تحديات وفرص تصنيع تقنيات الطاقة النظيفة.. سلاسل التوريد العمود الفقري
إعادة تقليل المخاطر في سلاسل توريد الطاقة النظيفة أمام الأزمات الجيوسياسية
يُعد إنتاج الطاقة، خاصة من حرق الفحم والنفط والغاز، المصدر الأكبر لانبعاثات الغازات الدفيئة، يتطلب خفض هذه الانبعاثات التحول من الوقود الأحفوري إلى مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
في مؤتمر COP28 بالمؤتمر في دبي ديسمبر 2023، اتفقت الدول على تسريع الطاقة المتجددة ثلاث مرات بحلول 2030 بهدف إزالة الكربون من نظم الطاقة وتحقيق صافي انبعاثات صفرية بحلول 2050.
هذا التحول يتطلب زيادة ضخمة في تصنيع ونشر تقنيات الطاقة النظيفة، من الألواح الشمسية والتوربينات الهوائية إلى البطاريات لتخزين الطاقة.
وتُعد سلاسل التوريد اللازمة لإنتاج هذه التقنيات جزءًا حيويًا، وغالبًا ما يُهمل في المناقشات حول التحول للطاقة النظيفة.
هل يمكن للطاقة النظيفة أن تحل محل الوقود الأحفوري في قطاع الكهرباء؟

نعم. هناك إجماع علمي على أن الطاقة المتجددة والمصادر النظيفة الأخرى، بما في ذلك الطاقة النووية، يجب أن تهيمن على أنظمة الطاقة في المستقبل لتحقيق أهداف المناخ العالمية.
وضعت وكالة الطاقة الدولية (IEA) سيناريو يتماشى مع صافي انبعاثات صفرية في قطاع الطاقة الكهربائية، والحد من الاحترار إلى 1.5 درجة مئوية، وفقًا لهذا السيناريو، ستغطي الطاقة المتجددة ثلثي الإمدادات العالمية من الطاقة، بما في ذلك النقل والتدفئة والاستخدام الصناعي، ونحو 90% من توليد الكهرباء بحلول 2050.
ويستلزم ذلك تقليل استخدام الطاقة عالميًا بنسبة 8% من خلال ترشيد الاستهلاك وتغيير السلوكيات في الدول الغنية، والتخلص التدريجي من الفحم، وخفض انبعاثات الغاز بنسبة 88% والنفط بنسبة 77%.
هناك مسارات بديلة للتحول إلى الطاقة المتجددة تعتمد على افتراضات مختلفة، مثل الحد من الاعتماد على التقنيات غير المثبتة وتحقيق خفض أكبر في الطلب على الطاقة، بعض العلماء يرون أن العالم يمكن أن يصل إلى نظام طاقة متجدد بالكامل بحلول 2050.

ومع ذلك، فإن هذه الرؤى ما زالت بعيدة عن الواقع الحالي، حيث يشكل الوقود الأحفوري نحو 80% من الإمدادات العالمية للطاقة، ويشكل ثلاثة أرباع الانبعاثات الكربونية، في الوقت نفسه، يشهد نمو مصادر الطاقة المتجددة، خاصة الشمسية والرياحية، تسارعًا كبيرًا.
تشير وكالة الطاقة الدولية إلى أن القدرة العالمية للطاقة المتجددة ستتضاعف 2.5 مرة بحلول 2030، وفي معظم المناطق تمثل الطاقة المتجددة الخيار الأرخص.
ومن المتوقع أن تصبح مصادر الطاقة المتجددة أكبر مصدر للكهرباء بحلول أوائل 2025. سيساعد الانتقال للكهرباء على نطاق واسع، بما في ذلك عبر السيارات الكهربائية ومضخات الحرارة، في خفض انبعاثات قطاع الطاقة.
ومع ذلك، فإن الطلب العالمي على الطاقة ينمو أسرع من اعتماد مصادر الطاقة النظيفة، ما يعني أن العالم لا يزال ينتج المزيد من الطاقة من الوقود الأحفوري، وتستمر الانبعاثات في النمو، وإن كان بوتيرة أبطأ.
وتتوقع الوكالة أن يصل الطلب على جميع أنواع الوقود الأحفوري إلى ذروته بحلول 2030، لكنه بحاجة للانخفاض بشكل كبير لتحقيق أهداف المناخ.
خطوات تصنيع تقنيات الطاقة النظيفة
تبدأ جميع تقنيات الطاقة النظيفة، من الألواح الشمسية والتوربينات الهوائية إلى البطاريات، بعملية تعدين المعادن والمعادن النادرة. ثم تتم معالجتها وتصنيع مكوناتها، وتجميعها، ونقلها إلى مواقع التركيب.
تمتلك هذه التقنيات عمرًا افتراضيًا محدودًا (20–25 عامًا للتوربينات الهوائية و25–30 عامًا للألواح الشمسية) وتتطلب التخلص منها بعد انتهاء العمر الافتراضي، إذا لم تُدار بشكل صحيح، فقد تشكل خطرًا بيئيًا، تظهر جهود متزايدة لإعادة تدوير المعادن والمكونات، كما هو الحال في بطاريات السيارات الكهربائية.

نمو سلاسل التوريد المطلوب لتحقيق أهداف المناخ
يجب توسيع كل مرحلة من مراحل سلاسل التوريد لتحقيق إزالة الكربون من الاقتصاد العالمي، تتطلب أنظمة الطاقة النظيفة مزيدًا من المعادن مقارنة بالأنظمة القائمة على الوقود الأحفوري.
وتقدر الوكالة الدولية للطاقة أنه لتحقيق صافي صفر انبعاثات عالميًا بحلول 2050، يلزم زيادة ستة أضعاف في توريد المعادن الحرجة بحلول 2040.
يجب توسيع التصنيع بسرعة. وإذا تحققت الخطط الحالية، فستكون قدرة تصنيع الألواح الشمسية كافية لتلبية الطلب بحلول 2030 وفق سيناريو الحد من الاحترار إلى 1.5 درجة مئوية، لكن هناك فجوات كبيرة في تصنيع التوربينات الهوائية.
تتطلب زيادة الطاقة المتجددة العالمية ثلاثة أضعاف عدد العاملين الحاليين، وتقدر الحاجة بحوالي 12 مليون عامل إضافي هذا العقد لتصنيع وتركيب الألواح الشمسية والتوربينات الهوائية ومضخات الحرارة والسيارات الكهربائية.
كما يجب زيادة القدرة التخزينية للطاقة ستة أضعاف بحلول 2030، مع مساهمة البطاريات بنسبة 90% من هذه الزيادة، وتوسيع خطوط نقل الكهرباء بنحو 2 مليون كيلومتر سنويًا.
هل تصنيع تقنيات الطاقة النظيفة أكثر تلويثًا من استمرار استخدام الوقود الأحفوري؟
على الرغم من الانبعاثات المرتبطة بالتعدين والتصنيع، تبقى الانبعاثات الكاملة للألواح الشمسية والتوربينات الهوائية والبطاريات أقل بكثير من تلك الناتجة عن الوقود الأحفوري، ومع ذلك، تظل سلاسل التوريد مصدر تلوث مهم، مثل إنتاج البوليسليكون في الصين باستخدام الفحم، ومعالجة المعادن في إندونيسيا عبر محطات الفحم.
ويمكن تخفيف الأضرار البيئية والاجتماعية من خلال التنظيم والمشاركة المجتمعية وإعادة التدوير وكفاءة استخدام الموارد.

ضعف سلاسل التوريد للطاقة النظيفة
تتركز سلاسل التوريد في مناطق محددة، ما يجعلها عرضة للصدمات الجيوسياسية والتجارية.
تسيطر جمهورية الكونغو على 70% من الكوبالت العالمي، وأستراليا على أكثر من نصف إنتاج الليثيوم، وإندونيسيا على 40% من النيكل.
تسيطر الصين على نحو 60% من عناصر الأرض النادرة، وحوالي 80% من مراحل إنتاج الألواح الشمسية، و80% من خلايا البطاريات، هذا التركيز يعرض السلاسل لتقلبات الأسواق والمخاطر الاقتصادية، ويزيد من احتمالية انتهاكات حقوق الإنسان وظروف العمل السيئة.
تحييد المخاطر في سلاسل التوريد العالمية
استثمرت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي في بناء قدرات تصنيع محلية وتأمين مصادر بديلة لتقليل الاعتماد على الصين.
ويشير مصطلح “تخفيف المخاطر” إلى هذه الاستراتيجية التنويعية بعيدًا عن الانفصال الاقتصادي الكامل.
وحسب دراسة لشركة Wood Mackenzie، سيكلف الوصول لصافي صفر انبعاثات بحلول 2050 نحو 20% أكثر، أي نحو 6 تريليونات دولار، بدون التوريدات منخفضة التكلفة من الصين.






I’ll be sharing this with a few friends.