34 % من دول العالم تفتقر للمعايير القانونية لنوعية الهواء الخارجي
الهواء الذي نتنفسه منفعة عامة يجب على الحكومات ضمان نقاوته وأمانه

لا يوجد لدى ثلث دول العالم معايير لنوعية الهواء الخارجي (المحيط) الملزمة قانوناً. وحيثما توجد مثل هذه القوانين، تختلف المعايير على نطاق واسع وغالباً ما تكون غير متوافقة مع المبادئ التوجيهية لمنظمة الصحة العالمية، وبالإضافة إلى ذلك، فإن ما لا يقل عن 31% من البلدان التي لديها القدرة على إدخال معايير نوعية الهواء المحيط لم تعتمدها بعد، وهذه بعض النتائج الرئيسية للتقييم الأول على الإطلاق لقوانين ولوائح نوعية الهواء من قبل برنامج الأمم المتحدة للبيئة.
تنظيم نوعية الهواء: تم إطلاق أول تقييم عالمي لتشريعات تلوث الهواء قبل الاحتفال باليوم الدولي لنقاوة الهواء من أجل سماء زرقاء، والذي يفحص التشريعات الوطنية لنوعية الهواء في 194 بلداً وفي الاتحاد الأوروبي.
ويستكشف التقرير الأبعاد المختلفة للأطر القانونية والمؤسسية، ويقيِّم فعاليتها في ضمان تحقيق معايير نوعية الهواء.
ويختتم التقرير بالعناصر الأساسية لنموذج قوي لإدارة نوعية الهواء التي يجب مراعاتها في التشريعات الوطنية، ويؤيد النظر في معاهدة عالمية بشأن معايير نوعية الهواء المحيط.
ومنذ 2020، وجد أن 124 بلداً (حوالي الثلثين) لديها معايير وطنية لنوعية الهواء المحيط، بزيادة 17 بلداً عن تلك التي تم الإبلاغ عنها في عام 2016، ومع ذلك، يلتزم 9% فقط من هذه البلدان بالحدود التي وضعتها المبادئ التوجيهية لمنظمة الصحة العالمية، وهذا يعكس فجوات البيانات الحالية وقضايا القدرات التي تعيق إحراز التقدم العالمي في مجال نوعية الهواء.
وفي تقرير السياسات والبرامج لتحسين نوعية الهواء على مدى السنوات الخمس الماضية، أظهر أن الفجوات الكبيرة في التنفيذ والتمويل والقدرات والرصد تعني أن مستويات تلوث الهواء لا تزال مرتفعة.
ويستند التقرير المعنون، الإجراءات المتعلقة بنوعية الهواء: ملخص عالمي لسياسات وبرامج الحد من تلوث الهواء، إلى بيانات مسح حديثة من 195 بلداً، ويقوم بتقييم السياسات والبرامج في القطاعات الرئيسية التي تساهم في تلوث الهواء، مثل: النقل، وتوليد الطاقة، والانبعاثات الصناعية، وإدارة النفايات الصلبة، وتلوث الهواء المنزلي، والزراعة، كما ينظر في مراقبة نوعية الهواء وإدارة نوعية الهواء ومعايير جودة الهواء كأدوات سياسية رئيسية للتخفيف من آثار تلوث الهواء.
وخلص التقرير إلى أنه على الرغم من أن البلدان منخفضة الدخل تعاني أكثر من تلوث الهواء، فإن إجراءات الحد من تلوث الهواء لها فوائد إنمائية متعددة، بما في ذلك التخفيف من حدة المناخ، والإنتاجية الزراعية، وأمن الطاقة، والنمو الاقتصادي.
وحددت منظمة الصحة العالمية تلوث الهواء باعتباره أكبر خطر على الصحة البيئية، حيث يعيش 92% من سكان العالم في أماكن تتجاوز فيها مستويات تلوث الهواء الحدود الآمنة، مما يؤثر بشكل غير متناسب على النساء والأطفال وكبار السن في البلدان منخفضة الدخل. وتشير الدراسات الحديثة إلى وجود ارتباطات محتملة بين النتائج الصحية للكوفيد-19 وتلوث الهواء.
تلوث الهواء أكبر خطر على الصحة البيئية
وقدمت منظمة الصحة العالمية قيم توجيهية لنوعية الهواء المحيط، ولكن كما يوضح التقرير، لا يوجد توافق عالمي وإطار قانوني مشترك لتطبيقها.
وفي مالا يقل عن 34٪ من البلدان، لا تتمتع جودة الهواء المحيط بالحماية القانونية بعد. حتى في حالة اعتماد المعايير قانوناً، يصعب مقارنة المعايير: حيث تعرّف 49% من دول العالم تلوث الهواء حصرياً على أنه تهديد خارجي، وتختلف التغطية الجغرافية لمعايير نوعية الهواء، ويسمح أكثر من نصف البلدان بالخروج عن هذه المعايير.
كما أن المسؤولية المؤسسية عن تحقيق المعايير ضعيفة على الصعيد العالمي ، حيث لا تفرض سوى 33% من البلدان التزامات للوفاء بالمعايير المنصوص عليها قانوناً، ويعد الرصد أمراً بالغ الأهمية لمعرفة ما إذا كان قد تم تحقيق المعايير ولكنه ليس ملزم قانونياً في 37% على الأقل من البلدان، وعلى الرغم من أن تلوث الهواء لا يعرف حدودًا، إلا أن 31% فقط من البلدان لديها آليات قانونية لمعالجة تلوث الهواء عبر الحدود.
