الانقسام حول إنهاء الوقود الأحفوري.. هل ينجح رئيس Cop30 في ردم الهوّة؟
رئيس Cop30: التمويل هو مفتاح حل الخلاف العالمي حول مستقبل النفط والفحم ويمكن تجاوز الانقسام
في لحظة حاسمة من عمر مفاوضات المناخ العالمية، بدا واضحًا أن قدرة مؤتمر المناخ في بلِيم – Cop30 – على تحقيق اختراق تاريخي باتت رهينة المسافة الفاصلة بين رؤيتين متنافرتين: دول تطالب بخارطة طريق واضحة للتخلص التدريجي من الوقود الأحفوري، ودول أخرى ترى في ذلك تهديدًا مباشرًا لاقتصاداتها ومكانتها في سوق الطاقة العالمي.
لكن وسط التوتر والضغوط والتباينات العميقة، يؤكد أندريه كورّيا دو لاغو، الدبلوماسي البرازيلي المخضرم ورئيس المؤتمر، أن هذه الهوّة قابلة للردم إذا تحلّت الدول بالشجاعة للاعتراف بتحولات الطاقة الجارية عالميًا، وباحتياجات الدول النامية العاجلة للتمويل والدعم التكنولوجي.
اعترافات صعبة تنتظر الدول المنتجة للنفط
يرى دو لاجو، أن الدول المصدّرة للنفط مطالَبة اليوم بمواجهة حقيقة لم تعد قابلة للإنكار:
الطاقة النظيفة ترتفع، والطلب على النفط سيتراجع مدفوعًا بالتحول العالمي نحو السيارات الكهربائية وتراجع الاعتماد على البنزين والديزل.
المعادلة الاقتصادية نفسها باتت تشير إلى أن “عصر النفط” يتغيّر، سواء اعترفت به الدول أو قاومته.
لكن الدبلوماسي البرازيلي يشير إلى أن المسؤولية ليست على المنتجين وحدهم؛ فبعض الدول المستهلكة للوقود الأحفوري هي الأخرى تعارض الخروج التدريجي لأنها ترى الفحم أو النفط جزءًا أساسيًا من أمنها الطاقي لسنوات مقبلة.

التمويل: العقدة التي تُمسك بخيط الحل
ورغم أن الانقسام حول الوقود الأحفوري يتصدر المشهد، يصرّ دو لاغو على أن التمويل هو المفتاح الحقيقي للوصول إلى تسوية.
فالدول النامية، كما يقول، ترى أن الدول الغنية “قادرة على أن تكون أكثر سخاء”، وأن الانتقال العادل يتطلّب تعهدات مالية أقوى، ليس بالضرورة على شكل مبالغ إضافية، بل من خلال:
– تعظيم الرافعة المالية من كل دولار متاح.
– توجيه المزيد من الأموال العامة إلى صناديق مثل صندوق المناخ الأخضر ومرفق البيئة العالمي.
– استخدام أدوات مبتكرة مثل مقايضات الديون مقابل حماية الطبيعة.
دو لاجو يلخّص الأمر بوضوح: “لا تحتاج الدول النامية إلى مزيد من الوعود، بل إلى التزامات أكثر ذكاءً تخلق تأثيرًا مضاعفًا.”

مطلب الـ80 دولة ومأزق الإجماع
أكثر من 80 دولة طالبت بخارطة طريق واضحة للانتقال بعيدًا عن الوقود الأحفوري، في ما اعتبره نشطاء المناخ “نقطة تحول تاريخية”.
لكن نظام عمل مؤتمرات المناخ، الذي يشترط الإجماع الكامل، يجعل حفنة من الدول قادرة على إسقاط المقترح برمّته، وعلى رأسها:
– السعودية،
– وبعض الدول المنتجة للنفط،
– وعدد من الدول التي تعتمد على الفحم.
دو لاغو يرى أن الانقسام ليس ثنائيًا كما يبدو، بل هو “تضارب داخلي” داخل كل دولة، بين مصالح اقتصادية ضاغطة وحاجة بيئية ملحّة تفرضها أزمة المناخ.

البرازيل: نموذج التناقضات والإمكانات
يستشهد رئيس المؤتمر بدور البرازيل نفسها كنموذج حيّ للتناقضات العالمية:
– منتج ومصدّر صاعد للنفط والغاز،
– وفي الوقت ذاته رائد عالمي في الطاقة المتجددة.
– تمتلك أكبر غابات مطرية استوائية في العالم،
– وتملك كذلك واحدًا من أكبر قطاعات الثروة الحيوانية المسبِّبة لانبعاثات قوية.
هذا “التناقض البنّاء” – على حد وصفه – قد يمنح البرازيل القدرة على جمع الأطراف المتصارعة، لأنها “تفهم تحديات الثراء كما تفهم تحديات الفقر”.
عودة الرئيس لولا دا سيلفا إلى بلِيم تهدف تحديدًا إلى تقريب وجهات النظر، عبر الاستماع لكل دولة ومحاولة بناء مسار مشترك لا يُفرض من أعلى.

منطق جديد للمفاوضات: التركيز على التنفيذ بدل الصياغات
يشدّد دو لاجو على أن مرحلة الجدل حول الكلمات والتعريفات قد استُنزفت، وأن العالم بات بحاجة إلى:
– خطط تنفيذية واضحة
– تحركات فورية قابلة للقياس
– تحالفات من “الدول الراغبة” لا تنتظر موافقة الجميع
فوتيرة تغيّر المناخ – كما يصفها – “لم تعد تتماشى مع بطء المفاوضات الدولية”، ما يتطلب نماذج أكثر ديناميكية تسمح للدول المتقدمة بالتحرك سريعًا.





