ملفات خاصةأخبارتغير المناخ

تغير المناخ يغير ملامح واحة الأزرق في الأردن.. وانخفاض خطير في مستوى المياه الجوفية وجفاف الأراضي

مطالب للحكومة الأردنية بمد يد التطوير والتنمية لأكبر حوض مائي في المملكة

محمية الأزرق- كتب: د. أحمد محمود الشريدة

في ظل الموجات والاهتزازات الارتدادية التي طالت أغلب المنطقة منذ الزلزال المدمر الذي أودى بعشرات الآلاف من الضحايا في تركيا وشمال سوريا، أخرها كان اليوم 25 فبراير زلزالا بقوة 5.5 درجة ضرب وسط تركيا، وما يثار يوميا عن توقعات بحدوث زلزال مدمر للمنطقة، هناك حالة من السكون في المنطقة وخاصة واحة الأزرق في قلب الصحراء الشرقية الأردنية.

وقد قام عدد من الجيولوجيين والنشطاء البيئيين في الأردن بجولة في واحة الأزرق بينهم محمد، المحاضر الأكاديمي، وأحمد بن ياسين أبو عرفات الناشط البيىئي، وخالد السباعي الناشط البيئي والاجتماعي، وكشفوا التأثير السلبي الكبير لتغير المناخ في محميه الأزرق المائية في بلده الأزرق الجنوبي.

وكشفت الجولة عن تأثير الاحتباس الحراري على الواقع البيئي لواحه الأزرق التي كانت في يوما من الأيام واحة غناء وسط صحراء قاحله؛ وكانت تتميز سابقا بمائها العذب، والمياه المعدنية، تلك البقعة التي تنعم بالآثار والمناطق السياحية، أهمها محمية الأزرق للأراضي الرطبة، والتي تعد محطة استراحة للطيور المهاجرة من دول أوروبا، إذ تمر أسراب الطيور المختلفة في أثناء هجرتها وتستريح فيها.

فبسبب سحب المياه في نهاية القرن الماضي من الواحة إلى المدن الأردنية، ومن خلال الضخ الجائر واستنزاف الطبقات الهيدروجية، الأمر الذي أدى إلى انخفاض مستوى منسوب المياه الجوفية في حوض الأزرق إلى درجة كبيرة وخطيرة.

كما أن تذبذب سقوط الأمطار عبر المواسم السابقة، بل انعدامها كما في هذا الموسم؛ أدى إلى جفاف الأراضي القابلة للزراعة، وعدم زراعتها، والاستفادة منها، إضافة إلى عدم نمو الأعشاب والحشائش التي يستفيد منها أصحاب الثروة الحيوانية في المنطقة؛ بجانب جفاف الأشجار المثمرة والحرجية على حد سواء.

واحة الأزرق كانت ضمن 100 أفضل موقع مستدام في العالم

التنوع الحيوي

كانت منطقة الأزرق قديما غنية بالتنوع الحيوي، حيث كانت توفر موطن طبيعي للعديد من الكائنات البرية والمائية مثل سمك السرحاني، وغنية بمياهها العذبة حتى بداية الثمانينات قبل الضخ الجائر الذي استمر لعقود؛ مما أدى إلى جفاف مساحات واسعة من الأراضي الرطبة، نقصان أعداد الطيور التي تتوقف في الأزرق خلال هجرتها، وكما أصبح سمك السرحاني مهدداً بالإنقراض.

ففي العام 1981 بدأ مستوى الماء بالهبوط إلى أن وصل لمستويات متدنية جداً حتى عام 1992 حيث جفت الينابيع الرئيسة التي كانت تغذي هذه الأراضي ووصل عمق المياه لأثني عشر متراً تحت سطح الأرض الأمر الذي أدى إلى تضاؤل كميات المياه بشكل كبير، لتصل إلى ما نسبته 0.04% من المنطقة التي كانت تغطيها في السابق.

تاريخ يرجع للعصر الحجري

تتمتع واحة الأزرق بتاريخ طويل يبدأ في العصر الحجري القديم، وثقت مواقع عديدة من العصر الحجري القديم في محمية الأراضي الرطبة بالأزرق، خلال فترة فوق العصر الحجري القديم كانت الواحة أيضًا محوراً مهمًا للتسوية.
وتشير الأدوات الصوانية التي عثر عليها في عدة مواقع إلى أنّ واحة الازرق كانت قد سكنت في العصر الحجري القديم قبل عشرات الآلاف من السنين.

ولطالما كان الأزرق مستوطنة مهمة في منطقة صحراوية نائية وقاحلة في الأردن، وتندرج القيمة الإستراتيجية للمدينة وقلعتها (قصر الأزرق) في أنها تقع في وسط واحة الأزرق، وهي المصدر الدائم الوحيد للمياه العذبة في الأردن لوجود الحوض المائي الكبير والذي تبلغ مساحته 12700 كم2.

