هبة محمد إمام: الاقتصاد الأخضر والدائري سبيلاً لحل المشكلة الاقتصادية
خبير واستشاري بيئي، سفير بيئي

شهد العالم اليوم تزايداً في الاهتمام بالقضايا البيئية والاقتصاد الأخضر وذلك نتيجة للتأثيرات السلبية التي يعانيها كوكب الأرض بسبب سوء استخدام الموارد الطبيعية والتلوث الناتج عن عمليات الإنتاج والاستهلاك.
يعد الاقتصاد الأخضر والدائري من الأساليب الحديثة والمستدامة للتنمية الاقتصادية التي تسعى لحل المشكلة الاقتصادية بشكل منهجي ومستدام.
يهدف الاقتصاد الأخضر إلى تعزيز التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة والحياة الطبيعية، من خلال تحقيق التوازن بين التنمية الاقتصادية والاستخدام المستدام للموارد الطبيعية.
ففي حين أن الاقتصاد التقليدي يعتمد بشكل كبير على الاستغلال غير المستدام للموارد الطبيعية، يسعى الاقتصاد الأخضر إلى تحقيق التقدم الاقتصادي بطرق تحمي البيئة وتقلل من التلوث.
تعتبر المبادئ الرئيسية للاقتصاد الاخضر هي المساهمة في تخفيض انبعاثات الغازات الدفيئة وتعزيز الطاقة المتجددة وتعزيز كفاءة استخدام الموارد وتطوير تكنولوجيا نظيفة وتعزيز الابتكار والإبداع في القطاعات المستدامة.
يعمل الاقتصاد الأخضر على توليد فرص عمل جديدة وتعزيز النمو الاقتصادي من خلال الاستثمار في الطاقة المتجددة وتحسين الكفاءة البيئية للصناعات.
الاقتصاد الأخضر يمكن ان يتمثل فى تشجيع الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية والرياح، مما يقلل من الاعتماد على الوقود الأحفوري ويخفض تكلفة الطاقة.
كما يشمل على تعزيز الزراعة العضوية والممارسات الزراعية المستدامة لتحسين إنتاج الأغذية بطرق صديقة للبيئة. بالإضافة لدعم مشاريع إعادة التدوير والتحسين في إدارة النفايات، مما يقلل من التلوث ويخلق فرص عمل.
وفيما يتعلق بالاقتصاد الدائري، فهو نموذج اقتصادي يركز على إعادة تدوير واستخدام المنتجات والموارد المستهلكة بحيث تبقى ضمن دائرة اقتصادية ولا تتركم في البيئة في صورة نفايات.
يتطلب الاقتصاد الدائري اعتماد تقنيات التحلل والفصل وإعادة التصنيع والتدوير للحفاظ على الموارد وتقليل النفايات.
ومن الممكن تحقيق ذلك من خلال تشجيع نظام اقتصادي يعتمد على عروض السلع والخدمات بأساليب أكثر استدامة وتحقيق الربح من خلال خدمات محددة مثل إصلاح المنتجات وإعادة بيعها وتأجيرها بدلاً من التخلص منها كفايات .
يكمن دور الاقتصاد الأخضر والدائري في حل المشكلة الاقتصادية في عدة جوانب.
أولاً، يساهم الاقتصاد الأخضر في تشجيع الابتكار وتطوير تقنيات جديدة في مجال الطاقة المتجددة والتكنولوجيا النظيفة، مما يفتح بابًا لفرص العمل ويعزز النمو الاقتصادي بشكل دائم.
ثم، يقلل الاقتصاد الأخضر من تكاليف التلوث الناتجة عن عمليات الإنتاج والاستهلاك غير المستدامة، وبالتالي يساهم في تعزيز الاستدامة الاقتصادية على المدى الطويل.
الاقتصاد الدائري هو يعزز ثقافة إعادة الاستخدام وإعادة التدوير للموارد والمواد، مما يقلل من الاستهلاك والفاقد.
ويعمل على تشجيع تصميم المنتجات لتكون قابلة لإعادة التدوير وإعادة الاستخدام. ويدعم إنشاء أسواق للمواد المعاد تدويرها ودعم صناعات مثل تدوير المعادن والورق.
هذه الخطوات ستقلل من الضغط على الموارد الطبيعية وتعزز الاستدامة البيئية. وبالتالي، قد تزيد من فرص العمل وتحفز النمو الاقتصادي.
كما أنه يمكن أن يؤدي إلى تقليل مشكلات بيئية مثل التلوث وتدهور البيئة، مما يجعل الاقتصاد أكثر استدامة.
كيفية يمكن تفعيل الاقتصاد الأخضر والدائري
تعزيز النقل العام ووسائل النقل الصديقة للبيئة: تحسين نظام النقل العام وتوفير وسائل نقل صديقة للبيئة مثل الحافلات الكهربائية والدراجات الهوائية. تشجيع مشاركة السيارات وتقليل استخدام السيارات الخاصة للتقليل من انبعاثات الكربون.
دعم الشركات الصغيرة: تقديم دعم مالي وتشجيع الابتكار في الشركات الناشئة التي تركز على الحلول البيئية. كما ان تعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص لتطوير مشاريع تعزز الاستدامة.
تعزيز التعليم والتوعية: تضمين التعليم حول الاقتصاد الأخضر والدائري في المناهج التعليمية لزيادة الوعي بأهميتهما ، توجيه حملات توعية للمجتمع بأهمية حماية البيئة وتحقيق الاستدامة.
