أهم الموضوعاتالتنمية المستدامة

صناعة الرقائق الإلكترونية تصطدم بخطط الحياد الكربوني والاستدامة

الشركات تواجه فقدان مصادر إيرادات مهمة لتحقيق توصيات تقارير الحوكمة البيئية والاجتماعية

تعد الرقائق الإلكترونية جزء رئيسي من صناعة السيارات الكهربائية وأنظمة الطاقة الشمسية وتوربينات الرياح بمعنى أنها تعد عامل مساعد في حماية البئية وخفض الإنبعاثات الضارة ..ولكن لها وجه آخر يضر بالبئية بسبب ما تستهلكه من كهرباء ومياه وإنتاج نفايات ضارة .

وتمر صناعة التكنولوجيا حول العالم بمنعطف حرج تسبب فيه نقص إنتاج الرقائق الإلكترونية خاصة مع الزيادة المفاجئة في الطلب لتجهيز المنتجات الإلكترونية مع ارتفاع الطلب على أجهزة الكومبيوتر ،ومشغلات الألعاب الإلكترونية في ظل انتشار وباء «كوفيد – 19» وما واكبه من عمل عن بعد وحجر منزلي.

والمنتجون الرئيسيون لأشباه الموصلات هم في تايوان (تي إس إم سي) وكوريا الجنوبية (سامسونج) و(إس كاي هاينيكس). أما الولايات المتحدة، ففيها شركة منتجة كبرى هي إنتل،بينما أوروبا من جانبها ركزت على الأبحاث ولا تملك سوى قدرات إنتاج ضئيلة.

ورغم حالة الندرة والصعوبات التي يواجهها هذا القطاع على مستوى العالم من حيث التوريد والنقل على مدار أكثر من عام بسبب ظروف الشحن الدولي، وجائحة كورونا وكذا ما يحدث حاليا من تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، وبسبب الطلب المتصاعد على استخدامات التكنولوجيا عالميا والنمو المطرد في الاتجاه لتوسيع نطاق تطبيق الذكاء الأصطناعي في مختلف المجالات، إلا أن هذا القطاع يواجع العديد من الصعوبات التي تهدد الاستمرار بذات الشاكلة أو السير على ذات الطريق الذى كانت تخطو فيه الشركات الكبرى التي تسيطر على هذا المجال.

صناعة الرقائق وأشباه الموصلات
صناعة الرقائق وأشباه الموصلات

الأثر السلبي للرقائق
ولبيان الأثر السلبي لصناعة الرقائق الإليكترونية على البيئة تشير بيانات منظمة السلام الأخضر “جرين بيس” إلى أن شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات تستخدم وحدها نحو 5% من إجمالي الكهرباء في تايوان، ومن المتوقع أن يرتفع إلى 7.2% في عام 2022، واستخدمت نحو 63 مليون طن من المياه في عام 2019.

أيضا أنتج أحد معامل تصنيع الرقائق التابع لشركة إنتل في مدينة أوكوتيلو بولاية أريزونا الأميركية، وتبلغ مساحته 3833 مترًا مربعًا، ما يقرب من 15 ألف طن من النفايات في الأشهر الـثلاثة الأولى من عام 2021 وتعَد نحو 60% منها خطرة، واستهلك هذا المعمل 3509 ملايين لتر من المياه العذبة، وهو ما يكفي لملء 1400 حمام سباحة أولمبي، كما استهلك 561 مليون كيلوواط/ساعة من الكهرباء.

ورغم هذا الأثر البيئي السلبي للرقائق الإليكترونية، شرعت العديد من البلدان في برامج كبيرة لتعزيز الصناعة وزيادة الإنتاج؛ إذ يعرض قانون “تيبس فور أمريكا” تمويلًا بقيمة 52 مليار دولار على مدى 5 سنوات لصناعة أشباه الموصلات في الولايات المتحدة.

كما طرح الاتحاد الأوروبي تشريعاته الخاصة التي تهدف إلى زيادة حصته في سوق الرقائق العالمية إلى 20% بحلول عام 2030.

هذا في الوقت الذي يهدف فيه الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة إلى الوصول إلى خفض الانبعاثات بمقدار النصف بحلول عام 2030، والوصول إلى الحياد الكربوني بحلول عام 2050، ومن المتوقع أن تزداد التأثيرات الكربونية مع نمو صناعة الرقائق الإلكترونية.

رقائق إلكترونية
رقائق إلكترونية

الحلول
مع اكتساب الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات الكثير من الزخم، اضطر صنّاع الرقائق للاستجابة، بحسب كايل هاريسون، المحلل في “بلومبرج NEF”. فالكثير من هذه الشركات تواجه “خطر فقدان مصادر إيرادات مهمة، في حال لم تتعامل بجدية أكبر مع تقارير الحوكمة البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، والتزمت بتخفيف انبعاثات الكربون”.

وفي هذا السياق، يحرص قطاع الرقائق الإلكترونية على إظهار مدى الجهود التي يبذلها من أجل معالجة الانبعاثات.

وكانت شركة “سامسونج إلكترونيكس” التي تشكل مع شركة “إنتل” المنافس الآخر والوحيد لـ”شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات”، أعلنت في بيان لها أنها تعتمد بنسبة 100% على الطاقة المتجددة، وذلك في كلّ عملياتها في الولايات المتحدة وأوروبا والصين، كما أعلنت أنها بصدد بناء مصفوفات شمسية، والبدء بتوليد الطاقة الجيوحرارية في معاملها في “بيونغتايك” و”هواسيونغ” في كوريا الجنوبية.

وقال الرئيس التنفيذي لـ”سامسونج”، كينام كيم، في مارس الماضي، إن الشركة تعمل على تحسين كفاءة الطاقة والتخفيف من استخدام المواد المؤذية للبيئة.

ومن جهتها، أصدرت شركة ” إس كيه هاينكس”في كوريا الجنوبية أيضاً، سندات خضراء بقيمة مليار دولار في وقت سابق هذا العام.

وقالت “إنتل”، أكبر مصنّع للرقائق في العالم، إنها اليوم بين أكبر 3 مستخدمين للطاقة المتجددة في الولايات المتحدة، وأضافت، أنها خفضت طوعياً انبعاثات الكربون لأكثر من عشرين سنة، يذكر أن “إنتل” تعالج وتعيد ما يقدّر بـ80% من المياه التي تستخدمها وتهدف لرفع النسبة إلى 100%.

وتعهدت “شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات” باستخدام 100% من الطاقة المتجددة بحلول العام 2050، ووقعت في يوليو الماضي على صفقة لشراء كامل إنتاج مزرعة لطاقة الرياح شاطئية تنتج 920 ميغاواط من الطاقة، سيتم تشييدها عند مضيق تايوان من قبل شركة “أورستيد” الدنماركية، في إطار مساعي تايوان للانتقال من الاعتماد على الفحم.

وكانت “شركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات” أعلنت في بيان لها أنها “مستمرة في تطوير تكنولوجيا أكثر تقدماً وكفاءة من أجل التخفيف من استهلاك الطاقة/ الموارد والتلوث لكلّ وحدة من وحداتها في خلال عملية التصنيع”. ليمتد ذلك عند استخدام المنتج أيضاً، مؤكدة أنها ستستمر في زيادة استخدامها للطاقة المتجددة والتخفيف من انبعاثات الغازات الدفيئة.

صناعة الرقائق الإلكترونية
صناعة الرقائق الإلكترونية

صعوبات
مع ذلك لا يزال من الصعب على الشركات الكبرى في القطاع أن تحوّل كامل سلسلة الإمداد الخاصة بها نحو الاستدامة.
فشركة “إيه. إس. إم. إل” القابضة، شبه المحتكرة لآلات الطباعة بالحجارة الضوئية اللازمة لحفر الرقائق الأكثر تطوراً، تعالج انبعاثاتها المباشرة من خلال استخدام الطاقة المتجددة في معاملها وإعادة تدوير قطع الغيار وتحقيق تطورات تكنولوجية تسهم في تعزيز الكفاءة. ومع ذلك، فهي تتوقع أن ينمو أثرها الكربوني الإجمالي بحلول العام 2025. بما أن معظم انبعاثاتها تنضوي تحت النطاق الثالث، ما يعني أن جزءاً كبيراً منها يأتي من استخدام منتجاتها من قبل العملاء.

وكانت الشركة قد قالت صراحة في تقريرها السنوي للعام 2020، إن تحقيق أهداف توفير الطاقة في آلاتها الحديثة يتطلب التغلب على “التحديات الاستراتيجية التقنية التي يصعب حلها”.

ويرى غاري ديكيرسون، المدير التنفيذي لشركة “أبلايد ماتيريلز” في كاليفورنيا، وهي أكبر منتج للمعدات المستخدمة في صناعة الرقائق في العالم، أن المسؤولية تقع على عاتق المسؤولين في القطاع كي يضمنوا أن التقدم الذي يتم تحقيقه من خلال أشباه الموصلات قابل للاستدامة.

وقال ديكيرسون، إن العالم “عند أكبر منعطف في عصرنا”، مقارناً التطورات الي تحصل اليوم بالثورة الصناعية المدفوعة بالنفط والفحم، وأضاف “كان أثر الثورة الصناعية قوي وإيجابي جداً على العالم، ولكن إرثها لم يكن رائعاً على صعيد المناخ”.

تابعنا على تطبيق نبض

Comments

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: