ملفات خاصةأهم الموضوعاتأخبارالاقتصاد الأخضر

عضو مجلس الطاقة العالمي: العالم لن يتخلى عن الوقود الأحفوري طالما موجود في باطن الأرض.. والفحم مازال يمثل ثُلث توليد الكهرباء عالميًا

د.ماهر عزيز: أجواء مصر والبنية التحتية يصلح معها الانتقال إلى الطاقة الشمسية الحرارية.. ووصل أوروبا في 2050 لاستخدام أكثر من 80% من الطاقات المتجددة أحلام لن تتحقق

كتب مصطفى شعبان

أكد د.ماهر عزيز، استشاري الطاقة والبيئة وتغير المناخ، أن تقرير الفريق الحكومي المعني بتغير المناخ التابع للأمم المتحدة هو دليل واضح للعالم لكيفية تعامله مع قضية المناخ، ويشدد على أن أهم وسائل التخفيف هي الانتقال من استخدام الوقود الأحفوري إلى مصادر الطاقة المتجددة، لكن هذا ليس سهلا، فالقصور الذاتي في الطاقة كبير جدا، ولا يمكن الانتقال من محطة توليد كهرباء تعمل بالفحم إلى الطاقة المتجددة بسرعة أو بسهولة.

وأوضح عزيز وهو عضو مجلس الطاقة العالمي، أن محطات الكهرباء هي رأس مال للدولة والمستثمرين ولا يمكن التخلي عنها بين يوم وليلة، فهي أصل من أصول الدولة التي تقاس بها قوتها الاقتصادية، والمحطة تعمل حوالي أربعين عاما، فلن يتم وقفها إلا أن تكون وفيت الجدوى الاقتصادية منها، ومستحيل أن يتم غلق هذه المحطات بعد ضخ هذا الكم من الاستثمارات، وهكذا كل أنواع الوقود الأحفوري، سواء في الصناعة أو توليد الكهرباء أو النقل، وكل التكنولوجيا والمعدات المصممة هي مصممة لاستخدام الوقود الأحفوري، وللإقلاع عن استخدام هذا يعني رأس مال جديد وتكنولوجيا جديدة واستغناء عن أصول رأسمالية قائمة.

وأضاف أنه يترتب على استخدام الوقود الأحفوري في قطاعات عديدة وتكنولوجيات، وتبعيات أخرى تتطلب تعديل كل هذه الحلقات والمراحل في حل الانتقال إلى نوع جديد من الطاقة، كما أن هناك أحمال كبيرة ” أحمال الأساس” لا يمكن أن نستطيع أن نغذي أحمال البنية الأساسية، وأحمال مصانع الأسمنت، والأسمدة، والحديد والصلب، وغيرها من الصناعات الثقيلة والكبيرة لا يمكن أن تقوم بتغذيتها مصادر الطاقة الجديدة والمتجددة الآن، وذلك لعيبين جوهريين في الطاقة المتجددة وهما متقطعة وغير مستمرة فطاقة الرياح متقطعة مع سرعات الرياح وكذلك الطاقة الشمسية لها مواعيد محددة وتشتد وتنخفض على مدار اليوم ولا تتواجد أكثر من نصف اليوم، وهنا “الاعتمادية” ستكون ضعيفة على هذه المصادر، وهي أيضا مترجحة في الإمداد فسرعات الرياح متغيرة ومترجحة وهذا ينعكس على توليد الكهرباء ويتسبب في أزمات ومشاكل كثيرة في المحطات.

صناعة الأسمنت

وأشار إلى أن الاستثمارات في مصادر الطاقة المتجددة ظلت لفترة طويلة مرتفعة جدا مقارنة بالوقود الأحفوري، ولم تتراجع أسعار الاستثمار فيها إلا السنوات الأخيرة تقريبا، وهي من الطاقات المكلفة واستثماراتها تحتاج رأس مال أكبر من الاقتصاديات المعتادة في الوقود الأحفوري، والدراسات الاقتصادية كانت ترجح دائما الوقود الأحفوري والغاز للجدوى الاقتصادية، ولكن السنوات الأخيرة أصبحت منافس قوي.

