«لقمة واحدة وكانت كافية للإدمان».. كيف تحارب الأسر حول العالم الأطعمة فائقة المعالجة
الوجبات السريعة تهزم الطعام الطازج.. قصص واقعية من خمس دول
تشكل الأطعمة فائقة المعالجة (UPFs) مشكلة عالمية متفاقمة، ورغم أن استهلاكها يعد الأعلى في الدول الغربية، حيث تمثل أكثر من نصف متوسط النظام الغذائي في بريطانيا والولايات المتحدة، فإنها باتت تحل محل الغذاء الطازج في كل قارات العالم.
هذا الشهر نُشر أكبر استعراض علمي عالمي في مجلة «لانسيت» حول المخاطر الصحية لهذه الأطعمة، محذرًا من أنها تعرض ملايين البشر لأضرار صحية طويلة المدى، وداعيًا إلى تحرك عاجل.
الأطفال المصابين بالسمنة يتجاوز عدد من يعانون نقص الوزن
وفي وقت سابق من هذا العام كشفت منظمة «يونيسيف» أن عدد الأطفال المصابين بالسمنة العالمي بات يتجاوز عدد الأطفال الذين يعانون من نقص الوزن لأول مرة في التاريخ، بسبب هيمنة الوجبات السريعة على الأنظمة الغذائية، مع ارتفاع حاد في الدول منخفضة ومتوسطة الدخل.
ويؤكد البروفيسور كارلوس مونتيرو، أستاذ التغذية الصحية العامة بجامعة ساو باولو، وأحد مؤلفي سلسلة «لانسيت»، أن الشركات التي تسعى للربح، وليس الخيارات الفردية، هي التي تدفع هذا التحول الغذائي الخطير.
بالنسبة للآباء، يبدو الأمر وكأن النظام الغذائي العالمي بأكمله يعمل ضدهم. تقول أم من الهند: «أحيانًا أشعر أننا لا نملك أي سيطرة على ما نضعه في طبق أطفالنا».
وقد تحدثنا مع خمس أسر من مناطق مختلفة حول العالم عن معاناتهم اليومية في توفير غذاء صحي لأطفالهم وسط طوفان الأطعمة فائقة المعالجة.
نيبال: تشتهي البسكويت والشوكولاتة والعصائر
تربية طفل في نيبال اليوم تشبه السباحة عكس التيار، خاصة حين يتعلق الأمر بالغذاء.
تقول مانيتا بياكوريل: «أطهو في المنزل قدر الإمكان، لكن بمجرد خروج ابنتي للشارع، تُحاصر بالوجبات الخفيفة ذات التغليف الجذاب والمشروبات السكرية».
وتضيف: «تشاهد إعلانًا واحدًا للبيتزا على التلفاز فتطالب فورًا بشرائها. في مدرستها يُقدم العصير المُحلّى كل ثلاثاء، وتتلقى البسكويت من أصدقائها في الحافلة، ولا تخلو أعياد الميلاد من الشوكولاتة».
وتوضح مانيتا، العاملة في تحالف الأمراض غير السارية في نيبال، أن البيانات الرسمية تعكس الواقع بدقة؛ إذ أظهر المسح الصحي لعام 2022 أن 69% من الأطفال بين 6 و23 شهرًا يتناولون أطعمة غير صحية، و43% يشربون مشروبات محلاة.
وتشير دراسات محلية إلى ارتفاع نسبة السمنة وتسوس الأسنان بين الأطفال بسبب الاستهلاك اليومي للأطعمة المصنعة، مطالبة بسياسات صارمة وتنظيم تسويق الغذاء للأطفال.
الطعام الدهني والمالح هو المفضل
تقول أرلين ويليامز-جاك، وهي معلمة تغذية وصحة: «قبل إعصار بيريل، كنا بالفعل نشهد انتشارًا متسارعًا لمطاعم الوجبات السريعة».
وتضيف أن الأوضاع تزداد سوءًا بعد الكوارث الطبيعية، حيث يصبح الطعام الصحي نادرًا ومكلفًا، ما يدفع الأهالي للاعتماد على الخيارات السريعة الأرخص.
وتخشى أن تؤدي هذه الظروف إلى ارتفاع أمراض السكري وارتفاع ضغط الدم بين الأطفال.

أوغندا: في كل مول وكل سوق
تحكي باتينس أكومو من كامبالا أن مطاعم الوجبات السريعة باتت رمزًا للاحتفالات والمكافآت المدرسية.
تقول: «أطفالي يظنون أن تناول الطعام في مطاعم مشهورة هو قمة الرفاهية».
وتضيف أنها تحاول جاهدًا مقاومة إغراءات المطاعم أثناء التسوق، مفضلة إعداد الطعام التقليدي في المنزل باستخدام الدجاج البلدي والخضراوات الطازجة.

الهند: نشعر أحيانًا أننا بلا سيطرة
تقول أموليّا راجابا: «الأطفال اليوم محاصرون بالأطعمة المصنعة في كل مكان، حتى عند صناديق الدفع في المتاجر».
وتفرض في منزلها قواعد تمنع السكر والمشروبات الغازية، لكنها تعترف أن الالتزام صعب مع كثرة المغريات.
كما تشير إلى أن البدائل الصحية غالبًا ما تكون باهظة الثمن، ما يشكل عبئًا إضافيًا على الأسر.

أموليا راجابا وابنتها إيباني، البالغة من العمر خمس سنوات
كينيا: لقمة واحدة وكانت كافية
يروي بيتر مويروري كيف تعرّف ابنه لأول مرة على النودلز سريعة التحضير من أصدقائه: «لقمة واحدة وكانت كافية ليُدمنها».
ويضيف أن ابنه حاول مرارًا إدخال هذه المنتجات إلى التسوق الأسبوعي خلسة.
ويشير إلى تحذيرات الأطباء من ارتباط الطعام غير الصحي بالإصابة المبكرة بمرض السكري من النوع الثاني، وما يسببه من مشكلات في النظر.
ورغم وفرة الخضراوات والدرنات في الأسواق المحلية، لا تزال معركة إقناع الأطفال بالغذاء الصحي مستمرة.
ويختتم قائلاً إن ابنه بدأ أخيرًا يدرك أن الطعام الصحي أكثر إشباعًا وفائدة.





