كتب: محمد كامل
تُعد الجسيمات النانوية لأكسيد السيريوم من أكثر الجسيمات النانوية فاعلية كمضادات للالتهاب ومضادات للأكسدة، وعادةً ما يتم تحضيرها باستخدام طريقتين رئيسيتين: الطرق الفيزيائية والطرق الكيميائية. إلا أن الجسيمات الناتجة عن هذه الطرق التقليدية غالبًا ما تظهر درجة من السُمية، مما قد يقلل من فعاليتها التطبيقية، فضلًا عن أن استخدام المذيبات الكيميائية المختزِلة الضارة قد يشكل خطرًا على التنوع الحيوي والنظم البيئية.
توصل فريق من الباحثين بالمركز القومي للبحوث إلى إعداد دراسة بحثية باستخدام طريقة تحضير حيوية للجسيمات النانوية باستخدام النباتات، والمعروفة باسم “التخليق الأخضر”، والتي تعتمد على النباتات لحماية الكبد والجهاز العصبي. ويعد هذا نهجًا آمنًا وصديقًا للبيئة، ويعزز الاستدامة.
استعرضت الدكتورة سارة محمود حمدي بركة، باحثة بقسم كيمياء المركبات الطبيعية بمعهد بحوث الصناعات الصيدلية والدوائية، تفاصيل الدراسة، موضحة أن هذه الطريقة تتميز بسهولتها، وانخفاض تكلفتها، وصديقتها للبيئة، وخلوها من المواد السامة. حيث تحتوي المستخلصات النباتية على العديد من المركبات الحيوية الفعالة مثل الفيتامينات والبروتينات والكربوهيدرات والمركبات الفينولية، التي تعمل كعوامل اختزال فعالة أثناء تكوين الجسيمات النانوية.
وأوضحت الدكتورة سارة أن النبات المستخدم في الدراسة هو Carissa carandas، أحد أفراد الفصيلة الدفلية (Apocynaceae)، المعروف باسم الكاروندا، ويحتوي على العديد من المركبات الكيميائية النشطة مثل الفلافونويدات والتربينات والمركبات الفينولية البسيطة.
أظهرت الدراسة نجاح التخليق الحيوي للجسيمات النانوية لأكسيد السيريوم باستخدام الاختزال الأخضر المعتمد على مستخلص الأجزاء الهوائية لنبات الكاروندا. وبناءً على النتائج، تبين أن لهذه الجسيمات النانوية تأثيرات واقية للكبد والجهاز العصبي ضد التأثيرات التنكسية للاعتلال الدماغي الكبدي في فئران التجارب.
ويُعزى هذا التأثير الوقائي إلى قدرة الجسيمات النانوية لأكسيد السيريوم على الحفاظ على وظائف الكبد والحد من التأثيرات العصبية التنكسية الناتجة عن فرط الأمونيا في الدم. وبفضل خصائصها القوية المضادة للأكسدة والالتهاب والموت الخلوي المبرمج، تُعد هذه الجسيمات مرشحًا واعدًا لعلاج الأمراض العصبية التنكسية.
وأوصت الدراسة بإجراء مزيد من الأبحاث لاستكشاف الآليات الجزيئية الأخرى المحتملة وتعزيز الفهم الشامل للتأثيرات العلاجية لهذه الجسيمات النانوية.
وأكد الباحثون أن هذه النتائج تفتح آفاقًا واعدة لتطوير علاجات نانوية جديدة قائمة على النباتات الطبية، يمكن أن تُستخدم مستقبلًا في الوقاية من أمراض الكبد وعلاجها، والحد من المضاعفات العصبية المرتبطة بها. وشدد الفريق البحثي على أهمية استكمال هذه النتائج بإجراء المزيد من الدراسات المعملية والتجارب السريرية للتحقق من فاعلية هذه الجسيمات في الوقاية أو العلاج لدى البشر.