وقالت إنجر أندرسن، المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة: ’’لن يكون هناك فرصة لمنع سبعة ملايين حالة وفاة مبكرة ناجمة عن تلوث الهواء كل عام، وهو رقم من المتوقع أن ينمو بأكثر من 50% بحلول عام 2050″ . إن الهواء الذي نتنفسه هو منفعة عامة أساسية، ويجب على الحكومات بذل المزيد من الجهد لضمان نقاوته وأمانه.
الحق في التمتع ببيئة صحية
ويعد الحق في التمتع ببيئة صحية، بما في ذلك الهواء النظيف، مقدمة لتحقيق جدول أعمال عام 2030، وأهداف التنمية المستدامة بشأن الصحة الجيدة والطاقة النظيفة وبأسعار معقولة والمدن المستدامة والإنتاج المسؤول والحياة في البر (أهداف التنمية المستدامة 3 و7 و11 و12 و15)، وفي جلستها الأولى، دعت الدورة الخامسة لجمعية الأمم المتحدة للبيئة الدول الأعضاء إلى العمل عبر القطاعات للحد من جميع أشكال تلوث الهواء.
وتوضح الدراسة أنه يجب دعم حتى أكثر أهداف نوعية الهواء الوطنية إثارة للإعجاب بأطر مؤسسية قوية، وقدرة تنفيذية وقوانين جيدة التنسيق، حتى تصبح فعالة، كما يقول البروفيسور إلويسي سكوتفورد، الذي شارك في كتابة التقرير.
ويدعو التقرير المزيد من الدول إلى اعتماد قوانين صارمة لنوعية الهواء، والتي تشمل وضع معايير طموحة في القانون لكل من تلوث الهواء الداخلي والخارجي، وتحسين الآليات القانونية لرصد نوعية الهواء، وزيادة الشفافية، وتعزيز أنظمة الإنفاذ بشكل كبير، وتحسين السياسات والتنسيق التنظيمي لتلوث الهواء الوطني وعبر الحدود على حد سواء.
وبعد هذا التقييم، يقوم برنامج الأمم المتحدة للبيئة بالفعل بوضع إرشادات عملية في إطار برنامج قانون مونتفيديو البيئي لتوسيع نطاق مساعدته للبلدان في معالجة أزمة تلوث الهواء. كما يجري التخطيط لتقديم دعم تقني مباشر للبلدان، بما في ذلك تطوير وتنفيذ الأطر القانونية لتلوث الهواء، مع بناء القدرات التكميلية لأصحاب المصلحة، بما في ذلك القضاة والمدعون العامون وغيرهم من مسؤولي إنفاذ القانون.
الإجراءات المتعلقة بنوعية الهواء
فمنذ عام 2016، عندما بدأ برنامج الأمم المتحدة للبيئة في تتبع الإجراءات الحكومية بشأن نوعية الهواء، كانت هناك تحسينات من الانبعاثات الصناعية، والنقل، وإدارة النفايات الصلبة، وتلوث الهواء المنزلي. وللمرة الأولى، يستعرض التقرير أيضاً السياسات والبرامج الحالية بشأن الزراعة وإدارة نوعية الهواء والمعايير:
وعلى الرغم من أن معظم البلدان منخفضة الدخل لا تزال تفتقر إلى اللوائح الخاصة بمعايير انبعاثات السيارات المستعملة المستوردة، إلا أن هناك عدداً متزايداً من اللوائح الوطنية لتقليل الحد الأقصى لعمر المركبات المستوردة وتحفيز المواطنين على التخلص من المركبات القديمة الملوثة.
يمتلك 95 بلداً برامج لتعزيز الطهي النظيف والتدفئة، مع إضافة 13 بلداً جديداً مقارنة بعام 2016. وقد أدى ذلك إلى انخفاض معدلات الأمراض الناتجة عن تلوث الهواء المنزلي، التي يقع معظمها في جنوب وشرق آسيا والمحيط الهادئ.
على الرغم من أنها لا تزال ظاهرة واسعة الانتشار، إلا أن 26 بلداً آخراً ينظم بشكل صارم حرق النفايات الصلبة (وبذلك يصل المجموع إلى 38 بلداً)، بما في ذلك احتجاز غازات مكبات النفايات، وتحسين جمع النفايات، وفصل النفايات وطرق التخلص السليمة؛
يوجد لدى 58 بلداً حوافز لتعزيز الزراعة المستدامة، ونشر طرق فعالة للتخفيف من انبعاثات غاز الميثان، بما في ذلك بدائل للحرق في الهواء الطلق للمخلفات الزراعية، وتحسين إدارة روث الماشية، والتسميد والحد من هدر الأغذية، واستخدام استخلاص الميثان لاستخدام الطاقة؛
وعلى الرغم من سياسات الهواء النظيف الجديدة في البلدان في جميع أنحاء العالم والانخفاض المطرد لعبء المرض الناجم عن تلوث الهواء المنزلي في بعض المناطق، تشير الإحصاءات الصحية إلى أن تلوث الهواء المحيط والداخلي لا يزال أحد عوامل الخطر الصحية العالمية الرئيسية. ومن أجل تحسين نوعية الهواء، ستكون هناك حاجة إلى تطبيق أفضل للسياسات واللوائح الحالية، وتمويل أكبر، ومراقبة أكثر انتشاراً وقدرات أقوى.
ويدعو برنامج الأمم المتحدة للبيئة البلدان إلى دمج الاستثمارات المتعلقة بتنظيف تلوث الهواء في خطط التعافي بعد جائحة كوفيد-19، كما يدعو إلى وضع معايير لتقييم الإجراءات الحالية والمستقبلية نحو هواء أنظف وإزالة الحواجز المعوقة لتنفيذ السياسات والبرامج، بما في ذلك الفجوات المتعلقة بالتمويل والقدرات، والتغلب على القدرة على تحمل تكاليف معدات الرصد وصيانتها.