الطاقة المتجددة

حوافز الدول المتقدمة للطاقة المتجددة

الدول المتقدمة المتوسعة أكبر من الدول النامية في انتشار الطاقات المتجددة كان لديها حلول حكومية استطاعت أن تدعم انتشار الطاقات المتجددة، على سبيل المثال، ألمانيا ضخت للمستثمرين والمستهلكين 16 مليار يورو سنوي للوصول إلى 40 جيجاوات من الطاقات المتجددة- وهذا لا يساوي أكثر من 30 % من مزيج الطاقة وإجمالي إنتاج الطاقة، ولن تستطيع ألمانيا، وأغلب دول أوروبا حاليا التوسع أكثر من الطاقات المتجددة، خاصة أن أحمال الأساس وأحلام الوصول إلى استخدامات الطاقات المتجددة في 2050 أكثر من 80% من إجمالي الطاقات المستخدمة، فهذه أحلام لن تتحقق وأقصى شيئ يمكن أن يصلوا إلى 60%فقط لأسباب كثيرة.

الوقود الأحفوري

لن يتخلص العالم من استخدام الوقود الأحفوري طوال ما هو موجود في باطن الأرض فإذن لن يتوقف العالم عن استخدام الوقود الأحفوري إلا بانتهاء ونضوب هذا الوقود في الأرض، ويقدر مجلس الطاقة العالمي أن يستمر استخدام النفط ما بين 40-50 عام قادم، وأن يستمر استخدام الغاز الطبيعي حوالي ما بين 60-65 عام قادم، ولكن استخدامات الفحم قد تصل إلى ما بين 100- 200 عام، وهذه التقديرات هي الواقعية للتقييم وأي حديث غير هذا يتم ترديده ليس أكثر من محاولة كسب سياسي أو مواقف غير مرتبطة بالواقع ، ولكنها ستنضب عالميا، والهلع العالمي الذي يسيطر على العالم كله الآن هو الخوف والقلق من نضوب الطاقة الأحفورية وهو ما يحرك العالم للبحث عن البدائل في الطاقات المتجددة، وأنهم يريدون الاستعداد فقط للحظة انتهاء هذا الوقود من باطن الأرض.

الوقود الاحفوري

مسكنات

أما عن القوانين واللوائح والتحركات العالمية في التوسع في الطاقة المتجددة أو تجريم استخدامات الفحم كما يرى عزيز ما هي إلا مسكنات أو شو، ودليله على ذلك أن نسبة استخدامات الفحم في توليد الكهرباء في العالم أكثر من 33% أي ثلث توليد الكهرباء عالميا يعتمد حتى الآن على الفحم بما فيها الدول المتقدمة وأوروبا والولايات المتحدة.
ويعتبر عزيز ، أن الجهات الدولية فقط تتعالم بطريقة مزدوجة مع الدول الإفريقية والنامية، موضحا أن دعاوى الجهات الدولية تحرم الدول النامية وخضوع وزارة الكهرباء ومصر لمثل هذه الدعاوى ” للابترزاز” بدعوى تغير المناخ، ويجب أن يتوقف ولا نسمح لمثل هذه الجهات الدولية أن تتدخل في إدارة مصر لملف الطاقة، وخاصة أنه كلما ارتفعت كفاءة محطات الفحم كلما انخفضت انبعاثات الغازات الدفيئة، عندما كانت الكفاءة 32% أي كل كيلو فحم نستفيد منه بالثلث والباقي يخرج في الهواء على هيئة انبعاثات، ثم زادت الكفاءة إلى 38% ثم 42% ثم 45% ووصلت إلى 48 % وهناك حاليا أبحاث وإجراءات للوصول إلى 50% من الكفاءة وهذا معناه أن هناك تعديلات كبيرة في التكنولوجيا وتعمل الغلايات لأكثر من 150ضغط جوي ودرجة الحرارة تصل إلى 700 درجة مئوية، وهذا يحتاج كل التوصيلات والماكينات.

محطة كهرباء تعتمد على الفحم

وأوضح، أنه عندما كانت الكفاءة 38 % كان كل كيلوات ساعة من محطة الفحم يصدر 1100 جم من ثاني أكسيد الكربون، وعندما وصلت 42% يصدر الكيلو 800 جم ثاني أكسيد الكربون، وانخفض إلى 700 جم ثاني أكسيد الكربون عندما تطورت الكفاءة إلى 45%، ثم انخفضت إلى 650جم عندما أصبحت 48%، والتكنولوجيا الجديدة لمحطات الفحم تعمل الآن على رفع الكفاءة إلى 50% وبهذا تخفض انبعاثات غازات الاحتباس الحراري إلى 600 جم فقط، للكيلو وات المولد من الكهرباء.
وأشار إلى هذا مقابل الغاز الطبيعي الذي نستخدمه ويوأولد ما بين 350جم حتى 500 جم حسب التكنولوجيا، وهنا يكون الفحم اقترب إلى الغاز الطبيعي، أما البترول( النفط) حتى الآن عند استخدامه في توليد الكهرباء يصدر عنه انبعاثات ثاني أكسيد الكربون حوالي 700 جم لكل كيلوات، وهنا تنكشف خدع الغرب ضد الدول النامية.

