مزارعو أفريقيا الصغار يدفعون ثمن أزمة المناخ وسط عجز التمويل العالمي

تغير المناخ يهدد الأمن الغذائي في أفريقيا وسط نقص حاد في تمويل التكيّف

تواجه الزراعة في أفريقيا نقصًا حادًا في تمويل التكيّف مع تغير المناخ، ما يجعل صغار المزارعين أكثر عرضة للصدمات المناخية، رغم التعهدات الدولية المتزايدة بزيادة التمويل، وفق ما أكده مسؤولون وخبراء أفارقة.

ودعا هؤلاء إلى تعزيز تمويل التكيّف الموجّه للقطاع الزراعي، مع إبداء تشككهم في قدرة الدول والمؤسسات الدولية على سد فجوة التمويل القائمة.

وأشاروا إلى أن تمويل المناخ يتركز في عدد محدود من الدول، بينما تُستبعد الدول الأشد هشاشة، ما يحرم المزارعين من الوصول إلى الموارد اللازمة لتطبيق ممارسات زراعية ذكية مناخيًا.

وقال وزير البيئة في سيراليون، جيوه عبدولاي، إن التأخر في معالجة قضايا التكيّف يرفع التكاليف بشكل متسارع، في وقت تشدد فيه الحكومات العالمية ميزانياتها وتخفض مساعدات التنمية الخارجية.

ووفقًا لتقديرات المركز العالمي للتكيّف، فإن أفريقيا ستحصل بحلول عام 2035 على نحو 195 مليار دولار لتمويل التكيّف، في حين تشير التقديرات إلى أن الاحتياجات الفعلية قد تتجاوز 1.6 تريليون دولار. ويستحوذ القطاع الزراعي حاليًا على نحو 26% من تمويل التكيّف، أي ما يعادل 3.4 مليارات دولار سنويًا.

مزارع أفريقي يتفقد أرضه بعد تعرضها لفيضانات ناجمة عن تقلبات مناخية حادة.

وأكد صامويل أوجالا، رئيس وحدة تغير المناخ في الاتحاد الأفريقي، أن فجوة التمويل تمثل امتدادًا لاختلالات النظام الاقتصادي العالمي، حيث تتحمل الدول الأقل مساهمة في الأزمة المناخية العبء الأكبر من آثارها. وأشار إلى أن الحكومات الأفريقية تقدم تمويلًا للتكيّف، في شكل منح، يقارب ما توفره الجهات المانحة متعددة الأطراف والثنائية.

ويهيمن صغار المزارعين على القطاع الزراعي في أفريقيا، إذ يعتمد نحو 65 مليون مزارع على مساحات زراعية صغيرة لا تتجاوز 10 هكتارات.

تواجه بعض المناطق موجات جفاف طويلة، بينما تتعرض أخرى لفيضانات شديدة،

وتقدّر الاحتياجات السنوية لدعم هؤلاء المزارعين بنحو 71 مليار دولار، لتشجيع الممارسات الزراعية المرنة مناخيًا، وتوفير خدمات مناخية رقمية، وتعزيز أنظمة الإنذار المبكر وشبكات الأمان.

وتُظهر بيانات حديثة أن أقل من 1% من التمويل المناخي الدولي يوجّه إلى الزراعة الصغيرة حول العالم، مع تركّز الاحتياج الأكبر في شرق أفريقيا. ويُنتج صغار المزارعين ما يصل إلى 80% من الغذاء المستهلك في أفريقيا جنوب الصحراء، فيما يعتمد 70% منهم على الزراعة المطرية، ما يزيد من هشاشتهم أمام تقلبات الطقس.

وأدت تغيرات المناخ إلى اضطراب أنماط الأمطار، حيث تواجه بعض المناطق موجات جفاف طويلة، بينما تتعرض أخرى لفيضانات شديدة، وأحيانًا في المنطقة نفسها، في ظاهرة تُعرف بـ”الاضطراب المناخي الحاد”.

وأكد خبراء أن التكيّف الزراعي يتطلب تطوير أنظمة إنذار مبكر دقيقة وفي الوقت المناسب، إلى جانب دعم مالي يمكّن المزارعين من تطبيق ممارسات مثل الزراعة الحافظة، وتناوب المحاصيل، والحراجة الزراعية.

تواجه بعض المناطق موجات جفاف طويلة، بينما تتعرض أخرى لفيضانات شديدة،

كما أشار تقرير لمبادرة سياسة المناخ إلى وجود اختلالات إقليمية كبيرة في تدفقات التمويل، حيث تحصل عشر دول فقط على نحو 46% من التمويل المناخي المخصص لأفريقيا، بينما لا تشمل هذه القائمة معظم الدول الأكثر تعرضًا لمخاطر تغير المناخ.

تغير المناخ يهدد الأمن الغذائي في أفريقيا وسط نقص حاد في تمويل التكيّف

وشدد ممثلو المجتمع المدني الأفريقي على ضرورة توفير تمويل عام ومنح، بدلًا من القروض، لتمويل التكيّف الزراعي، مؤكدين أن العدالة المناخية تقتضي عدم تحميل الدول المتضررة أعباء ديون إضافية.

Exit mobile version