تأخير الوصول إلى صافي الصفر يزيد حرارة موجات الحر لعقود قادمة
دراسة تحذر: حرارة موجات الحر لن تعود إلى مستويات ما قبل الصناعة لألف عام بعد صافي الصفر
تشير دراسة حديثة أجراها مركز ARC للتميز في الطقس للقرن 21 بالتعاون مع الوكالة الوطنية للعلوم الأسترالية (CSIRO) إلى أن موجات الحر ستصبح أكثر حرارةً، وأكثر طولًا، وأكثر تكرارًا كلما تأخر العالم في الوصول إلى صافي الصفر للانبعاثات الكربونية.
وقد أظهرت المحاكاة أن التأخير حتى عام 2050 سيؤدي إلى تسجيل درجات حرارة قياسية سنويًا في المناطق القريبة من خط الاستواء، مهددةً صحة السكان والنظم البيئية والبنية التحتية.
آلاف السنين من الحرارة المرتفعة
الدراسة، المنشورة في Environmental Research Climate، توضح أن آثار التأخير ليست قصيرة الأمد. بحسب النتائج، فإن موجات الحر لن تعود إلى مستويات ما قبل الثورة الصناعية لأكثر من ألف عام بعد الوصول إلى صافي الصفر، مما يضع ضغوطًا غير مسبوقة على الأجيال القادمة.
هذه المدة الطويلة تشير إلى أن الاحتباس الحراري المدخل بالفعل في النظام المناخي العالمي سيستمر في التأثير على الطقس والأحياء البرية والمجتمعات البشرية لفترات طويلة جدًا.
البروفيسورة سارة بيركنز-كيركباتريك، الباحثة الرئيسية في الدراسة، قالت:
“المشكلة مع صافي الصفر وموجات الحر هي أننا محكوم علينا إذا اتخذنا خطوات، وسنكون في مأزق كامل إذا لم نفعل. نحن بالفعل ملتزمون بمستوى معين من الاحتباس الحراري.”
وأكدت أن حتى الالتزام بتثبيت الاحترار عند 1.5 أو 2 درجة مئوية سيترتب عليه آثار غير مسبوقة، تشمل موجات حر أكثر شدة وتأثيرات على صحة الإنسان، النظم البيئية، والزراعة.
وأضافت: “كل خمس سنوات تأخير في صافي الصفر تزيد وطأة هذه الأزمات. نحن أمام مفترق طرق: إما التحرك الآن أو مواجهة عواقب أسوأ بكثير.”
التكيف أم التأجيل؟
في الوقت ذاته، تشير الدراسة إلى أن هناك فرصة للتحضير والاستجابة لهذه الأحداث المناخية الشديدة. فهم التأثيرات الصحية، الاقتصادية، والبيئية لموجات الحر يتيح وضع استراتيجيات للتكيف.
لكن طبيعة هذه الاستراتيجيات، سواء كانت على مستوى المدن، الزراعة، أو الخدمات المالية، لا تزال بحاجة إلى تحديد وبدء تنفيذها على الفور.
تم تعريف موجة الحر في الدراسة على أنها ثلاثة أيام متتالية على الأقل تكون فيها درجات الحرارة أعلى من النسبة المئوية 90 لأقصى درجة حرارة، واعتمدت المحاكاة على نموذج Access الأسترالي للمناخ العالمي.
آراء علمية إضافية
البروفيسور ديفيد كارولي، عالم تغيّر المناخ وعضو مجلس المناخ الأسترالي، قال إن النتائج ليست مفاجئة، نظرًا للعلاقة الواضحة بين الانبعاثات الكربونية التراكمية ودرجات الحرارة العالمية.
وأضاف أن هناك بعض الشكوك المتعلقة بدقة المحاكاة، خصوصًا فيما يتعلق بتغيرات هطول الأمطار، لأن تمثيل الجغرافيا في نموذج Access أقل دقة مقارنة بمحاكيات عالمية أخرى، لكنه أكد أن الاتجاه العام للنتائج موثوق علميًا.
العواقب الاقتصادية والاجتماعية
التأخير في صافي الصفر لن يؤدي فقط إلى زيادة شدة موجات الحر، بل سيضاعف تكلفة التعامل مع الكوارث المناخية، ويؤثر على الزراعة، الطاقة، والمياه، ويضعف استقرار المجتمعات، خصوصًا في الدول القريبة من خط الاستواء التي ستشهد زيادة غير مسبوقة في الموجات الحرارية.
البروفيسورة بيركنز-كيركباتريك شددت على أن السياسات قصيرة النظر، التي ترفض صافي الصفر بحجة التكاليف الاقتصادية، ستؤدي في الواقع إلى خسائر أكبر بكثير في المستقبل.
وقالت:
“الخطوة الذكية هي الاستثمار في التحول الآن، لأن التأجيل سيكلفنا حياة الناس، الصحة العامة، والاقتصاد العالمي أكثر بكثير.”
