نبات “الكسافا”.. أمل جديد لحل أزمة الخبز والغذاء.. ثالث مصدر للسعرات الحرارية عالمياً.. يحتوى على نسبة عالية من البروتين
أستاذ معهد البحوث الزراعية يوصي بزراعتها: يتحمل الملوحة وندرة المياه ومقاوم للتغيرات المناخية ومفيد للإنسان والحيوان

كتب : محمد كامل
يعتبر محصول الكسافا من المحاصيل الهامة اقتصاديا في بعض دول العالم، إلا أنه يعتبر من المحاصيل غير التقليدية في مصر حتى الآن، وتنتشر زراعته في العديد من الدول الأفريقية و الأسيوية، بالإضافة إلى بعض دول أمريكا الجنوبية، كما يعد نبات الكسافا ثالث أكبر مصدر للسعرات الحرارية في العالم.
وتوقعت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة ” الفاو”، أن يكون نبات الكسافا للقرن الحادي والعشرين في ظل الارتفاع الكبير في أسعار الحبوب خاصة القمح ، وإمكانية تحويله لدقيق عال الجودة.
حديد وكالسيوم وبروتين 25%
يوضح الدكتور زكريا فؤاد، أستاذ معهد البحوث الزراعية والبيولوجية بالمركز القومي للبحوث من خلال إعداد ورقة بحثية عن أهمية نبات الكسافا، وكيفية الاستعانة به جنبا ‘لى جنب مع محصول القمح، حيث يؤكد أن هذا المحصول يمكن الاستفادة من جذوره الغنية بالكربوهيدرات وأوراقه التي يصل محتواه من البروتين إلى 25 %، بالإضافة إلى احتوائه على عنصري الحديد والكلسيوم ، وفيتامين ” أ ” و ” ج “.
مقاوم للأمراض في الحيوانات
وأضاف د. زكريا، أن أجزاء الكسافا من الممكن استخدامها كعلف للحيوان، كما أن هناك العديد من الدراسات كشفت أن الماشية التي يتم تربيتها على نبات الكسافا تتمتع بمقاومة أكبر للأمراض، بالإضافة إلى انخفاض معدلات نفوقها، كما يمتلك هذا المحصول قدرات تحمل ومرونة عالية ضمن المحاصيل الأساسية الكبرى في أفريقيا، من المتوقع أن يكون من بين أقلها تضرراً جراء تغير المناخ وتستخدم أوراقه كخضار مثل السبانخ في غذاء الإنسان، وكذلك تستخدم الأوراق والدرنات في تغذية الحيوان، يزرع على نطاق واسع كمحصول سنوي في المناطق الأستوائية، والشبه أستوائية، وهي مصدر رئيسي للكربوهيدرات.
واستكمل د. زكريا، أن الكسافا من أهم المحاصيل التجارية التي تنجح زراعتها في المناطق الحارة، وذلك لسهولة زراعتها وعدم احتياجها إلى عناية كبيرة بعد الزراعة، وفي نفس الوقت تعطى محصولاً كبيراً من النشأ، يمكن استهلاكه في الأغراض المختلفة، كما تستخدم الكسافا بنسبة 65% للاستهلاك الأدمي، و21 % لتغذية الحيوان، و14% في صناعة النشأ، ويمكن أستخراج دقيق الكسافا أيضا.
واشار إلى أنه يمكن أن يسهم محصول ” الكاسافا” في تحقيق الأمن الغذائي بصورة كبيرة كما يعمل على سد الفجوة الغذائية في مصر بصورة جزئية عند إضافة دقيق الكسافا الى دقيق القمح بنسبة من 10 الى 20 %.

