وجهات نظر

د.هبة يوسف سليمان: التنمية المستدامة وحروب الجيل الرابع

أستاذ هندسة الاتصالات اللاسلكية بكلية الهندسة- مقرر لجنة الاستدامة بجامعة بورسعيد

بعد حروب الجيل الأول أو الحروب التقليدية بين الجيوش النظامية للدول و حروب الجيل الثاني أو حروب العصابات التي كانت تدور في أمريكا اللاتينية و حروب الجيل الثالث أو الحروب الاستباقية ظهر مصطلح حروب الجيل الرابع، وهي حروب طورت من قبل الولايات المتحدة الأمريكية عندما وجدت نفسها تحارب لا دولة في أحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001.

وقد وضع البروفيسور الأمريكي “ماكس مابورانيك ” تعريف مختصر لحروب الجيل الرابع كالتالي: ” الحرب بالإكراه، إفشال الدولة، زعزعة استقرار الدولة ثم فرض واقع جديد يراعي المصالح الأمريكية”.

ولتجنب مخاطر هذه الحروب لابد من الإلمام الكامل بأهدافها و سماتها فهي حروب معقدة غير تقليدية لا مركزية غير رسمية طويلة الأجل بلا قائد محدد لا تقيدها أي قوانين محلية أو دولية يتركز صراعها حول قيم الشعوب و ثقافتها و روحها المعنوية و أخلاقياتها و عقائدها و تماسكها الاجتماعي لتدمير الإنسان تدميرا كاملا. تحتاج هذه الحروب ثغرة داخلية قوية هي كل إنسان غير راض عن ظروفه المعيشية و حسم الصراع فيها لصاحب العقيدة الراسخة الثابتة و الذي يكون على استعداد لتحمل المزيد من المعاناة.

و لحروب الجيل الرابع صور مختلفة و أنواع عدة يمكن اعتبار كلا منها حربا كاملة في حد ذاتها مثل: حروب المياه- حروب التغير المناخي- حروب الغذاء- حروب الطاقة- حروب التطرف والإرهاب- الحروب البيولوجية- حروب المخدرات- حروب القيم الأخلاقية و حروب تدمير الأسرة.

المحاور الثلاثة للتنمية المستدامة

وإدا علمنا أن خطة التنمية المستدامة بأهدافها السبعة عشر لعام 2030 تعتبر خريطة طريق مشتركة لمستقبل كوكب الأرض.

وتمثل أهدافها وحدة واحدة متكاملة غير قابلة للتجزئة وتغطي المحاور الثلاثة للتنمية المستدامة: المحور الاجتماعي والمحور الاقتصادي والمحور البيئي.

وكالعادة تشكل منطقتنا العربية مناخ متنوع من قصص النجاح المبهرة وأيضا من التحديات و العراقيل المتوقعة.

وحيث توفر هذه الأهداف قاعدة موحدة للعمل للمستقبل بالعالم أجمع فإنها أيضا توفر إطارا عاما للسياسات الوطنية و التعاون الإقليمي الذي يعزز المشاركة في قضايا الأرض ويدعو الجميع لتحمل المسئولية بكل جدية.

تحسين أوضاع البشر وحماية الكوكب

فمن المتوقع بتطبيق خطة التنمية المستدامة تحسين أوضاع الفقر والجوع بمختلف أبعادهم وصورهم مما يتيح لمعظم البشر تفعيل طاقاتهم في ظل مناخ صحي من الكرامة و المساواة.

وإن كان من المتوقع تحسين أوضاع البشر فأيضا من المأمول حماية كوكب الأرض من التدهور عن طريق استهداف الاستدامة في الاستهلاك و الإنتاج و التعامل مع موارد الأرض الطبيعية بصورة أكثر كفاءة واتخاذ إجراءات عادلة عاجلة بشأن التغير المناخي عملا على الحفاظ على احتياجات الأجيال الحالية و القادمة.

هذا مع الحفاظ على رغبة الأجيال الحالية في رخاء يلبي طموحاتهم في تحقيق التقدم التكنولوجي و الاقتصادي في مجتمعات يسودها السلام و العدل تسع الجميع و تخلو من الخوف والعنف حاشدين جميع الوسائل اللازمة من خلال تنشيط الشراكات بين دول العالم المختلفة في مناخ من التضامن العالمي مع التركيز على الفئات الأكثر ضعفا وفقرا.

فهل يمكن اعتبار التنمية المستدامة الحقيقية المدعمة بمؤشرات أداء حقيقية ذات أدلة موثقة حائط الصد الحقيقي لحروب الجيل الرابع و الحروب الحديثة بوجه عام؟

أغلب الظن …….نعم و بشدة.

تابعنا على تطبيق نبض

Comments

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: