هل يجب سكب بقايا الطعام والمواد الكيميائية في الحوض؟ الإجابة أخطر مما تتخيل
ما لا تراه العين.. كيف تلوث مخلفات المنازل الأنهار والبحار عبر الأحواض؟
كثيرًا ما نتردد قبل سكب اللبن الفاسد في الحوض، أو التخلص من صلصة الطماطم التي فسدت، أو ماء تنظيف فرش الطلاء، أو حتى الزيت النفاذ المتبقي من علبة تونة. هذا التردد في محله، لأن ما نلقيه في بالوعة المطبخ قد يتسبب في أضرار جسيمة لا نراها مباشرة.
إلقاء هذه المواد في الأحواض قد يؤدي إلى انسداد أو تلف أنابيب الصرف، وخلق مخاطر صحية، فضلًا عن تلويث البيئة وزيادة العبء على محطات معالجة مياه الصرف الصحي.
إلى أين تذهب مياه الصرف؟
جميع مياه الصرف داخل المنازل، سواء من المطبخ أو الحمام أو المرحاض، تنتقل عبر شبكة واحدة من الأنابيب، ثم إلى خطوط الصرف الرئيسية تحت الشوارع، وصولًا إلى محطات المعالجة.
في هذه المحطات، تُستخدم أحواض ضخمة تحتوي على بكتيريا هوائية لتفكيك المواد العضوية. ويُقاس العبء العضوي بما يُعرف بـ«الطلب الكيميائي على الأكسجين»، أي كمية الأكسجين اللازمة لتحليل هذه المواد. وكلما زادت المخلفات العضوية، ارتفعت الحاجة إلى الأكسجين والطاقة، وزادت كلفة التشغيل والتعقيد الفني للمحطات.
اللبن والزيوت: خطر صامت
المنتجات السائلة التي تحتوي على دهون وزيوت، مثل اللبن والزيوت المستخدمة في الطهي، تُعد من أخطر ما يمكن سكبه في الحوض. فعندما تختلط الدهون بالمياه الباردة داخل الأنابيب، تتصلب وتلتصق بجدرانها، ثم تتحد مع مخلفات أخرى مثل المناديل المبللة لتكوّن كتل صلبة تُعرف باسم «الفتبرج».
إزالة هذه الانسدادات مكلفة للغاية. ففي أستراليا، أنفقت هيئة مياه سيدني نحو 12 مليون دولار أسترالي خلال تسعة أشهر فقط لمعالجة أكثر من 11 ألف انسداد في شبكة الصرف.

ولا تقتصر المشكلة على الإزعاج أو الروائح الكريهة، إذ قد يؤدي انسداد المجاري إلى تسرب مياه صرف غير معالجة إلى البيئة، ملوثة التربة والمجاري المائية.
وتنصح الجهات المختصة بتخفيف اللبن بالماء واستخدامه لري النباتات بكميات محدودة، أو التخلص منه داخل العبوة في سلة القمامة. أما الصلصات والمرق منتهي الصلاحية، فيمكن تحويلها إلى سماد عضوي، أو امتصاص السوائل بالورق والتخلص منها مع النفايات.

المواد الكيميائية والطلاء
المنظفات المنزلية مثل المبيض (الكلور) آمنة نسبيًا عند استخدامها بالتركيزات المحددة، لكن سكبها مركزة في الأحواض قد يضر بالأنابيب ويؤثر في كفاءة محطات المعالجة.
أما الطلاء ومياه تنظيف فرشه، فلا يجب مطلقًا التخلص منها عبر الأحواض، لما تحمله من مخاطر انسداد الأنابيب، وانبعاث الأبخرة السامة، واحتمالية تسرب مواد قابلة للاشتعال إلى شبكة الصرف.
من البدائل الآمنة استخدام فرش قابلة للتخلص، أو لف الفرش في أكياس بلاستيكية إذا استمر العمل عدة أيام، ثم امتصاص مياه التنظيف في قطعة قماش قديمة والتخلص منها بعد جفاف الطلاء.
ويبقى الحل الأمثل للتخلص من الطلاء، والزيوت، والمبيدات، والمنظفات، هو تسليمها في نقاط أو فعاليات مخصصة لجمع المواد الكيميائية المنزلية الخطرة، أو عبر برامج إعادة التدوير المعتمدة التي تمولها بعض الصناعات.
مسؤولية جماعية
القاعدة الذهبية بسيطة: لا تضع في الحوض ما لا ترغب في رؤيته في الأنهار والبحار. فالمشكلة لا تكمن في تصرف فرد واحد، بل في تراكم سلوكيات ملايين الأشخاص داخل المدينة.
عندما تتغير العادات الفردية، ويُستعاض عن الأحواض بالتسميد المنزلي والتخلص الآمن من المواد الخطرة، يمكن حماية البنية التحتية للصرف الصحي، والحفاظ على الصحة العامة، وصون مواردنا المائية من التلوث.






