أخبارالاقتصاد الأخضرالطاقة

طريقة طبيعية لإنتاج طاقة نظيفة من الهواء.. إنزيم مكتشف حديثًا يحول آثار الهيدروجين في الهواء إلى كهرباء

الإنزيم ذو كفاءة غير عادية.. يمكن تخزينه لفترات طويلة في درجات حرارة التجمد أو تسخينه إلى 80 درجة مئوية دون أن يفقد قدرته على توليد الكهرباء

د. طارق قابيل

في تحول مثير في مجال أبحاث الطاقة المستدامة، وجد علماء أستراليون طريقة لإنتاج الطاقة من الهواء، واستخلص الباحثون إنزيمًا بكتيريًا جديدًا يحول آثار الهيدروجين في غلافنا الجوي إلى كهرباء ما قد يؤدي إلى فتح مصدر غير محدود تقريبا من الطاقة النظيفة، ويمكن استخدامها يومًا ما كبطارية مستدامة للأجهزة من الساعات الذكية إلى السيارات.

وجد فريق البحث بقيادة الدكتور ريس غرينتر، من معهد اكتشاف الطب الحيوي بجامعة موناش في ملبورن، أستراليا، أن إنزيما مستهلكا للهيدروجين من بكتيريا التربة الشائعة، كان قادرا على توليد تيار كهربائي باستخدام الغلاف الجوي كمصدر للطاقة. ويفتح هذا الاكتشاف الطريق لإنشاء أجهزة تنتج الطاقة حرفيًا من الهواء الرقيق.

وأظهر البحث الأخير الذي قام به الفريق، أن العديد من البكتيريا تستخدم الهيدروجين من الغلاف الجوي كمصدر للطاقة في البيئات الفقيرة بالمغذيات.

وقال البروفيسور كريس جريننج، من معهد اكتشاف الطب الحيوي بجامعة موناش في ملبورن: “لقد عرفنا منذ بعض الوقت أن البكتيريا يمكنها استخدام أثر الهيدروجين الموجود في الهواء كمصدر للطاقة يساعدها على النمو والبقاء، بما في ذلك تربة أنتاركتيكا، والفوهات البركانية، وفي أعماق المحيط. لكننا لم نعرف كيف فعلت ذلك، حتى الآن”.

وبحسب ما ذكرته الورقة البحثية المنشورة في دورية “نيتشر” Nature، بتاريخ 8 مارس، فإن العلماء الذين يدرسون قريبا مباشراً للبكتيريا المسؤولة عن مرض السل والجذام، تمكنوا من استخراج الإنزيم المسؤول عن استخدام الهيدروجين الجوي من بكتيريا التربة المعروفة باسم “المتفطرة اللخنية”  (Mycobacterium smegmatis).

وأظهر الفريق أن الإنزيم المسمى “إتش يو سي” (Huc)، “مستقر بشكل مذهل” وفعال بشكل ملحوظ في توليد “طاقة من الهواء الرقيق”.

الإنزيم ذو كفاءة غير عادية

وأشار جرينتر إلى إن: “الإنزيم ذو كفاءة غير عادية، وعلى عكس جميع الإنزيمات والمحفزات الكيميائية المعروفة الأخرى، فإنه يستهلك الهيدروجين أقل من مستوياته في الغلاف الجوي، أي أقل من 0.00005% من الهواء الذي نتنفسه”.

 

استخدم الباحثون العديد من الأساليب المتطورة للكشف عن المخطط الجزيئي لأكسدة الهيدروجين في الغلاف الجوي. واستخدموا الفحص المجهري المتقدم (Cryo-EM) لتحديد هيكلها الذري ومساراتها الكهربائية، لإنتاج بنية الإنزيم الأكثر فاعلية، واستخدموا أيضًا تقنية تسمى الكيمياء الكهربائية لإثبات أن الإنزيم المنقى ينتج الكهرباء بتركيزات الهيدروجين الدقيقة.

يساعد البكتيريا على البقاء في أكثر البيئات قسوة

وكشفت التجارب أن من الممكن تخزين إنزيم “إتش يو سي” المنقى لفترات طويلة في درجات حرارة التجمد أو تسخينه إلى 80 درجة مئوية دون أن يفقد قدرته على توليد الكهرباء، وإنه مستقر بشكل مذهل، وهو ما “يعكس كون هذا الإنزيم يساعد البكتيريا على البقاء في أكثر البيئات قسوة”، بحسب العلماء.

ويشار إلى أن البكتيريا التي تنتج إنزيمات مثل إنزيم “إتش يو سي” شائعة ويمكن زرعها بكميات كبيرة، ما يعني أنه يمكننا الوصول إلى مصدر مستدام للإنزيم.

ويوضح العمل أن الإنزيم يعمل مثل “بطارية طبيعية” تنتج تيارا كهربائيا مستداما من الهواء أو الهيدروجين المضاف.

وفي حين أن النتائج ما تزال في مرحلة مبكرة، فإن اكتشاف الإنزيم المسمى “إتش يو سي” لديه إمكانات كبيرة لتطوير أجهزة صغيرة تعمل بالطاقة، على سبيل المثال كبديل للأجهزة التي تعمل بالطاقة الشمسية.

ويقول جرينتر ، إن الهدف الرئيسي للعمل المستقبلي هو زيادة إنتاج إنزيم “إتش يو سي” بحيث يمكن استخدامه بكفاءة على نطاق أوسع.

وأضاف: “بمجرد أن ننتج إنزيم “إتش يو سي” بكميات كافية، تصبح السماء حرفياً هي الحد الأقصى لاستخدامه لإنتاج طاقة نظيفة.”

تابعنا على تطبيق نبض

Comments

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
%d