وأضاف أن الملكية الفكرية للتكولوجيا، وما يتعلق بابتكارات الطاقة والمناخ ترجع بالأساس إلى محاولات الغرب للاحتفاظ بكل ما هو حديث وعدم مشاركة الدول النامية في هذه التكنولوجيا، حتى عندما يتعلق الأمر بالتجارة والاستثمار لا يصدر الغرب هذه التكنولوجيا إلا بعد أن يكتفي منها في بلاده أو بعد أن يستنفذ منها احتياجاته فيصدر للدول النامية الأجيال القديمة ويحتفظ لنفسه بالأجيال الجديدة من التكنولوجيا.

وأوضح ،أنه يمكن تحسين التكنولوجيا الوطنية باستخدام التكنولوجيا العكسية لبعض الأنواع من الابتكارات أو التكنولوجيات المستخدمة في قطاعات الطاقة أو الاقتصاد الجديد.

التكنولوجيا الخضراء

مصر في الاتجاه الصحيح 

ومصر تسير في اتجاه التوسع الطاقات المتجددة لأننا نواجه خطر نضوب الوقود الأحفوري ويكون لدينا الإحلال جاهز، ويجب الانتقال من الطاقة الشمسية الفوتوفلوتية الضوئية الحالية إلى الطاقة الشمسية الحرارية، حيث أن أجواء مصر وكذلك أننا نحول أشعة الشمس إلى حرارة وبعدها تعمل بذات التكنولوجيات الحالية لمحطات وماكينات توليد الطاقة أو تشغيل المصانع ومحطات الطاقة ، فعندما نحول الشمس إلى حرارة تدخل لتحويلها إلى بخار لتشغيل التوربينيات، ولكن تكلفتها مازالت غالية جدا، وإن كانت على المدى البعيد فهي أقل ، بجانب امتلاكها وسائل تخزين الحرارة، بما يضمن استمراريتها وعدم تقطعها عكس الطاقة الكهروضوئية، وهذا يناسب مصر جدا للتوسع سواء الإشعاع الشمسي، ولكن العهدة على الاقتصاديات ومازالت على مستوى العالم في المرحلة التجريبة ولم تنتقل بعد إلى الشكل التجاري للتكلفة العالية فلا يوحد إلا محطتين في الولايات المتحدة ومحطة في إسبانيا ومحطة في المغرب وعدد قليل من المحطات في الصين وكوريا الجنوبية، ولم تنتقل بعد إلى التشغيل التجاري، ولكنها المستقبل لاستغلال طاقة الشمس في إنتاج الطاقة والتشغيل الصناعي أو الأحمال الكبيرة.

مجمع بنبان للطاقة الشمسية

الهيدروجين

يدخل في الصورة حاليا استخدام الهيدروجين كحامل للطاقة، وهذا سيحل مشكلة كبيرة بالنسبة للتكنولوجيات القائمة لأن تكنولوجيات الهيدروجين، وكلما تم التوسع تقل الاستثمارات، وشمال إفريقيا لها حظوظ كبيرة في الطاقات المتجددة، والقدرة المركبة في مصر حاليا حوالي 6 % من إجمالي الطاقات، ونريد أن نتوسع أكثر، المغرب أيضا نسبة الطاقات المتجددة في مزيج الطاقة مازال محدودا، وذلك لأن الأمر يتوقف على الاستمارات والاعتمادية، وللوصول إلى هدف 42% بحلول 2035 نحتاج 3 مليارات دولار سنويا استثمارات في قطاع الطاقة فقط، وهذا غير متوافر حاليا، فلا يوجد قدرة للمستثمرين للعمل أو ضخ مثل هذا الحجم، وإن وجدوا فالإجراءات لاستخراج أو بناء محطة طاقة تأخذ ما بين عامين وثلاثة أعوام خلافا للعراقيل التي تمنع المستثمرين من المغامرة أو اقتحام هذا السوق رغم أنه قطاع مربح جدا للاستثمار، فيجب إلغاء كل هذه الخطوات والإجراءات للنهوض صناعيا ولن تنهض صناعيا إلا بتحقيق شروط التخلص من البيروقراطية والعراقيل التي تكبل الاستثمار والمستثمرين وتنعكس على الأداء الاقتصادي.

القطاع الخاص مفتاح حل أزمة الطاقة

حل أزمة الطاقة يكون باستثمارات القطاع الخاص ويمكن الربح منها مهما رخصت، فهي سلعة رابحة في كل الظروف ولكن تحتاج لإجراءات وتشريعات وتطبيق عملي للقوانين والتسعير يكون عادل، وتكون التعريفة عادلة حسب تكلفة التشغيل وخاصة أن كل التكاليف تضاعفت السنوات الأخيرة وخاصة في النقل الذي زاد حوالي 20 ضعف، وكل المستثمرين يترددون في الدخول في المشروعات بسبب تعنت وزارة الكهرباء من فرض تعريفة وقيمة لا تساوي تكلفة التشغيل.

تحسين تكنولوجيا التصنيع

الأمل في إجراءات عديدة، منها تحسين تكنولوجيا كتصنيع الأسمنت والحديد والصلب والصناعات كثيفة الانبعاثات، وهذا يمكن أن يحرز تخفيض في الانبعاثات حوالي 30% عالميًا، والمحور الثاني رفع كفاءة استهلاك الطاقة، وهذا يقلل الطاقة المستهلكة وتقليل حرق الوقود الأحفوري، وبالتالي خفض الانبعاثات، وثالثا الطاقات المتجددة، والمحور الرابع هو تكنولوجيا الهيدروجين.

الهيدروجين

مشروعات إنتاج الهيدروجين، تحتاج مساحات كبيرة ومصر فيها إمكانيات غير محدودة من أن نعمل عليها ، بجانب مصادر المياه على مساحة أكثر من 3000 كيلومتر لتحلية المياه ، وكذلك محطات الرياح والطاقة الشمسية ، فيمكن لمصر التوسع غير المحدود في إنتاج الهيدروجين، والمشروعات التي تم الإعلان عنها حتى الآن تنتج ما بين 6-7 ملايين طن سنويا هيدروجين، وهذا رقم جيد مقارنة بإنتاج العالم من الهيدروجين العام الماضي 2022، والذي بلغ 70 مليون طن بما يعني، واليهدروجين الأزرق هو الأسواء من أنواع الهيدروجين ويحتاج لكثير من الإجراءات لتخفيض الانبعاثات منها التقاط الكربون وتخزينه وهذا مكلف جدا ، لذا الأفضل لمصر عدم التعويل أو الاتجاه إلى الهيدروجين الأزرق والتركيز على الهيدروجين الأخضر.

فشل دراسات التقاط الكربون في مصر

أما فيما يتعلق بالتقاط الكربون وتخزينه فقد أثبتت الدراسات التي تم تمويلها من البنك الدولي من 2000 حتى 2010، وقام بتنفيذ الدراسة استشاري أوروبي، ولدينا محطات كهرباء على خليج السويس تنتج 12 مليون طن ثاني أكسيد الكربون سنويا فكان مشروعنا يعتمد على أننا نلتقط هذا وتخزينهم في حقول البترول على وشك النضوب ونستخرج 20% إضافية من قدرة الآبار وتخزين ثاني أكسيد الكربون لأسباب جيولوجية، وكان الترشيح لحقول في الساحل الشمالي تستوعب هذا ، ولكني كنت أرى أن الدراسة كانت محدودة ولم تأخذ وقتها ويمكن إذا ما تم إعادة التقييم وإجراءها مرة ثانية سيكون لدينا فرصة في التقاط ملايين الأطنان من ثاني أكسيد الكربون وتخزينها، وعالميا لا تزال هذه التكنولوجيا غالية جديا، تكلفة التقاط طن واحد هو 70 دولار تقريبا.

أما فيما يتعلق بسوق الكربون في مصر، لا يمكن تطبيق سوق الكربون على المستوى المحلي بدون إصدار تشريع قانوني يحدد لكل صناعة أو تكنولوجيا السقف أو الحد الأعلى يحدد الانبعاثات أو غازات الاحتباس الحراري، لإمكانية تبادل الائتمان، ويجب تحديد إجراءات وآليات لذلك يحدث تنافس بين الصناعات للتخفيض وتقليل التكاليف، وتم تطبيقه في مشروع آلية التنمية النظيفة وتم تخفيض آلاف الأطنان من ثاني أكسيد الكربون، وتم من خلال السوق الدولية لتبادل ائتمان الكربون، ونشطت السوق الدولية عندما حدد برتوكول كيتو حدود انبعاثات كل دولة وهنا سوق الكربون الامتثالي الدولي، ولابد من وجود تشريعات سواء محليا أو دوليا لتبادل ائتمانات الكربون.

تابعنا على تطبيق نبض

Comments

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: