الشحن ثنائي الاتجاه للسيارات الكهربائية قد يمنع إهدار الطاقة المتجددة

السيارات الكهربائية تتحول إلى محطات طاقة متنقلة في مواجهة هدر الكهرباء النظيفة

يشهد إنتاج الطاقة المتجددة حول العالم تزايدًا يفوق الطلب الفعلي عليها، لا سيما من مصادر الرياح والطاقة الشمسية، ويطرح هذا الواقع تحديًا كبيرًا في ظل محدودية سعة شبكات الكهرباء ونقص قدرات التخزين، ما يؤدي إلى تقليص الإنتاج وإهدار كميات كبيرة من الطاقة النظيفة.

في المملكة المتحدة، على سبيل المثال، اضطرت مزارع الرياح إلى تقليص إنتاجها بنحو 4.3 تيراواط/ساعة من الطاقة الفائضة خلال عام 2023، أي ما يعادل نحو 5% من إجمالي إنتاجها السنوي.

وكانت هذه الكمية كافية لتزويد 1.5 مليون منزل بالكهرباء لمدة عام كامل، إلا أن عدم الاستفادة منها كلّف دافعي الفواتير نحو 300 مليون جنيه إسترليني، فضلًا عن تحمل بعض شركات الطاقة مدفوعات باهظة نتيجة قيود الشبكة.

الشحن ثنائي الاتجاه

وتتكرر هذه الظاهرة في أوروبا وأمريكا الشمالية وأستراليا ومناطق أخرى تشهد توسعًا سريعًا في قدرات الطاقة المتجددة، بينما لم تواكب البنية التحتية للشبكات هذا النمو المتسارع.

غير أن تجربة تُجرى حاليًا في جزيرة وايت، قبالة الساحل الجنوبي لإنجلترا، قد تمثل جزءًا من الحل المستقبلي لهذه المعضلة. وتعتمد التجربة على مفهوم “الشحن ثنائي الاتجاه”، الذي يسمح للسيارات الكهربائية بأن تكون مستهلكة للطاقة ومخزنًا لها ومصدرًا لإمداد الشبكة في الوقت نفسه.

وبحلول عام 2040، يُتوقع أن يصل عدد السيارات الكهربائية والشاحنات الصغيرة على طرق المملكة المتحدة إلى نحو 36 مليون مركبة. وتمتلك الطرازات الحالية من السيارات الكهربائية بطاريات قادرة على تزويد منزل بريطاني متوسط بالطاقة لمدة تتراوح بين سبعة وعشرة أيام.

عائد للشبكة ولمالك السيارة

وإذا جُمعت قدرات تخزين جميع هذه المركبات المتوقعة، فقد تصل إلى نحو 2.5 تيراواط/ساعة، وهي كمية تكفي لتخزين جزء كبير من فائض الطاقة الشمسية في أيام الصيف أو طاقة الرياح الزائدة خلال ليالي الشتاء العاصفة.

وعلى مدار نحو 95% من الوقت، تكون السيارات متوقفة ولا تُستخدم، ما يفتح المجال أمام استغلال هذه الفترات لتخزين الطاقة المتجددة وإعادة ضخها عند الحاجة، ولن يقتصر العائد على دعم الشبكة الكهربائية فقط، بل سيستفيد مالكو السيارات أيضًا من شراء الكهرباء في أوقات انخفاض الأسعار وتخزينها لاستخدامها خلال فترات الذروة.

وتشير دراسة حديثة لجامعة ميشيجان إلى أن تقنية الشحن من السيارة إلى المنزل قد توفر على السائقين ما يصل إلى 5600 دولار أمريكي على مدار عمر السيارة، أي ما يعادل نحو 90% من تكاليف الشحن الإجمالية.
كما يمكن لشركات الطاقة ومشغلي الشبكات تحقيق وفورات تصل إلى 4 مليارات يورو في أوروبا من خلال تطبيق تقنيات الشحن الذكي وربط السيارات بالشبكة.

ورغم هذه الفوائد، لا تزال معظم السيارات الكهربائية وأنظمة الشحن الحالية تعمل في اتجاه واحد فقط. ويتطلب التحول إلى الشحن ثنائي الاتجاه تجهيز السيارات بمكونات مدمجة قادرة على تحويل التيار المستمر المخزن في البطاريات إلى تيار متناوب يمكن استخدامه في المنازل أو ضخه في الشبكة الوطنية.

أربعة شواحن ثنائية الاتجاه

وفي إطار مشروع DriVe2X الأوروبي، يتم اختبار أربعة شواحن ثنائية الاتجاه في فندقين ومرسى للقوارب في جزيرة وايت، التي تشهد تذبذبًا كبيرًا في الطلب على الطاقة بسبب تدفق أكثر من مليوني سائح سنويًا. وتتيح هذه التجربة للزوار والمقيمين تحديد مواعيد مغادرتهم ومستويات الشحن الدنيا، بما يضمن عدم نفاد البطارية عند الحاجة إلى القيادة.

وعلى الرغم من وجود أكثر من 100 مشروع تجريبي للشحن من السيارة إلى الشبكة حول العالم، فإن التحديات لا تزال قائمة، ومنها تكلفة الشواحن الذكية، وتعقيدات ربطها بالشبكات، ومخاوف المستهلكين بشأن عمر البطاريات والخصوصية وآليات التعويض المالي العادل.

ومع ذلك، تشير التوقعات إلى أن هذه التقنية قد تنتقل من نطاق التجارب المحدودة إلى الاستخدام اليومي خلال العقدين المقبلين، خاصة مع تقديرات بقدرة السيارات الكهربائية على توفير عشرات الجيجاواط من الطاقة المرنة، تعادل إنتاج عشرات المفاعلات النووية، وتكفي لتغطية الطلب في فترات الذروة الشتوية.

Exit mobile version