نقص الأحماض الدهنية الأساسية يرفع مخاطر الالتهاب وأمراض القلب والولادة المبكرة
تقرير عالمي جديد يكشف فجوة كبيرة في استهلاك أحماض أوميجا-3 وتأثيرها على القلب والدماغ
تشكل الخيارات الغذائية اليومية تأثيرًا طويل الأمد على صحة الإنسان بشكل يفوق ما يدركه كثيرون. وتبرز أحماض أوميجا-3 الدهنية في قلب هذا التأثير، إذ تؤكد الأبحاث العالمية وجود فجوات واسعة في معدلات الحصول عليها عبر مختلف القارات، إلى جانب تزايد الاهتمام بالحلول العملية لتعويض هذا النقص.
ورغم اتفاق العلماء على أهمية الأحماض الدهنية طويلة السلسلة، ما زال كثير من الناس يجهلون القدر الكافي الذي يحتاجه الجسم منها.
ويؤكد المختصون أن وضوح الإرشادات قد يساعد الأسر والمجتمعات على بناء عادات غذائية أكثر استدامة.
وتم نشر الدراسة في دورية Nutrition Research Reviews.
لماذا تنخفض مستويات أوميجا-3؟
تشير تقارير عديدة إلى أن العديد من الدول تعاني انخفاضًا حادًا في مستويات حمضي EPA وDHA في مؤشرات الدم.
ويرتبط هذا الانخفاض بتراجع الحماية القلبية، وضعف الاحتياطي المعرفي، وارتفاع القابلية للإصابة بالالتهابات.
كما تواجه بعض المناطق تحديات إضافية تتعلق بندرة الأسماك، أو العادات الغذائية، أو المخاوف البيئية المرتبطة بالمصادر البحرية.
وتُظهر التحليلات العلمية تباينًا كبيرًا في الإرشادات الوطنية الخاصة بأوميجا-3؛ فبعض الجهات الصحية تحدد كميات دقيقة بالملليغرام، بينما تكتفي جهات أخرى بنصائح عامة تعتمد على حصص السمك.
وتقدّم دول عديدة إرشادات واضحة للبالغين، لكنها تترك الفئات العمرية الصغيرة وكبار السن دون أهداف محددة.
فوائد أوميجا-3 الصحية
تؤكد الدكتورة آبي كاوود، مديرة العلوم في شركة هولاند آند باريت وزميلة باحثة بجامعة ساوثهامبتون، أن فوائد أحماض EPA وDHA “أكبر من أن تُتجاهل”.
إذ يسهم EPA في استقرار نبضات القلب وصحة الأوعية الدموية، بينما يُعد DHA عنصرًا أساسيًا في تطور الدماغ. كما تدعم المستويات الجيدة من هذه الأحماض النمو البصري لدى الرضع، وتحسّن نتائج الحمل، وتعزز الأداء المعرفي لدى البالغين.
وتربط دراسات عديدة بين المستويات المرتفعة من أوميغا-3 وتحسن المزاج وانخفاض خطر الاكتئاب، إضافة إلى دورها في دعم المناعة والحد من الالتهابات المزمنة.
وتكشف أدلة متزايدة كذلك عن ارتباط هذه الأحماض بتقليل مخاطر الولادة المبكرة، وهو ما دفع إرشادات كثيرة للحمل إلى التركيز بشكل خاص على DHA.
إرشادات غير موحدة
يقول البروفيسور فيليب كالدير من جامعة ساوثهامبتون إن أوميغا-3 “ضرورية للصحة طوال مراحل الحياة”، لكنه يشدد على الحاجة لإرشادات واضحة تساعد الناس على معرفة الكمية المطلوبة.
وتختلف الجهات الصحية عالميًا في طرق تقديم النصائح؛ فبعضها يعتمد نسبًا من إجمالي الطاقة اليومية، بينما تستخدم جهات أخرى كميات ثابتة. وتقدّم دول محددة مستويات مختلفة للرجال والنساء، مقابل دول أخرى تعتمد فئة واحدة لجميع البالغين.
وتشير المراجعات العلمية إلى أن كثيرًا من الإرشادات تحدد 250 ملليغرامًا يوميًا من EPA و DHA للبالغين، مع إضافة 100 إلى 200 ملليجرام من DHA خلال الحمل. كما توصي بعض اللجان بجرعات أعلى لدعم صحة القلب أو تحسين المؤشرات الأيضية.
كيفية تحقيق الاحتياج اليومي
تعتمد التوصيات الشائعة للبالغين على الجمع بين EPA وDHA من مصادر بحرية، خصوصًا الأسماك الدهنية مثل السلمون والماكريل.
غير أن الكثير من الأسر لا تصل إلى المستويات المطلوبة بسبب التفضيلات الغذائية أو محدودية الإمدادات أو تكاليف الشراء.
لذا يتزايد الاهتمام بزيوت الطحالب، والأطعمة المدعمة، والخيارات البحرية المستدامة.
أما الحوامل، فيُوصى لهن بكميات إضافية لدعم نمو الدماغ والبصر لدى الجنين. وتحتاج المرضعات أيضًا إلى مستويات مناسبة لضمان تغذية الرضع.
بينما يركز كبار السن على فوائد أوميغا-3 لصحة القلب والبصر والحفاظ على الكتلة العضلية.
رفع المستويات عالميًا
يرى الخبراء أن توحيد الإرشادات عالميًا يمكن أن يحقق نتائج صحية أفضل.
وتساعد برامج التوعية على توضيح مصادر أوميجا-3 المتاحة للأسر، بما في ذلك الأسماك المستدامة، وزيوت الطحالب، والأطعمة المدعمة.
وقد تكون المكملات مفيدة عندما يصعب تحقيق الاحتياج الغذائي اليومي، خاصة خلال الحمل والرضاعة.
ويؤكد العلماء أن تعزيز الوعي يمثل خطوة أساسية نحو تحسين العادات الغذائية، والحد من الأعباء الصحية طويلة الأمد، ودعم رفاهية الأجيال المقبلة.





