وجهات نظر

صبري الجندي: الاستراتيجية المنسية لتغير المناخ

الكاتب الصحفي مستشار وزير التنمية المحلية السابق

هل تسمحو لي أي أطرح عليكم هذا السئوال والذي أعتقد أنه مهم، بل مهم للغاية؟

من منكم – وبالأدق من منا- يتذكر الاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ 2050 التي أعلنتها مصر في مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة لتغير المناخ الذي عُقد في نوفمبر 2021 بمدينة جلاسكو بإسكتلندا cop26، ثم أعادت إطلاقها في أواخر مايو من العام الماضي؟

هذه الاستراتيجية احتوت على خمسة أهداف استراتيجية، وبالطبع كلها أهداف مهمة بإعتبارها تدعم الأهداف الاقتصادية والتنموية للدولة المصرية، واستهدفت الحكومة إنفاق 324 مليار دولار حتى تتمكن من تحقيق الأهداف الخمسة حتى عام 2050.

وجاء في مقدمة الأهداف الاستراتيجية الخمسة، هدف تحقيق نمو اقتصادي مستدام ومنخفض الانبعاثات في مختلف المجالات، وذلك من خلال العمل على زيادة حصة الطاقة المنتجة من جميع مصادر الطاقة المتجددة والبديلة من خلال إعادة تخطيط مزيج إنتاج الطاقة، وكذلك العمل على خفض الانبعاثات الناتجة عن استخدام الوقود الأحفوري، وتعظيم كفاءة الطاقة مع تبني اتجاهات تعمل على خفض الاستهلاك، وزيادة الإنتاج، في خطين متوازيين بشرط أن يكون الإنتاج مستداما، وذلك للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري من الأنشطة الأخرى غير المتعلقة بإنتاج واستخدام الطاق،هذا بالإضافة للأهداف الأربعة الرئيسية.

ماذا صنعنا لتحقيق الأهداف؟

وإذا كنتم تذكرتم هذه الاستراتيجية شديدة الأهمية، أسمحوا لي أن أطرح سئوالا من جديد ألا وهو: ماذا صنعنا لتحقيق هذه الأهداف؟

الإجابة ، إننا أكيد أن الحكومة تقول إنها قامت بعمل الكثير من أجل تحقيق هذه الأهداف من الآن وحتى 2050 ، ولكن هل شعر المواطن المصري بما صنعته وتصنعه حكومتنا؟

هنا يكون العبء على الحكومة التي يجب أن تجدد وسائلها في التواصل مع المواطنين الذين يشعرون أن هذه الحكومة لا تجيد عرض إنجازاتها على المواطنين بشفافية وصدق وفي التوقيت المناسب.

مباحثات رئيسة وزراء الدنمارك وخفض الانبعاثات

وبالمناسبة كانت المباحثات التي أجراها الرئيس عبد الفتاح السيسي مع ميتا فريدركسن رئيسة
الدنمارك قبل يومين تركزت أغلبها على التغيرات المناخية وما تم تنفيذه من مخرجات cop27، التي نجحت مصر نجاحا مبهرا للعالم كله، وتطرقت المباحثات إلى ضرورة العمل على خفض الانبعاثات الناتجة عن استخدام الوقود الأحفوري والتقليدي في تشغيل المصانع ومحطات توليد الكهرباء.

التغيرات المناخية والفقر المائي

هذا يؤكد الأهمية التي يوليها العالم للتعالم مع التغيرات المناخية الحادة التي أثرت بشدة على الدول الصغيرة والفقيرة، ومن بينها بالطبع مصر التي تعد أفقر دول العالم في المياه، كما أعلن الرئيس السيسي في مؤتمر صحفي مشترك مع رئيسة وزراء الدنمارك.

وهذا الفقر المائي يتطلب اتخاذ العديد من الإجراءات السريعة والحاسمة لمعالجة أسبابه، وهو ما دفع الاتحاد الأوروبي إلى تخصيص 550 مليور يورو لمواجهة أزمة المياه في مصر الذي توقع سفير الاتحاد الأوروبي المقيم بالقاهرة أن يؤثر على المصريين ويؤدي إلى انخفاض حصة المواطن المصري من المياه بنسبة 22% سنوبا، لكنه بذكار ولإبعاد الاتهام عن الدول الكبرى المتهم الرئيس في زيادة الانبعاثات العالمية والتصحر وشُح المياه وإرجاعها إلى زيادة عدد السكان باعتبار هذه الزيادة هي الأساس في الفقر المائي الذي وصلت إليه مصر.

الرعب والقلق العالمي

إن الاستخدام الجائر وغير العادل للثروات والموارد الطبيعية، بالإضافة إلى الصراع والتنافس المتصاعد بين الدول الكبرى أديا إلى حدوث الكثير من التغيرات المناخية الحادة والمتطرفة، تلك التغيرات التي سببت قلقا ورعبا للعديد من دول العالم المضارة من تصرفات وصراعات الدول الكبرى فيما بينها، ودفعت الدول القلقة والمرعوبة إلى الإسراع لوضع الخطط والاستراتيجيات للمواجهة السريعة والحاسمة لهذه المتغيرات التي أدت ليس فقط للتلوث البيئي والتصحر الذي أثر على الزراعة، وإنخفاض الإنتاج الزراعي وارتفاع تكلفته، ما أدى إلى زيادة حاجة هذه الدول لاستيراد العديد من المنتجات الزراعية من الدول الأخرى لمواجهة الزيادة المضطردة والمستمرة في الاستهلاك، وهذا أدى بدوره إلى وقوع هذه الدول في الأزمات الاقتصادية الكبيرة والطاحنة.

كل هذه المشاهد التي مرت أمام عيني وتذكرت مع الأزمات التي تعاني منها غالبية دول العالم ، ذكرتني بالاستراتيجية الوطنية لتغير المناخ التي تحتاج لتنفيذها من الآن وحتى عام 2050، إلى 234 مليار دولار، وتحتاج دعما ومساندة من الدول الكبرى، تلك الدول التي تعهدت بتوفير 100 مليار دولار لمعالجة الأثار العاجلة للتغيرات المناخية، والتي لم يصل منها دولاراً واحداً لأياد الدول المضارة من تصرفات وصراعات هذه الدول الكبرى.

تابعنا على تطبيق نبض

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من المستقبل الاخضر

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading