شاطئ رأس حنكوراب.. جماعات بيئية تحذر من تدمير أحد آخر المحميات البحرية في مصر

جماعات الدفاع عن البيئة تطالب بطوير شاطئ حنكوراب وفقًا لمعايير الاستدامة البيئية

يعد شاطئ رأس حنكوراب، وهو بقعة نقية على ساحل البحر الأحمر في جنوب مصر بمياهه الصافية ورمالها البيضاء المسطحة، جوهرة محمية وادي الجمال، والتي تضم أحد آخر النظم البيئية البحرية البكر في البلاد.

اليوم، تم إغلاق الشاطئ، الذي يقع على بعد 90 دقيقة بالسيارة من مطار مرسى علم الدولي، وعلى بعد أربع ساعات بالسيارة من منتجع الغردقة الضخم سريع النمو، بسياج خشبي، ويحاول النشطاء وقف تطويره، وفقًا للخطط الأصلية، من خلال بناء العشرات من أكواخ الإقامة ومطعم ومزرعة.

شاطئ رأس حنكوراب

أعلنت حملة الدفاع عن الحضارة المصرية، عن مبادرة لحماية وتطوير شاطئ رأس حنكوراب، المعروف بـ”مالديف مصر”

يحذر دعاة الحفاظ على البيئة من أن النظام البيئي الهش الذي يدعم السلاحف والشعاب المرجانية والأعشاب البحرية وأنواع لا حصر لها من الأسماك أصبح مهددًا، ويخشى السكان المحليون من فقدان مورد طبيعي ثمين إلى الأبد.

  آخر المحميات البحرية غير المستكشفة في مصر

ويحذر دعاة حماية البيئة والمجتمعات المحلية من أن مجرد البناء الخفيف على الشاطئ من شأنه أن يدمر أحد آخر المحميات البحرية غير المستكشفة في مصر.

وقالت أسماء علي، المديرة التنفيذية لشركة إكوريس، وهي مجموعة مصرية للتنمية المستدامة والحفاظ على البيئة، إن الحديقة الوطنية والشاطئ من أهم المواقع في العالم للتنوع البيولوجي.

شعاب مرجانية خلابة في شاطئ رأس حنكوراب

وأضافت: “تتميز هذه المحمية بوجود أحد أثمن الشعاب المرجانية، ويقع على شاطئها. كما تضم ​​سلاحف بحرية معرضة للانقراض، وأشجار المانجروف”.

وقال شريف بهاء الدين، أحد مؤسسي محمية وادي الجمال، إن السائحين يبحثون عن الطبيعة البكر، وليس المنتجعات الخرسانية.

من جانبة أكد الدكتور عبد الرحيم ريحان، عضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة ورئيس حملة “الدفاع عن الحضارة المصرية”، أن الحملة تطالب بتطوير المنطقة شاطئ حنكوراب وفقًا لمعايير الاستدامة البيئية.

وأشار ريحان إلى أن الحملة تطالب بإعادة تأهيل المنطقة مع الحفاظ على طابعها البيئي الطبيعي، بحيث يكون أي استثمار في المنطقة متوافقًا مع المعايير البيئية الصارمة، لضمان استمرارية الجذب السياحي الذي يعتمد بالأساس على البيئة البكر للشاطئ.

شاطئ رأس حنكوراب

وأضاف ريحان أن الالتزام بهذه المعايير سيجعل شاطئ حنكوراب أحد أهم مصادر الدخل السياحي لمصر، مع الحفاظ على مكانته كوجهة رئيسية لمحبي الطبيعة والمغامرة.

كما يعد إشراك المجتمعات المحلية في عمليات الحفاظ على البيئة وتعزيز السياحة المستدامة أحد الركائز الأساسية لضمان نجاح هذه المبادرة، إلى جانب تنفيذ أنظمة للحماية البيئية مثل ستائر الطمي وأكياس الرمل لحماية الشعاب المرجانية من التأثيرات السلبية الناتجة عن الأنشطة البشرية.

كلما ازدادت أعمال التطوير على ساحل البحر الأحمر، ازدادت أهمية ترك هذا الجزء الصغير دون مساس، إذا كان لا بد من التطوير، فلنتحدث عن المكان. لكن أفضل شيء يمكن بناؤه هنا هو لا شيء على الإطلاق.

المياه الصافية والشعاب المرجانية في شاطئ رأس حنكوراب

واحدة من أكثر الشعاب المرجانية تحملاً لتغير المناخ في العالم

وقدّر تقريرٌ صدر مؤخرًا عن الأمم المتحدة للسياحة عائدات السياحة السنوية بـ 14.1 مليار دولار بحلول عام 2024، أي أكثر من ضعف عائدات قناة السويس.

