أهم الموضوعاتأخبارتغير المناخ

صرخات من أفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية: نحن من يدفع ثمن انبعاثات الأغنياء

باكستان والسودان وفلسطين توحدها المعاناة من الكوارث المناخية.. والرسالة من بيليم: “لن نصمت بعد الآن”

في وقتٍ يتراجع فيه الشمال الصناعي عن التزاماته المناخية، ينهض الجنوب العالمي متحديًا الصعاب، ليقدّم للعالم نموذجًا في الشجاعة والمسؤولية مع انطلاق مؤتمر المناخ «كوب 30» في مدينة بيليم البرازيلية.

فمن شهادات دامية عن كوارث الطقس والنزاعات المرتبطة بالجفاف، إلى خطط مناخية طموحة رغم الفقر والأزمات، أظهرت الدول النامية استعدادًا حقيقيًا لمواجهة الأزمة، بينما تخلّفت بعض أغنى دول العالم عن تقديم مساهماتها المحدّثة المعروفة باسم «المساهمات المحددة وطنيًا» (NDCs).

106 دولة من 194 تقدم تحديثاتها المناخية

وحتى مطلع نوفمبر، لم تُقدّم سوى 106 دول من أصل 194 موقّعة على اتفاق باريس تحديثاتها المناخية، بانخفاض الثلث مقارنة بمؤتمر «كوب 26» عام 2021. وأكثر من نصف هذه الدول من الجنوب العالمي، في حين غابت خمس دول من مجموعة العشرين، من بينها روسيا والأرجنتين وكوريا الجنوبية وتركيا والسعودية، وفق سجل الأمم المتحدة الأخير.

عدد قادة الدول المشاركين تراجع أيضًا، إذ وقّع 44 فقط على «إعلان بيليم» الذي حذر من أن تغيّر المناخ وفقدان التنوع البيولوجي يفاقمان الجوع والفقر وانعدام الأمن الغذائي.

تظل مؤتمرات المناخ السنوية الآلية الوحيدة المتاحة لإدارة مستقبل الكوكب

الكبار الثلاثة في الانبعاثات  غاب رؤساؤهم عن القمة

أما الكبار الثلاثة في الانبعاثات – الصين والولايات المتحدة والهند – فقد غاب رؤساؤهم عن القمة، مكتفين بممثلين رسميين، ما جنّبهم الاستماع إلى الشهادات المفجعة التي قدمها ممثلو الدول الفقيرة المتضررة.

قال وزير المناخ في توفالو، ماينا فاكافوا تالياً، إن انسحاب الولايات المتحدة من اتفاق باريس وإنكار الرئيس ترامب للعلم المناخي «يمثل ازدراءً مخزيًا لبقية العالم».

تجاهل قضية الجوع وسوء تغذية الأطفال في سياق التغير المناخي
تجاهل قضية الجوع وسوء تغذية الأطفال في سياق التغير المناخي

وأضاف أن الأعاصير الأخيرة، مثل «ميليسا» في الكاريبي و«تينو» في الفلبين، تجسد خطورة الاحترار المتزايد للمحيطات.

مطالب بتفعيل صندوق الخسائر والأضرار بمليارات الدولارات لا بالملايين

وفي باكستان، وصفت أمينة المناخ عائشة حميرة الأزمة بأنها «أكبر انتهاك لحقوق الإنسان في عصرنا». وأشارت إلى أن الفيضانات المدمّرة في عامي 2022 و2025 أغرقت ثلث البلاد وألحقت أضرارًا تتجاوز 30 مليار دولار، محذّرة من تسارع ذوبان 13 ألف نهر جليدي في جبال باكستان، وقالت: «نحن لا نعيش دورة كوارث، بل سلسلة متصاعدة من الانهيارات».

وطالبت حميرة الدول الغنية بالوفاء بتعهداتها المالية: «من الخطوط الأمامية للأزمة نطالب بتفعيل صندوق الخسائر والأضرار بمليارات الدولارات، لا بالملايين».

وفي مشهد لا يقل مأساوية، تحدث السفير السوداني أحمد التجاني محمد صور عن حلقة جحيمية من الحرارة المرتفعة والجفاف والفيضانات والنزاعات المسلحة التي تستنزف موارد الدولة، مشددًا على أن السودان رغم كل ذلك ماضٍ في تنفيذ التزاماته الزراعية والطاقوية والمائية ضمن اتفاق باريس.

مؤتمر COP30 في بيلم، البرازيل
افتتاح مؤتمر COP30 في بيلم، البرازيل

أما سفير فلسطين إبراهيم الزبن، فربط بين الاحتلال الإسرائيلي المستمر منذ 58 عامًا والكوارث البيئية التي تفاقمت بسبب الحرب الأخيرة، مؤكدًا أن «العدوان دمّر البنية التحتية للمياه والصرف الصحي وهدد الصحة العامة».

ورغم ذلك، قال إن فلسطين تواصل تطوير خططها المناخية وتحسين الشفافية والاستدامة، داعيًا إلى «تضامن عالمي يحقق العدالة المناخية».

الاحتلال يتعمد تكثيف القصف لدفع مزيد من الناس للنزوح القسري

وأضاف الزبن: «رسالتنا من هذا المنبر هي رسالة أمل وصمود وتصميم على المساهمة في مستقبل عادل ومستدام وسلمي وحُرّ، لشعبنا وللكوكب بأسره».

مشهد من قاعة افتتاح مؤتمر المناخ كوب 30 في مدينة بيليم البرازيلية،

الحلول لا تزال ممكنة عبر التضامن السياسي والتمويل العادل

ورغم ضعف الحضور الغربي، أكدت دول الجنوب، ومعها البرازيل – الدولة المضيفة – أن الحلول لا تزال ممكنة عبر التضامن السياسي والتمويل العادل.

فقد أطلقت البرازيل وأذربيجان في 5 نوفمبر «خريطة طريق باكو-بيليم» لجمع 1.3 تريليون دولار لدعم الدول الفقيرة في مواجهة آثار المناخ، أي أقل من 1% من أموال صناديق التقاعد وشركات التأمين في العالم.

لكن الفجوة لا تزال واسعة بين التعهدات والتنفيذ، فيما تواصل مؤسسات مالية كبرى تمويل الوقود الأحفوري بمليارات الدولارات. ويرى مراقبون أن إحراز تقدم في ملف التمويل سيكون مفتاح نجاح المؤتمر.

أما وسائل الإعلام الغربية، فحمّلت ضعف المشاركة في «بيليم» لعوامل لوجستية وأسعار الإقامة، متجاهلة أن السبب الأعمق هو تراجع التزام الدول الغنية تجاه الجنوب الذي طالما استغلّته، واليوم يتركه يواجه وحده الكارثة التي صنعها الشمال.

تابعنا على تطبيق نبض

مقالات ذات صلة

هذا الموقع يستخدم خدمة أكيسميت للتقليل من البريد المزعجة. اعرف المزيد عن كيفية التعامل مع بيانات التعليقات الخاصة بك processed.

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من المستقبل الاخضر

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading