نفايات سامة وإشعاعات وأزمات طاقة وغذاء.. روسيا أمام الجنائية الدولية بسبب أخطر حرب على البيئة
الحرب الروسية الأوكرانية أخطر الحروب.. تشيرنوبيل ليس التهديد النووي الوحيد

أثارت الحرب الروسية الأوكرانية التى أعُلنت من الجانب الروسي في 24 فبراير الماضي، العديد من التداعيات التى تؤثر على البيئة والمناخ والأمن الغذائي في دول الجوار، وكذلك الدول التى تعتمد على الغاز الروسي أو القمح الأوكراني.
المشهد في أوكرانيا يجعل الحرب واحدة من أخطر الحروب في العالم، من حيث الأضرار المتعلقة بالبيئة ، بما في ذلك احتمال وقوع كارثة نووية.
تأثر الحرب على البيئة
وتشمل الآثار البيئية المتأثرة بالحرب في إطلاق المواد السامة في الهواء والماء والتربة من المباني المنهارة، وأنظمة الصرف الصحي المعطلة، وخطوط الأنابيب المنفجرة والمرافق الصناعية المتضررة مثل مواقع تخزين الوقود والمواد الكيميائية.
يخشى الخبراء الأمميين من أن القتال قد يتصاعد، حيث تستهدف روسيا السدود الكهرومائية في أوكرانيا، وسدود نفايات المناجم السامة، ومواقع تخزين النفايات الخطرة.
ليست تشيرنوبيل التهديد النووي الوحيد الذي أشعله الغزو الروسي لأوكرانيا، فلا تزال احتمالية اندلاع الحرائق في “الغابة الحمراء” ملوثة بالتساقط الإشعاعي من الانهيار عام 1986، و15 مفاعلًا يعمل في أماكن أخرى من البلاد ، تشكل مخاطر أكبر.
أصدرت أكثر من 1000 منظمة وفرد من أكثر من 75 دولة رسالة مفتوحة للتعبير عن تضامنهم مع شعب أوكرانيا والتعبير عن القلق بشأن الخسائر البيئية والبشرية للحرب، وتطلع دعاة حماية البيئة إلى المحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي لمعالجة حالات التدمير البيئي.
تشمل الآثار البيئية إطلاق المواد السامة في الهواء والماء والتربة من المباني المنهارة، وأنظمة الصرف الصحي المعطلة، وخطوط الأنابيب المنفجرة والمرافق الصناعية المتضررة مثل مواقع تخزين الوقود والمواد الكيميائية. يخشى الخبراء من أن القتال قد يتصاعد ، حيث تستهدف روسيا السدود الكهرومائية في أوكرانيا ، وسدود نفايات المناجم السامة ، ومواقع تخزين النفايات الخطرة.

وقد يؤدي سوء التقدير إلى زعزعة استقرار أحد المفاعلات النووية النشطة الخمسة عشر في أوكرانيا. استولت القوات الروسية صباح الجمعة على أحد تلك المواقع النووية في الجزء الجنوبي من أوكرانيا ، لكن حريق أبلغ عنه في المحطة تم إخماده ، ولم يكن هناك ما يشير على الفور إلى تسرب الإشعاع إلى الغلاف الجوي.
قال كارل بروش، مدير البرامج الدولية في معهد القانون البيئي التابع للأمم المتحدة: “في النزاعات المسلح، هناك قدر كبير من المعاناة الإنسانية لدرجة أنه يبدو أحيانًا أنه من غير اللائق التفكير في المخاوف البيئية”، “لكن الحقيقة هي أن الآثار البيئية يمكن أن تؤثر على سبل العيش والصحة العامة وتقتل الناس من خلال انتشار المرض الذي لم يكن ليحدث لولا ذلك.”
ويقول كارول موفيت المدير التنفيذي لمركز القانون البيئي الدولي، إن “الآثار البيئية للحرب ستكون طويلة الأمد ويصعب علاجها، وذلك عندما تتحدث عن إطلاق مواد خطرة ، فإنها غالبًا ما تكون غير مرئية بالعين المجردة. لذا ، فإن التعرض لغير المقاتلين – الأطفال والمدنيين الأبرياء – يمكن أن يستمر لسنوات إن لم يكن لعقود”.
قلق دولي انبعاث مواد مشعة نووية
ويشير خبراء وتقارير دولية، إلى أن استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، تفاقم أزمة توفير الطاقة، وتهدد أيضا الخطط الحكومية إلى التحول نحو الاقتصاد الأخضر.
البيانات الصادرة من وزارات الدفاع في روسيا وأكرانيا، أشارت إلى استخدام كافة الأسلحة الحربية، والتى نتج عنها انفجارات وحرائق عدة على مدار أيام منذ بدأ الحرب، وهذا يؤثر بالضرورة على صعود الأدخنة والمواد الخطرة، وخاصة المشعة والنووية منها.
من جانبها أعلنت وزارة الدفاع الأوكرانية، إن المحطة تم قصفها بالصواريخ من قبل القوات الروسية، مما تسبب ذلك في فزع في دول العالم والمنظمات الدولية من انبعاث مواد مشعة نووية خطرة، الأمر الذى دعا وكالة الطاقة الدولية إلى وصف ذلك القصف بـ” الخطير” على المنشأت النووية، محذرة من زيادت أو تسريب أشعاعي للمواد النووية في المحطة.
وتعتبر محطة زابوريجيا أكبر مواقع محطات القوى النووية في أوكرانيا، حيث تضم 6 مفاعلات لتوليد الطاقة النووية من جملة المفاعلات الموجودة في أوكرانيا والبالغ عددها 15 مفاعلاً.

وقالت الوكالة الدولة للطاقة الذرية، إن الموظفين المحتجزين في محطة تشرنوبل للقوى النووية منذ فرضت القوات المسلحة الروسية سيطرتها على الموقع قبل أسبوع يواجهون “ضغوطاً نفسية وإجهاداً معنويا”، وشدد على أنه يجب السماح لهم بالاستراحة والتناوب مع غيرهم بما يكفل تأدية عملهم البالغ الأهمية على نحو مأمون وآمن.
بدورها قالت منظمة ZOI Environmental Network”” السويسرية، إن هناك مخاوف من أن روسيا قد تستخدم “ذخائر اليورانيوم المستنفد”، والتي يمكن أن تخترق الحديد وتترك جزيئات عالية السمية من اليورانيوم عند نشرها في الهواء.
في رسالة مفتوحة نُشرت في 3 مارس ، شجبت جمعية بناء السلام البيئي السيطرة الروسية على مواقع ومنشأت نووية في أوكرانيا، بما في ذلك تشيرنوبيل ، وشددت على مخاطر العمليات العسكرية على سكان البلد المكتظ بالسكان والبيئة الطبيعية لسنوات وعقود قادمة.
وفي اجتماع جمعية البيئة التابعة للأمم المتحدة في نيروبي نهاية فبراير 2022، سلطت 108 منظمة غير حكومية الضوء على المخاطر الجسيمة التي يشكلها الحرب على النظم البيئية وأعربت عن مخاوفها بشأن القصف الذي يطلق النفايات النووية والسامة في البيئة.

أزمة غذائية بسبب الحرب
وتشير التقارير إلى أن استمرار الحرب في أوكرانيا، يثير مخاوف من انفجار أزمة غذائية في عدة بلدان، تستورد عادة الحبوب، وخاصة القمح، من روسيا وأوكرانياـ والتجاء هذه الدول إلى بلدان أخرى لاستيراد هذه المادة الحيوية والضرورية في حياة الشعوب العربية، سيزيد من رفع أسعارها لعدة أسباب، وهو ما سيضاعف من المعاناة المعيشية في هذه الدول ويهدد أمنها الغذائي.
تأثير الهجوم الروسي على هذا البلد الأوروبي، سيكون قاسيا معيشيا على عدة بلدان خاصة إذا امتدت هذه الحرب فترة طويلة، فهناك عدة دول تستورد القمح سواء من روسيا، أول مصدر عالمي لهذه المادة الحيوية، أو من أوكرانيا التي تحتل المرتبة الرابعة دوليا.
والنزاع بين البلدين يؤدي تلقائيا لوقف الحركة التجارية مع الخارج، أولا بسبب الحرب على الأراضي الأوكرانية وثانيا لفرض عقوبات على الصادرات الروسية.
وتستورد الدول العربية مجتمعة 60 % من احتياجاتها للحبوب من روسيا وأوكرانيا إضافة إلى فرنسا ورومانيا، لكن لروسيا وأوكرانيا ثقل دولي خاص في توريد العالم العربي بالحبوب، نظرا لسعرها المنخفض في البلدين.
وحذّر المدير العام لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة، من التبعات المحتملة للأزمة على الأمن الغذائي خارج المنطقة، بما في ذلك لدى الدول التي تعتمد بدرجات متفاوتة على القمح المصدّر من تلك المنطقة.
وقال “شو دونيو”، إن الاضطرابات التي تتعرّض لها أسواق الأغذية الدولية نتيجةً للنزاع قد تفرض ضغوطًا على البلدان المعتمدة على الاستيراد، لا سيّما تلك التي تعاني أصلًا مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي أو التي تصارع أزماتها الغذائية المحلية.

أزمة طاقة في العالم
أوضحت مؤشرات الاقتصاد العالمي وكذلك البورصات العالمية، إلى وجود أزمة في مجال الطاقة وأسعار المواد النفطية، فعلى سبيل المثال تشتري أوروبا يومياً نحو 40% من استهلاكها من الغاز من شركة “غازبروم” الروسية العملاقة التي تملكها الدولة، ونتيجة للحرب تعثر وصول الغاز إلى أوروبا بسبب العمل العسكري، وكذلك فرض عقوبات غربية أوروبية أمريكية على الشركات الروسية، هذا بالإضافة إلى قلق من أن يطال القصف خطوط الأنابيب أو أجزاء أخرى من البنية التحتية الخاصة بنقل الغاز.
وواصلت أسعار النفط ارتفاعاتها، مع أعلن عدة شركات عالمية تعمل في مجال النفط، وقف التعامل مع السلطات الروسية، كشراء أو بيع المواد النفطية، كما تجاوزت العقود الآجلة لخام برنت 132 دولارًا للبرميل، فيما صعد خام غرب تكساس الوسيط إلى 128 دولارًا.