الكسافا مصدر للنشا
وتابع د. زكريا، ترجع أهمية محصول “الكاسافا لاحتوائة على كمية كبير من النشأ تفوق أي محصول نباتي آخر، حيث تحتوى الجذور على حوالي 25-30% نشأ الطازج، يصل إلى 3 أضعاف محتواه في البطاطس، تحتوى الأوراق على نسبة بروتين من 18-25%.
يستخدم كغذاء للإنسان، حيث يدخل في العديد من الصناعات، وتعتبر مصدر عالی ورخيص للسعرات الحرارية، حيث يدخل دقيق “الكاسافا” في صناعة الخبز بعد إحلاله جزيئا وخلطه بدقيق القمح.
ولفت د. زكريا الى أن مصر تستهلك سنويا مايقرب من 18 مليون طن من القمح، تنتج منها حوالى 8 ملايين طن وتستورد الباقي، مشيراً إلى أن الأزمة الأوكرانية الروسية، وارتفاع ثمن القمح، دعي ذلك إلي التفكير في الاعتماد علي بدائل القمح مثل الشعير والذرة، وبعض أنواع البطاطا والكسافا، وغيرها بالدمج، والخلط فيما بينها مع القمح، بنسب تختلف من محصول لأخر لتقليل الاستيراد وتوفير العملة الصعبة.
الأهمية الاقتصادية لمحصول الكسافا
أوضح د. زكريا تؤكل أوراق الكسافا الغضة والفروع الحديثة بعد طبخها كخضار، وتعتبر مصدر لبعض الفيتامينات والبروتين، كما ستخدم الدرنات الطازجة بعد تقشيرها بين الوجبات بشرط أن لا يزيد عمر هذه الدرنات عن بضع شهور . تستخدم الدرنات الجافة مباشرة كغذاء، إلا أنه يفضل معاملتها حتى تصبح ذات طعم مستساغ، سهل الهضم يجهز منها أطباق عديدة مطبوخة أو محمرة، وذلك بإضافة أي مصدر بروتيني لها حتى تصبح غذاء متوازن.

واشار الأستاذ بمركز البحوث إلى أهم الفوائد التجارية للكسافا، يستعمل النشأ الصادر منه في أغراض صناعية مختلفة في إنتاج أنواع البسكوت والحلوى والفواكة المعلبة والمربات، وصناعة المركب المعروف بأسم Monsodium glantamate كعامل لتتبيل اللحوم، والخضروات وأيضاً مركب الكرامل التجاري، وتحضير شربات الجلوكوز، والدكستروز صناعياً، وأهم مميزات الكسافا، هو إمكانية خلطها بدقيق القمح، وذلك بنسبة 10% إلى 20% لتكوين دقيق يصلح لصناعة الخبز .
زراعة الكسافا في البيئات الصحراوية
وأوضج د. زكريا، أن العديد من التجارب أثبتت نجاح زراعة الكسافا في البيئات الصحراوية بمصر، وقد تعطى محصولا جيداً، و بتكلفة قليلة نسبيا، وبالتالي يطالب بضرورة انتشار زراعتها كهدف قومی للمساهمة في سد الفجوة الغذائية من خلال الأحلال التدريجي و الجزئي، و الخلط بين دقيق الكسافا، ودقيق القمح في صناعة المخبوزات المختلفة، والذي يمكن أن يصل لأكثر من 20%، كما يمكن أن ينظر لمحصول الكسافا بعين الاعتبار كمنتج علف حيواني غير تقليدي، بديلا عن الذرة الصفراء، والتي يمكن أن توفر العملة الصعبة التي تستخدم في استيراد تلك الأعلاف.
صناعة شيبسي صحي
ودرنات الكسافا ايضا تستخدم أيضا في صناعة الشيبسي و يعد افضل صحيا، و أكثر قيمة غذائية واقتصادية من الشيبسي المصنع من درنات البطاطس، وتعتبر الكسافا مصدرا هاما في إنتاج الوقود الحيوي (الأيثانول)، والذي يمكن أن يساهم بشكل أو بآخر في تقليل الاعتماد على المصادر التقليدية للطاقة ذات الانبعاثات للغازات الدفيئة التي تسبب تلوثا كبيرا لكل مكونات المنظومة البيئية.
كما هناك نتائج لبعض الدراسات كشفت أن محصول الكسافا يتحمل الجفاف والملوحة، ويحتاج كميات قليلة من السماد وهو ما يجعله يزرع بنجاح في الأراضى الصحراوية، وحديثة الاستصلاح، بالإضافة إلى أهميته الاقتصادية الكبيرة التي تتمثل في احتواء أصنافه المختلفة على كميات وفيرة من النشا والدقيق .
وطالب د. زكريا بمساهمة القطاع الخاص الصناعي والتجاري في إنشاء مصانع لاستخراج النشأ، وإنتاج دقيق الكسافا في حالة زراعة مساحات كبيرة منه، وتكون الزراعة بالنظام التعاقدي،كما يحدث في محصول بنجر السكر، وذلك لتعويض النقص في الاكتفاء الذاتي من الدقيق الناتج من محصول القمح، وبالتالي يقل استيراد دقيق القمح، ويوفر موارد مالية كانت تنفق على استيراده وتوجيهها لدعم التنمية الزراعية الشاملة في المرحلة القادمة لمصر.
