الحرارة والرطوبة تهدد صحة الأطفال قبل الولادة بأربع أضعاف الحرارة وحدها

أظهرت دراسة حديثة من جامعة كاليفورنيا في سانتا باربرا أن التعرض لأجواء حارة ورطبة أثناء الحمل يشكل خطرًا أكبر على صحة الأطفال من الحرارة وحدها. ونشرت الدراسة في مجلة Science Advances، موضحة أن الرطوبة تزيد من تأثير الحرارة على الأمهات الحوامل، مانعة الجسم من تبريد نفسه بشكل طبيعي، ما يؤدي إلى إجهاد حراري شديد وتأثيرات طويلة المدى على نمو الجنين.

وقالت كاتي مكماهون، الباحثة الرئيسية: “الحرارة وحدها لا تمثل كل الخطر؛ فالرطوبة تمنع الجسم من التبريد عبر التعرق، ما يزيد الضغط على الأم والجنين، خصوصًا في المناطق الحارة والرطبة على ضفاف الأنهار والسواحل.”

قياس الإجهاد الحراري: WBGT مقابل الحرارة التقليدية

اعتمد الباحثون على مؤشر درجة حرارة الكرة الرطبة (WBGT)، الذي يدمج أربعة عوامل تؤثر على الإجهاد الحراري: درجة الحرارة، الرطوبة، الإشعاع الشمسي، وتدفق الهواء.

وأظهرت النتائج أن التعرض لدرجات حرارة فوق 35° مئوية مع رطوبة عالية يزيد من احتمالية انخفاض طول الأطفال مقارنةً بأقرانهم بنسبة تصل إلى 13%، مقابل انخفاض بنسبة 1% عند التعرض للحرارة وحدها.

الفترات الأكثر حساسية أثناء الحمل

أظهرت الدراسة أن الثلث الأول والثالث من الحمل يمثلان أعلى مستويات الخطورة. في بداية الحمل، يكون الجنين أكثر هشاشة، بينما في النهاية تكون الأم أكثر عرضة للإجهاد الحراري، مما قد يؤدي إلى الولادة المبكرة وتأخر النمو. كما أشار الباحثون إلى أن التعرض قبل الحمل مباشرة يمكن أن يكون أيضًا حرجًا، رغم أن المرأة قد لا تعرف أنها حامل بعد.

تداعيات واسعة المدى: الصحة العامة والاقتصاد

وفق تقديرات الباحثين، قد يعاني حوالي 3.5 مليون طفل في جنوب آسيا من تراجع النمو إذا تعرضت أمهاتهم لظروف الحرارة والرطوبة المتوقعة بحلول 2050 في سيناريو الانبعاثات العالية، حتى مع محدودية ارتفاع الحرارة إلى 2° مئوية فوق مستويات ما قبل الصناعة.

وأكدت كاتي مكماهون أن التركيز على الوفيات وحدها يقلل من حجم المشكلة، لأن الضرر الصحي يمتد إلى فئات كبيرة من السكان ويؤثر على القدرات الاقتصادية والاجتماعية، ما يخلق دورة من الفقر والصحة الضعيفة تمتد عبر الأجيال.

استراتيجيات الوقاية والتكيف

تشمل التدابير المقترحة حملات التوعية للأمهات الحوامل، وتطوير نظم إنذار مبكر لموجات الحر، خاصة في المناطق الساحلية والمناطق المزدحمة بالسكان. كما يعمل فريق الباحثين على مشاريع للتنبؤ بالحرارة الشديدة في مخيمات اللاجئين في كينيا، والاستفادة من الذكاء الاصطناعي لتحسين التوقعات الجوية وتوجيه التدخلات الصحية في الوقت المناسب.

وأضافت الباحثة: “حتى إجراءات بسيطة، مثل تحسين الوعي بالحرارة والرطوبة وتأمين أماكن باردة للأمهات الحوامل، يمكن أن تحدث فارقًا كبيرًا في صحة الأطفال على المدى الطويل.”