إطلاق المشاريع البيئية: تنفيذ مشاريع بنية تحتية خضراء مثل محطات توليد الكهرباء الشمسية ومحطات معالجة مياه الصرف الصحي ، تشجيع الاستثمار في مشاريع التنقل الكهربائية والتقنيات الصديقة للبيئة.
تحقيق الاقتصاد الأخضر والدائري يتطلب جهدًا شاملاً وتعاونًا بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني. من خلال اتباع هذه الاستراتيجيات، يمكن أن يساعد الدول على تحقيق النمو الاقتصادي المستدام وتحسين جودة البيئة وحياة المواطنين.
مقترح لخطة عمل تشمل الخطوات الرئيسية لتحقيق الاقتصاد الأخضر والدائري:
تحليل الوضع الحالي: إجراء تقييم شامل للوضع الاقتصادي والبيئي لتحديد أهم التحديات والفرص
وضع الأهداف: تحديد أهداف واضحة وقابلة للقياس لزيادة الاستدامة البيئية والنمو الاقتصادي.
التشريعات والسياسات: تطوير وتنفيذ تشريعات وسياسات تشجع على الاستثمار في الاقتصاد الأخضر والدائري، مثل منح الحوافز الضريبية للشركات الصديقة للبيئة.
التمويل: تأمين مصادر تمويل لتمويل مشاريع البنية التحتية الخضراء والمشاريع البيئية.
البنية التحتية: تعزيز البنية التحتية الخضراء من خلال بناء محطات للطاقة المتجددة ونظم لمعالجة النفايات وتطوير وسائل نقل صديقة للبيئة.
التعليم والتوعية: تنظيم حملات توعية للمجتمع حول أهمية الاقتصاد الأخضر والدائري وكيف يمكن للمواطنين المشاركة فيه.
دعم الشركات: تقديم دعم مالي وتشجيع الابتكار في الشركات الراغبة في تطوير حلول بيئية.
متابعة وتقييم: إنشاء نظام لمتابعة وتقييم تقدم تحقيق الأهداف وتعديل الخطة إذا لزم الأمر.
هذه الخطة تعتمد على التعاون بين الحكومة والقطاع الخاص والمجتمع المدني لتحقيق الاقتصاد الأخضر والدائري.
من المهم تخصيص موارد كافية وضمان شفافية في تنفيذ هذه الخطة لضمان النجاح والاستدامة.
دور المجتمع المدني
من ما لاشك فيه ان دمج المجتمع المدني في خطة الاقتصاد الأخضر والدائري يعزز من شراكة أوسع ويسهم في تحقيق الأهداف بشكل أفضل.
إليك كيفية تحقيق ذلك:
التشاور والمشاركة: وذلك بتنظيم اجتماعات وورش عمل تشارك فيها منظمات المجتمع المدني والمواطنين لجمع آرائهم واقتراحاتهم بشأن الخطة.
استفد من المنظمات غير الحكومية المختصة في البيئة والاقتصاد الأخضر للحصول على خبراتهم.
الشفافية: ضمن نقاشات مفتوحة حول الخطة وتنفيذها للجمهور، نشر المعلومات حول التقدم والنتائج بانتظام.
شراكات: عقد شراكات مع المنظمات غير الحكومية والمؤسسات الأكاديمية والقطاع الخاص لتنفيذ مشاريع مشتركة تعزز الاقتصاد الأخضر والدائري.
و تشجيع المشروعات التعاونية بين الحكومة والمجتمع المدني لتنفيذ مشاريع بيئية.
الرصد والمراقبة: تعيين دور مجتمعي في رصد تنفيذ الخطة والتقديم بالتقارير عن أي انتهاكات أو مخالفات.
توجيه السياسات: تشجيع المجتمع المدني على تقديم مقترحات لتحسين السياسات البيئية والاقتصادية.
دعم المشاركة الشبابية: تشجيع ودعم المشاركة الشبابية في مشاريع تعزز الاقتصاد الأخضر والدائري.
بهذه الطرق، يمكن تحقيق دمج فعال للمجتمع المدني في خطة الاقتصاد الأخضر والدائري وضمان أن الخطة تعبر عن احتياجات وآراء مختلف شرائح المجتمع وتحقق أهدافها بشكل أكثر فاعلية.
يسهم الاقتصاد الدائري في تقليل الاعتماد على استخدام الموارد الطبيعية وتقليل النفايات. ومن خلال إعادة التدوير واستخدام المواد المستعملة، يتم تقليل حاجة المجتمعات إلى شراء منتجات جديدة، وبالتالي توفير المال والموارد.
يساهم الاقتصاد الدائري أيضًا في تحسين جودة الهواء والماء والتربة، وذلك بتقليل النفايات الخطرة التي قد تكون ضارة للبيئة والصحة العامة.
يلعبان الاقتصاد الأخضر والدائري دوراً فعالاً في حل المشكلة الاقتصادية.
إيجاد الحلول التي تعزز التنمية الاقتصادية وتحمي البيئة الذى يعد أمرًا ضروريًا لضمان استدامة الحياة على كوكب الأرض.
ومن خلال تبني نماذج الاقتصاد الأخضر والدائري، يمكننا العمل معًا للحفاظ على الموارد الطبيعية المحدودة وتحقيق التوازن بين الاحتياجات الاقتصادية والبيئية.