وجهات نظر

هبة محمد إمام: آليات التحول إلى الاقتصاد الدائري والأخضر

خبير واستشاري بيئي، سفير بيئي

في السنوات الأخيرة، بدأ الحديث عن اتباع نهج الاقتصاد الأخضر والاقتصاد الدائري لمواجهة التحديات البيئية والاقتصادية.

يعتبر الاقتصاد الأخضر والدائري هدفًا رئيسيًا للعديد من الحكومات والمؤسسات حول العالم، ويهدف هذا الأسلوب إلى تحقيق النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة، مع الحفاظ على الموارد الطبيعية، وتوفير مستقبل أفضل للجميع .

على الرغم من العديد من الفوائد الكبيرة التي يمكن أن يوفرها الاقتصاد الأخضر والدائري، فإن هذا النظام له العديد من التحديات التي يجب التغلب عليها وتجاوزها.

إذا تم تجاهل هذه التحديات، فإننا لن ننجح في تطبيق هذه النظرية بشكل فعال .

استثمارات ضخمة

أحد أكبر التحديات التي تواجه اتباع الاقتصاد الأخضر والدائري، هو ارتفاع التكاليف الإجمالية للاستثمار في البداية، ومع ذلك، فإن التحويل إلى الاقتصاد الأخضر والدائري يتطلب استثمارات ضخمة في البداية، وهذا يتأتى من توافر تكنولوجيا وتصميم حديث.

كما أن هذا النوع من الاستثمار يحتاج أيضًا إلى مرافق متقدمة لإدارة نفايات تساهم في تعزيز توازن البيئة .

أيضًا، يواجه الاقتصاد الأخضر والدائري انعدام الوعي والرغبة عند بعض المستثمرين، الذين اعتادوا على طريقة التشغيل التقليدية الهابطة، ولا تتماشى مع أفكار الاقتصاد الأخضر والدائري.

أيضًا، يتطلب تحويل الاقتصاد التقليدي إلى النظام الأخضر والدائري خططاً واضحة وتوضيحاً كاملاً للكفاءة والفرص المتاحة، وهذا يتطلب جهوداً كبيرة لتغيير الثقافة المتعارف عليها لدى المجتمع .

البحث والتطوير في العلوم والتكنولوجيا

إلى جانب ذلك، يضع الاقتصاد الأخضر والدائري التحدي الأكبر على أولويات الجهد البحثي والتطوير في العلوم والتكنولوجيا وتصميم المنتجات لتحويل الموارد الخام إلى منتجات وخدمات مستدامة.

يجب تطوير تكنولوجيا جديدة لإدارة مخلفات وتحويل الموارد وإدارتها، ويجب مشاركة المقاولين والمصنعين والمستثمرين في هذه العملية من خلال مشاركتهم في الدراسات البحثية .

علاوة على ذلك، يواجه الاقتصاد الأخضر والدائري تحديًا فيما يتعلق بتدريب وتأهيل العاملين، حيث يتطلب وجود العمال المتاحين الذين يعرفون كيف يديرون العملية بشكلٍ صحيح وبأعلى كفاءة، وهذا يتطلب توفير التدريب المناسب لخدمات الصيانة والإصلاح والتعلم .

صياغة سياسات وقوانين

أخيرًا، يتضمن التحدي الأكبر الذي يواجه الاقتصاد الأخضر والدائري، تحدي صياغة سياسات وقوانين قادرة على تشجيع المبادرات الخضراء الدائرية، والتأكيد على جدوى وفائدة هذا النوع من الاقتصاد لإدارة المخلفات والموارد الخام والمواد المستعملة .

بشكل عام، يعتبر التغيير إلى الاقتصاد الأخضر والدائري تحديًا كبيرًا للحكومات والمؤسسات حول العالم، ولكن هذا التحدي سيساعد على تصميم وتنفيذ تصميمات أفضل وفعالية واستدامةً في المستقبل.

نهج جديد ومبتكر للتنمية المستدامة

يجب توثيق النماذج الحالية لهذا النوع من الاقتصاد على أنها نماذج للمستقبل، وتعزيزها وإدارتها بطرق مختلفة، وتطوير تشريعات وقوانين الاقتصاد لتحسين تنفيذه .

يعتبر الاقتصاد الأخضر والدائري نهجًا جديدًا ومبتكرًا للتنمية المستدامة. فالهدف من هذا النهج هو تحقيق النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة وصون الموارد الطبيعية لتوفير مستقبل أفضل للبشرية.

ويعد التحوُّل إلى الاقتصاد الأخضر والدائري أحد الأساليب الرئيسية التي يتبعها العديد من الحكومات والمؤسسات حول العالم لتحقيق أهداف التنمية المستدامة .

تستند فكرة الاقتصاد الأخضر على توجه بيئي يجعل الأساليب الاقتصادية والإنتاجية أكثر فعالية وأقل تأثيرًا على البيئة.

ويستخدم الاقتصاد الأخضر تكنولوجيا مستدامة ونظم إدارة النفايات والموارد الطبيعية المتجددة ليتمكن من توليد الطاقة وتصميم المنتجات بشكلٍ يحدُّ من استنزاف الموارد الطبيعية والتأثير السلبي على البيئة، ويساعد في تحسين حياة البشر .

أما الاقتصاد الدائري، فيُعرف بأنه نظام اقتصادي يهتم بإطالة دورة حياة الموارد الاقتصادية عبر الإدارة الفعالة لهذه الموارد، وكذلك الموارد غير المتجددة، وإدارة النفايات.

وتهدف هذه النظرية إلى توفير النمو الاقتصادي والاستدامة البيئية، عبر استعادة، وتحويل واستخدام الموارد والمواد السابقة التي إما يتم التخلص منها بصورة نفايات أو لم تُستخدم بشكل جيد في الدورة الاقتصادية الحالية .

جميع هذه المفاهيم تنبع من التحديات البيئية التي نواجهها، فمع تزايد عدد السكان يتزايد استخدام الموارد، والغذاء، والمياه، والطاقة، مما يزيد الضغط على الموارد الطبيعية.

النظام الاقتصادي

ونحن ندرك تأثيرات استخدام هذه الموارد على الكوكب، وتشجع المنظمات والحكومات على العمل بجد لتحقيق الاستدامة البيئية .

ترتكز علاقة الاقتصاد الأخضر والدائري في التفكير الشامل حول النظام الاقتصادي.

فعند اتباع النهج الاقتصادي التقليدي، يتم الاعتماد على الاستهلاك الغير مستدام للموارد الطبيعية، والتي قد تؤدي إلى نفاذ هذه الموارد في المستقبل، مسببة تدمير البيئة.

وهذا يشجع على ممارسة استخدام غير متجدد للطاقة والمواد، بدلًا من الاستثمار في تطوير تكنولوجيا مستدامة وإدخال نظم إدارة فعالة لتخفيض النفايات المنبعثة عن العمليات الإنتاجية .

ولكي نحقق أهداف التنمية المستدامة، يجب أن نتخذ إجراءات فعالة للتحول إلى النهج الاقتصادي الأخضر والدائري.

الإجراءات

وهناك مجموعة من الإجراءات التي يمكن القيام بها والتي ستحد من التدمير البيئي وتحفظ الموارد الطبيعية، وتحقق النمو الاقتصادي والاستدامة المستدامة في الوقت ذاته .

الإجراء الأول : يتمثل في توفير الدعم المالي اللازم لتحويل الاقتصاد التقليدي إلى النظام الأخضر والدائري. وعلى الرغم من أن هذه العملية تحتاج إلى رأس المال في البداية، إلا أن هناك فرصًا واقعية لإنقاذ التكاليف الإضافية على المدى الطويل .

الإجراء الثاني: هو تعزيز الوعي والتثقيف بشأن الاقتصاد الأخضر والدائري على المستوى الفرد والمجتمع .

فعندما يكون لدى المجتمع المعرفة اللازمة حول الاقتصاد الأخضر والدائري، سيتمكنون من التعامل مع الممارسات الاقتصادية بشكلٍ أكثر ذكاءً ووعيًا، وسيتعاملون بشكلٍ أفضل مع الموارد الطبيعية والنفايات .

الإجراء الثالث: إدخال التكنولوجيا المستدامة في العمليات الإنتاجية.

ويجب التركيز على ترشيد استخدام الطاقة، واستخدام المواد المعاد تدويرها والموراد المتجددة في عمليات الإنتاج، وهذا يتطلب تطوير تكنولوجيا مناسبة المتخصصة في الإنتاج المستدام على جميع الاصعدة .

الإجراء الرابع: هو إدخال سياسات وقوانين الاقتصاد الأخضر والدائري و تشجيع المبادرات الخضراء. يجب على الحكومات والمنظمات والمؤسسات على مستوى العالم، وضع السياسات والتشريعات الملائمة لتحقيق التحول نحو الاقتصاد الأخضر والدائري .

الإجراء الخامس: يجب العمل على التعليم والتدريب الفني للعاملين في الصناعات المستدامة ، وذلك لتمكينهم من العمل بشكلٍ أكثر فعالية في ظل الاقتصاد الأخضر والدائري .

لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، يجب أن ننتبه للاقتصاد الأخضر والدائري، ونتخذ الإجراءات اللازمة للتحول إلى هذا النظام الاقتصادي.

يتيح هذا النظام فرصة كبيرة لتوفير حياة أفضل للمجتمعات، سواءً عبر تحقيق النمو الاقتصادي والحفاظ على الموارد الطبيعية.

تعزيز الوعي وتوفير الدعم المالي

وكما توضح الإجراءات الواردة سابقًا، يتطلب تحويل الاقتصاد التقليدي إلى النظام الأخضر والدائري جهودًا مشتركة من المجتمع بأسره مع دعم الحكومات وصانعي القرار، وهذا سيتطلب العمل الجاد وبذل الجهود المستمرة لتعزيز الوعي بالإضافة لتوفير الدعم المالي اللازم لتحقيق النمو المستدام .

يمكننا القول إن التحوُّل إلى الاقتصاد الأخضر والدائري أمر حتمي لتحقيق التنمية المستدامة والحفاظ على الموارد الطبيعية.

ومع تزيد مخاطر التغير المناخي والاستنزاف المستمر للموارد الطبيعية، يجب علينا تغيير النهج الاقتصادي والصناعي، وتبني نموذج جديد يستند إلى الاقتصاد الأخضر والدائري .

وتعد السياسات الحكومية المناسبة والإجراءات المناسبة والتعليم ورفع الوعي هي عوامل حاسمة في تحويل الاقتصاد التقليدي إلى النظام الأخضر والدائري.

وعندما تتحد الخبرة والموارد والجهود في اتجاه الاقتصاد الأخضر والدائري، يمكننا مواجهة تحديات البيئية وتحديات نقص الموارد بشكلٍ أفضل، ونحقق الاستدامة للموارد الطبيعية وحفاظا لحقوق الأجيال القادمة.

تابعنا على تطبيق نبض

Comments

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: