دراسة تحذر من إطلاق كارثي لغازات الدفيئة بسبب الاحتباس الحراري.. الاحترار السريع للأرض قد يؤدي لحدوث نقاط تحول في مناخنا

هل يمكن أن يؤدي الاحترار السريع للأرض إلى حدوث نقاط تحول في مناخنا؟ على مدى عقود، ناقش العلماء ما إذا كان الاحترار اليوم يمكن أن يضخم نفسه بقوة عن طريق التسبب في إطلاق كارثي لغازات الدفيئة.

يقدم بحث جديد، نُشر في Science Advances ، دليلًا على أن نقاط التحول هذه قد حدثت في تاريخ الأرض، أظهر الباحثون أن نقاط التحول تسببت في ثلاث فترات من الاحترار الشديد في الماضي البعيد، منذ ملايين السنين.

تحتوي الأرض على خزانات كبيرة تحت الأرض بكميات هائلة من الكربون المخزن، مثل رواسب النفط والغاز والفحم. إلى جانب الوقود الأحفوري، توجد أيضًا أنواع أخرى من الخزانات التي يتم تخزين الكربون فيها.

في روسيا وكندا يتم الاحتفاظ بكميات كبيرة من الكربون في التربة المتجمدة بشكل دائم، التربة الصقيعية.

في قاع المحيط، يتم تخزين ملايين الأطنان من الميثان في بنية تشبه الجليد ، تسمى هيدرات الميثان. طالما ظل هذا الكربون تحت الأرض أو متجمدًا ولا يدخل الغلاف الجوي مثل غازات الدفيئة ثاني أكسيد الكربون والميثان ، فلن يساهم في تغير المناخ.

إطلاق مفاجئ لكميات هائلة من غازات الدفيئة

ومع استمرار ارتفاع درجات الحرارة على الأرض، حذر العديد من علماء المناخ من أن هذه الخزانات قد تصبح غير مستقرة وتؤدي إلى نقطة تحول: إطلاق مفاجئ لكميات هائلة من غازات الدفيئة. مثل هذا الإطلاق الكارثي سيزيد بدوره من تغير المناخ بشدة. ظل وجود نقاط التحول المخفية في نظامنا المناخي موضع نقاش لسنوات عديدة. وقد قيل أيضًا أن نظام المناخ نفسه قوي وسيحول دون تجاوز نقاط التحول المناخية.

 مراحل الاحتباس الحراري السريع ونقاط التحول المناخية

يُظهر البحث الجديد الآن لأول مرة أن مراحل الاحتباس الحراري السريع في الماضي الجيولوجي، بين 56 و 52 مليون سنة، كانت ناجمة بالفعل عن نقاط التحول المناخية، كان من المعروف بالفعل أن كميات كبيرة من ثاني أكسيد الكربون والميثان انطلقت في الغلاف الجوي خلال هذه المراحل، مما أدى إلى تضخيم الاحترار. أدى هذا بدوره إلى زعزعة استقرار مكامن الكربون الأخرى، مما أدى إلى إطلاق المزيد من الكربون. ارتفعت درجات الحرارة العالمية أكثر من ذلك – وهذا سمح باستمرار التفاعل المتسلسل.

يوضح عالم الرياضيات شروتي سيتي، في جامعة Wageningen & Research والمؤلف الأول للورقة: يُظهر البحث، وهو تعاون رائع بين علماء الرياضيات وعلماء الأرض من جامعة Wageningen & Research وجامعة أوتريخت، أن متانة النظام المناخي انخفضت في الفترة الزمنية التي سبقت مراحل الاحترار الشديد، “هذا هو بالضبط ما تتوقع رؤيته إذا كان إطلاق الكربون ناتجًا عن نقطة تحول في دورة الكربون”.

تضيف مارجوت كراموينكيل، الأستاذة المساعدة في علوم الأرض في جامعة أوتريخت والمؤلف المشارك للورقة: “لم يسبق أن ظهر مثل هذا المؤشر القوي للتأثيرات التضخمية لنقاط التحول أثناء ارتفاعات الحرارة هذه،  والتي تعتبر أفضل نظائر لتغير المناخ الحديث في تاريخ الأرض”.

لم نصل أبدًا إلى نقاط التحول

كما يقول ستي “بعد عبور نقطة التحول، تنشأ حالة مستقرة جديدة لا رجوع فيها لفترة طويلة. من منظور مدى حياة الإنسان، يمكن وصف هذه التغييرات بأنها دائمة”.

ويوضح “هذا النوع من اللارجعة يمكن ملاحظته في الأنظمة الأصغر على المقاييس التي يمكننا فهمها، على سبيل المثال، في دارفازا في تركمانستان، تشكلت فوهة بركان تطلق دفقًا ثابتًا من الغازات السامة،كانت هذه حالة مستقرة جديدة لم نتمكن من عكسها، على الرغم من عدد لا يحصى من الغازات السامة، الجهود، الحفرة لا تزال موجودة ولا تزال تحترق بلا هوادة، ربما يكون النظام المناخي اليوم صعبًا للغاية، ولم نصل أبدًا إلى نقاط التحول، لا نعرف تمامًا حجم الخطر.

في الدراسة، نقدم أدلة على سرعة أحداث تغير المناخ الناجمة عن نقاط التحول هذه في الماضي البعيد وهذا يشير إلى أن نقاط التحول هي جزء من نظام الأرض”.

بينما أظهرت الدراسة، أن نقاط التحول موجودة في النظام المناخي- وأنه يمكن إطلاقها عندما ترتفع درجات الحرارة العالمية – لم يتمكن الباحثون من تحديد خزان الكربون الذي أصبح غير مستقر. ومع ذلك ، لا تزال خزانات الكربون التي لعبت على الأرجح دورًا مهمًا في مراحل الاحترار الشديد تشكل مخازن مهمة من غازات الاحتباس الحراري اليوم.

لهذا السبب، يحذر العلماء، من المهم معرفة كيفية حدوث أحداث الاحتباس الحراري التاريخية هذه، وتؤكد كراموينكل، أن “النظر إلى الماضي هو الطريقة الوحيدة لمعرفة كيف سيكون رد فعل نظام الأرض في النهاية”.

تابعنا على تطبيق نبض