نفايات حفاضات المسنين مصدر جديد للوقود في اليابان
عدد من تخطوا الـ 65 عاما في اليابان 36.4 مليوناً..

في اليابان يستخدم فيها الأشخاص الأكبر سناً، الذين يعانون سلس البول، حفاضات أكثر من الأطفال، مما أوجد جبال من نفايات الحفاضات، وخاصة في بلدة هوكي في محافظة توتوري؛ التي تقع قرب الساحل الغربي لليابان.
بلدة هوكي يبلغ عدد سكانها ما يزيد عن 10 آلاف و500 شخص، كان المسؤولون قلقين بشأن نفايات الحفاضات سريعة النمو، والنظر في تكاليف تطوير محرقة قديمة، وقرروا تحويل واحدة من اثنتين من محارق البلدة إلى مصنع لإعادة تدوير الحفاضات وإنتاج الوقود، الذي من شأنه أن يساعد في تقليل تكاليف التسخين بالغاز الطبيعي، في الحمام المعدني العام.
ومن خلال إعادة تدوير الحفاضات، التي تمثل نحو عُشر نفايات المدينة، استغلت النفايات التي كان من الممكن إلقاؤها في المحارق، لتضيف انبعاثات إلى الغلاف الجوي.
ومع مواجهة العديد من الدول الأخرى لانهيار ديموغرافي مماثل، فإن نفايات حفاضات البالغين تشكل تحدياً خفياً يلوح في الأفق جنباً إلى جنب مع نقص العمالة في دور رعاية المسنين، وأنظمة المعاشات التقاعدية غير الممولة بشكل كافٍ.
وفي ذلك يقول الباحث أول في المعهد الوطني للدراسات البيئية، كوسوكي كاواي: عندما نفكر في الأمر، نجد إنها مشكلة صعبة وكبيرة، مضيفا أن اليابان والدول المتقدمة الأخرى ستواجه مشكلات مماثلة في المستقبل.
وفي الحمامات العامة تنبع المياه الطبيعية، من الينابيع ساخنة موجودة تحت الأرض، وعلى السطح، قبل خروج الماء، يتم تسخينه إلى 41.6 درجة مئوية، وهي درجة حرارة مثالية للعضلات المرهقة.
ولكن من غير المعروف لمعظم مستخدمي هذه الحمامات، أن الفرن الذي يسخن المياه يعمل بوقود من أصل غير نظيف: حبيبات معاد تدويرها من حفاضات البالغين المُتسخة، وفي الحمامات المعدنية، لا يوجد شيء يُعلن عن مصدر وقود التسخين.
ويعتبر تحدي الحفاظات كبيراً، بشكل خاص، في اليابان، حيث يذهب أكثر من 80% من نفايات البلاد إلى المحارق، أعلى من أي دولة غنية أخرى، على الرغم من الهوس بفرز القمامة.
وفي حين أن معظم مصادر النفايات الأخرى ينخفض حجمها مع تقلص عدد السكان في اليابان، فإن مخلفات كبار السن تزداد بآلاف الأطنان، يومياً.
زادت كمية حفاضات الكبار التي تحول إلى نفايات، في اليابان، بنحو 13%، إلى نحو 1.5 مليون طن سنوياً، في السنوات الخمس الماضية، وفقاً لبيانات وزارة البيئة.
وفقاً للسلطات اليابانية يبلغ العدد التقديري للأشخاص الذين تبلغ أعمارهم 65 عاماً أو أكثر، في اليابان، بلغ مستوى قياسياً، إذ وصل إلى 36.4 مليوناً، بزيادة قدرها 220 ألفاً عن عام 2020.
وارتفعت نسبة المُسنين من إجمالي عدد سكان البلاد إلى مستوى قياسي بلغ 29.1٪، وهو أعلى رقم بين 201 دولة ومنطقة في جميع أنحاء العالم.
وفي اليابان، ارتفعت نسبة كبار السن منذ عام 1950، ومن المتوقع أن يرتفع هذا الرقم إلى 35.3٪ في عام 2040، عندما يصل ما يسمى بالجيل الثاني من طفرة المواليد، أو الأشخاص الذين ولدوا في أوائل السبعينات، إلى سن يبلغ من العمر 65 عاماً أو أكثر، وفقاً للمعهد الوطني لأبحاث السكان والضمان الاجتماعي.
ومن المتوقع أن تنمو هذه النفايات بنسبة 23% أخرى، بحلول عام 2030، عندما يمثل أولئك الذين يبلغون من العمر 65 عاماً أو أكثر، ما يقرب من ثلث السكان.
ونظراً لكون الحفاضات تحتوي على الكثير من لب القطن والبلاستيك، وتتضخم إلى أربعة أضعاف وزنها الأصلي بعد تلوثها، فإنها تتطلب وقوداً أكثر بكثير للحرق من مصادر أخرى. وهذا يؤدي إلى فواتير مكلفة لإدارة النفايات للسلطات المحلية، وكميات كبيرة من انبعاثات الكربون الضارة.
وعلى عكس المنتجات الأخرى، مثل المواد البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد، لا يمكن تقييد استخدام الحفاضات دون المساس بالصرف الصحي والرعاية الصحية. وتؤكد الهيئات الصحية أنه لا يمكن وقف استخدام الحفاضات.
يعتبر تحدّي الحفاضات كبيراً، بشكل خاص، في اليابان، حيث يذهب أكثر من 80% من نفايات البلاد إلى المحارق، على الرغم من الهوس بفرز القمامة،36.4 مليون شخص تبلغ أعمارهم 65 عاماً أو أكثر في اليابان.
واعترافاً بالمشكلة المتفاقمة، شكلت وزارة البيئة اليابانية مجموعة عمل، العام الماضي، لمناقشة بدائل حرق الحفاضات.
وهناك عدد قليل من البلديات الأخرى تتبع هوكي، وتحول الحفاضات إلى كريات وقود، فيما يحاول البعض تحويلها إلى مادة يمكن خلطها مع الأسمنت، للبناء أو رصف الطرق.
وقامت شركة «يونيشارم»، وهي إحدى أكبر الشركات المصنعة للحفاضات في البلاد، ببناء مصنع تجريبي في كاجوشيما، جنوب اليابان، حيث تقوم بإعادة تدوير الحفاضات، مرة أخرى، لاستخدامها في الإنتاج.
ومن أكبر التحديات لإعادة التدوير، هو فصل الحفاضات المتسخة عن جميع النفايات الأخرى، من قبل مقدمي الرعاية، وفي ذلك، يقول المسؤول في قسم تعزيز إعادة التدوير بوزارة البيئة، هاياتو إيشي، إن أقل من 10% من البلديات تطلب من الأُسر فصل حفاضات الأطفال عن القمامة العامة.
وفي بلدة هوكي، لا تقوم الأسر بفرز الحفاضات؛ ولكن في ست دور رعاية، يقوم المساعدون بالتخلص من الحفاضات في أكياس خاصة لمنع انبعاث الروائح، ويتم نقلها إلى مصنع إعادة التدوير كل يوم من أيام الأسبوع.
وفي مستشفى إعادة التأهيل «دايسن»، حيث يحتاج ثمانية من كل 10 من نحو 200 مريض إلى حفاضات، تُستخدم مرة واحدة، وينتج المرضى نحو 180 كيلوجراماً من هذه النفايات يومياً.
بعد ظهر أحد الأيام، أخيراً، قام تاتسوشي ساكاتا (33 عاماً)، وهو أحد العاملين في مصنع إعادة تدوير الحفاضات بالمنطقة، بجمع 35 كيساً كبيراً، يحتوي كل منها على 30 من الحفاضات، وجميعها مستخدمة خلال الـ24 ساعة الماضية، من مساحة التخزين خلف المنشأة، وألقى بها في شاحنة لنقلها إلى مكان آخر.
ويجمع ساكاتا عادة ما يقرب من طن من الأكياس في جولاته اليومية. وفي مصنع إعادة التدوير، كان هو وزملاؤه يرتدون بدلات خاصة وأحذية مطاطية وخوذات، ويقومون بتفريغ الحفاضات في وعاء بحجم مقطورة صغيرة. ويتم تعقيمها لمدة 24 ساعة في حرارة 350 درجة، ما يخفض حجمها إلى ثلث وزنها وهي متسخة.
وتقوم هذه العملية بتحويل الحفاضات إلى زغب تتم معالجته من خلال آلة أخرى وتحويله إلى حبيبات رمادية بطول بوصتين.
يقول تاتسوشي ساكاتا، الذي عمل لمدة 10 سنوات في مصنع: «في البداية، اعتقدت أنه كان مخيفاً بعض الشيء، لأننا كنا نتعامل مع الفضلات»، متابعاً: هدفنا تحويل القمامة التي لا يمكن التحكم فيها إلى شيء يمكن التحكم فيه.
من جهته، قال عمدة هوكي، تاموتسو مورياسو، إنه لا توجد أموال يمكن جنيها في عملية إعادة التدوير، التي وفرت تكاليف الوقود في محطة الحرق وخفضت تكاليف النقل.
وفي الحمام العام، يقوم عامل بإلقاء الكريات في قمع كبير متصل بواسطة أنابيب بلاستيكية واسعة إلى فرن الكتلة الحيوية. ويتم حرق الكريات لتوليد الحرارة الشديدة اللازمة لتسخين مياه الاستحمام.
وعلى الرغم من أن العملية تنتج انبعاثات كربونية، إلا أن الحبيبات أقل تلويثاً من الفحم، أو غاز البترول المستخدم سابقاً في المرجل، وفقاً لمسؤولين حكوميين.
وقال تاتسويا ساكاجامي (68 عاماً)، وهو مسؤول متقاعد بالمدينة يستخدم الحمامات أحياناً: «عندما سمعت عنها أول مرة، فكرت في الأمر»، مضيفاً «لكن حفاضات الكبار هي مجرد عناصر يستخدمها البشر».