض طويل الأمد لـPM2.5 عند 5 ميكروغرامات لكل متر مكعب من الهواء. إلا أن التقرير يقدّر أن نحو 99% من سكان العالم يتنفسون هواءً يتجاوز هذا الحد.
وعند استنشاق الهواء الملوث، يمكن للجسيمات الدقيقة الانتقال من الرئتين إلى الدم، لتصل إلى القلب والدماغ وأعضاء أخرى. ويربط التقرير هذا التعرض بنحو 626 ألف حالة وفاة مرتبطة بالخرف، إضافة إلى فقدان 11.6 مليون سنة من الوظائف الدماغية لدى كبار السن.
كيف تبدو مدينتك في هذه البيانات؟
يوفر التقرير خرائط تفصيلية تُقدّر مستويات التلوث في كل دولة والعديد من المدن حول العالم. ويتيح إدخال اسم أي مدينة في أداة إلكترونية عرض متوسط التلوث السنوي وعدد الوفيات المرتبطة به.
وتشير البيانات إلى أن الدول منخفضة ومتوسطة الدخل تتحمل نحو 90% من الوفيات الناتجة عن تلوث الهواء، نتيجة ارتفاع مستويات التلوث وضعف الوصول إلى الرعاية الصحية، خاصة لدى كبار السن والأطفال.
كما يعيش نحو ثلث سكان العالم في مناطق تتجاوز فيها مستويات PM2.5 حدًا انتقاليًا يبلغ 35 ميكروغرامًا لكل متر مكعب.
ويكشف التقرير أن حوالي 11% من سكان العالم يقيمون في دول لا تمتلك حتى الآن معايير وطنية لجودة الهواء.
ورغم نجاح العديد من المدن ذات الدخل المرتفع في خفض الضباب الدخاني، فإن متوسط مستويات التلوث فيها لا يزال أعلى من الحدود الصحية التي توصي بها منظمة الصحة العالمية، حتى وإن كانت أقل من الحدود القانونية المحلية.
تنظيف الهواء ممكن
يرتبط تلوث الهواء بأمراض مزمنة متعددة، تشمل أمراض القلب الإقفارية، والسكتات الدماغية، وسرطان الرئة، والسكري، والخرف، فضلًا عن مرض الانسداد الرئوي المزمن الذي يجعل التنفس صعبًا حتى في حالات الراحة.
وتؤكد عقود من الأدلة أن السياسات الصارمة قادرة على إحداث فرق حقيقي، إذ شهدت المدن التي تحولت إلى الوقود النظيف وخفضت الاعتماد على الفحم تراجعًا ملحوظًا في مستويات التلوث.
كما يمكن للأدوات التحليلية نفسها التي يستخدمها باحثو الصحة العامة تتبع تأثير شبكات النقل العام، والمناطق منخفضة الانبعاثات، وبرامج الطهي النظيف، وقياس التحسن الفعلي في جودة الهواء.
وعلى المستوى الفردي، يبدأ تقليل المخاطر بمتابعة مؤشر جودة الهواء المحلي، وهو مقياس يومي يوضح مستويات التلوث بألوان إرشادية.
وعند ارتفاع التلوث، يمكن لاختيارات بسيطة، مثل اختيار طرق أقل ازدحامًا أو استخدام كمامة محكمة، أن تقلل من التعرض.
وتكشف التقديرات الحديثة أن حتى المدن التي تبدو نظيفة قد تخفي هواءً غير صحي يحمل مخاطر صامتة، ما يساعد السكان وصناع القرار على فهم واقع مجتمعاتهم، وحجم التحسن المطلوب في جودة الهواء.
Tags)
لينك التقرير – هايبره
لينك الدراسة – هايبره