مع وصول عدد زوار مصر إلى 17 مليون زائر في عام 2024، بزيادة سنوية قدرها 17%، ترى مصر إمكانيةً لزيادة أعدادهم من خلال تحسين البنية التحتية، وربط الرحلات الجوية، وتوفير عطلات مستدامة تركز على المناطق الساحلية والصحراوية.

وتشير جمعية حماية البيئة والحفاظ عليها في الغردقة (HEPCA)، وهي منظمة غير حكومية، إلى أن الشعاب المرجانية مهمة للغاية لأنها واحدة من أكثر الشعاب المرجانية تحملاً لتغير المناخ في العالم ، ولديها القدرة على إعادة توطين الشعاب المرجانية الأخرى وحتى إعادة بعضها من الانقراض.

ويتميز شاطئ رأس حنكوراب برماله البيضاء الناعمة، مياهه الفيروزية الصافية، وتنوعه البيولوجي الفريد، حيث يُعد موطنًا للعديد من الكائنات البحرية النادرة مثل السلاحف البحرية العملاقة وأبقار البحر (الأطوم)، بالإضافة إلى الشعاب المرجانية الاستثنائية التي تجعل منه وجهة مثالية لرياضات الغوص والسنوركلينج.

التخييم في شاطئ رأس حنكوراب

الإيرادات من المتنزهات 

على مدار العقد الماضي، سمحت تعديلات القانون باستخدام مساحات داخل المحميات الطبيعية لمشاريع تجارية.

وصرحت وزيرة البيئة ياسمين فؤاد في وقت سابق، بأن عدد المشاريع داخل المناطق المحمية، بما فيها المحميات الوطنية، ارتفع من 10 مشاريع عام 2016 إلى 150 مشروعًا عام 2024، مع زيادة الإيرادات بنسبة 1900%.

عرض جهاز شؤون البيئة المصري في البداية تشغيل رأس حنكوراب للاستخدام السياحي على المستثمرين، وإن كان ذلك بشروط صارمة. إلا أن المسؤولية انتقلت الآن إلى صندوق حكومي، وفقًا لما ذكرته الوزيرة في عرض تقديمي حديث حول وادي الجمال. ورفضت الإدلاء بمزيد من التعليقات.

شاطئ رأس حنكوراب

وطعنت جمعيات معنية بالحفاظ على البيئة في القرار أمام النائب العام وقالت إن التطوير لا يتوافق مع قوانين حماية البيئة وسيلحق أضرارا بمورد عام.

يقول السكان المحليون إنهم مُهمَّشون. كان كثيرون منهم يكسبون رزقهم من السياحة البيئية البسيطة، لكنهم الآن مُنعوا فعليًا من ارتياد الشاطئ.

الشعاب المرجانية في شاطئ رأس حنكوراب

التعايش بين السياحة البيئية والاستثمار

قال محمد صالح، أحد شيوخ القبائل: “كنتُ أُصطحب أطفالي إلى هناك مجانًا. الآن، عليّ أن أدفع 250 جنيهًا مصريًا (5 دولارات) للدخول فقط”. وأضاف: “لم يُشاورونا، ولم يُوظفونا، لقد استولوا على أرضنا فحسب”.

ترى وزارة البيئة والمسؤولون إمكانية التعايش بين السياحة البيئية والاستثمار، ودافعت عن تطوير الشاطئ ووادي الجمال باعتباره “توسعًا مُحكمًا”، يضمن الاستدامة ويجذب الإيرادات.

وقالت وزيرة البيئة في بيان سابق ، إن الوزارة ستراقب وتُقيّم المشاريع المقترحة في المناطق الحساسة، بما في ذلك رأس حنكوراب، ورأس بغدادي، و”الثقب الأزرق” (البلو هول)، موقع الغوص العالمي الشهير، ومع ذلك، يرى المنتقدون أن الوزارة تفتقر إلى الموارد اللازمة لذلك.

السياحة في شاطئ رأس حنكوراب

يقول خبراء الحفاظ على البيئة إن مصر فقدت خبراتها البيئية بسبب انخفاض الأجور ومحدودية الموارد، في عام 2007، كان لدى وادي الجمال 20 متخصصًا في الحياة البرية يراقبون التنوع البيولوجي، أما اليوم، فلم يعد هناك سوى عدد قليل منهم، وفقًا لأحد أعضاء المنظمات غير الحكومية.

شاطئ رأس حنكوراب

هذا المشروع يُقوّض تمامًا فكرة السياحة البيئية. كيف يتوافق تسليم الأراضي المحمية لمستثمرين من القطاع الخاص مع الحفاظ على البيئة؟ “تلتزم الدولة بحماية مواردها الطبيعية وحماية حقوق الأجيال القادمة في هذه الموارد”، هذا ما صرّح به أحد المحامين المدافعين عن البيئة.