قصر الأزرق

محاولة إنقاذ للأراضي الرطبة

بدأت الجمعية الملكية لحماية الطبيعة عام 1994 بعملية انقاذ للأراضي الرطبة وبمساعدة دولية بحيث استطاعت استرجاع جزء كبير منها ورفع نسبة المياه المنخفضة 10 %، لكن للأسف لم يتم تحقيق الهدف بشكل جيد بسبب الضخ المستمر، ونقص القوة البشرية، ورغم ذلك قامت الجمعية في العام 2005 بإعادة تأهيل للواحات لتعود على ما كانت عليه في الخمسينيات، وقد جرى عدد من عمليات إعادة التأهيل للمنطقة لحماية الكائنات المتبقية مما جعل بعض الطيور التي كانت تزور المحمية يوماً تعود لزيارتها من جديد.

تشتهر الأزرق بصناعة الملح الخام من منطقة الملاحات، وتعتبر الأزرق المنطقة الوحيدة في الأردن الــتي تتوفر فيها مادة الملح الطبيعي والمستخرج من المياه المالحة، نظراً لذلك، أصبحت المنطقة تعاني من نقص المياه العذبة، وزيادة نسبة الملوحة في التربة، وتقلص المستنقعات.

واحة الأزرق بدولة الأردن

أصل تسمية بلدة الأزرق

حوض الأزرق المائي يعد من الأحواض المائية الرئيسية وأهم الأحواض الصحراوية بالمملكة؛ حيث تبلغ مساحته 950كم2 ويمتاز حوض الأزرق بمناخه الصحراوي الحار الجاف صيفا والبارد شتاء ويبلغ معدل السقوط المطري على كامل الحوض 91 ملم سنويا، ويتغذى الحوض بالمياه الساقطة على الطبقات البازلتية في جنوب سورية على ارتفاع 1155 مترا فوق سطح البحر؛ حيث تنساب المياه خلال طبقات البازلت جنوبا نحو بلدة الأزرق بفعل الانحدار الطبوغرافي؛ حيث يبلغ الارتفاع قرب بلدة الأزرق (500) متر فوق سطح البحر وفي بلدة الأزرق يتقطع منسوب المياه الجوفية من سطح الأرض مشكلا برك وواحات الأزرق التي تكسب المنطقة لونا أزرق مميزا، ومن هنا جاءت تسمية بلدة الأزرق التي ينسب إليها الحوض.

تأثير تغير المناخ على أوجه الواحة والمياه

أسواق مدينة الأزرق والوضع الاقتصادي

وفي جوله على أسواق مدينه الأزرق الشمالي والجنوبي، لاحظنا وبشكل واضح التراجع في النشاط الاقتصادي لهذه المدينة العريقه التي كانت في ثمانينات القرن الماضي عامرة بالأسواق التجارية، والحركة الاقتصادية النشطة؛ كونها تعتبر ممر طبيعي وحدودي مع كل من المملكة العربية السعودية، والعراق، وسورية، فمنذ أقدم العصور كانت تعد ممراً حيويا للقوافل التجارية القادمة إلى الأردن، لذلك كان من الضروري حماية الطرق والمنافذ المؤدية إليه بواسطة مجموعة من الأبراج والحصون التي شيدت في نقاط إستراتيجية من المنطقة.

مدينة الأزرق

ورغم مما تمثله واحة الأزرق من معالم آثرية مثل قصير عمره وقلعة الأزرق، ومعالم بيئيه مثل المحميات الطبيعية والمزارع؛ إلا انها لم تنل أي حظ من حظوظ التنمية المستدامة؛ وبدا جليا وبشكل وأضح ارتفاع نسبه الفقر والبطالة بين سكانها، وخاصة بين الشباب الجامعيين.

الأحياء التاريخية في الأزرق – قديما

الحاجة لخارطة طريق للتنمية

فواحة الأزرق تعتبر من أهم المناطق الجغرافية والبيئية والسياحية والثقافية في المملكة الأردنية الهاشمية، لكنها لم تنل من الاهتمام الكافي من قبل الحكومات المتعاقبة، حيث هجر جزء من سكانها وخاصه المتعلمين إلى المدن القريبة مثل الزرقاء، وعمان؛ لذلك وجب على الحكومة الأردنية وضع خارطة الطريق لتنميه منطقه الأزرق، والعمل على رفع مكانتها الاقتصادية والاجتماعية لتلتحق بالركب.

تابعنا على تطبيق نبض

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من المستقبل الاخضر

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading