وجهات نظر

د.معتز محمد أبو زيد: COP27 مصر- الحتمية والاستحقاق

قاض – محاضر مواد القانون العام "خبير تشريعات حقوق الانسان "

يشكل انعقاد مؤتمر الأطراف لقمة المناخ COP27 حدثا عظيما ليس فقط لهميته وضرورته في سلسلة مؤتمرات متعاقبة تضمن الفعلية والتنفيذ للتحركات التي يتفق عليها المجتمع الدول بشأن مواجهة مشكلات التغير المناخي والانبعاثات الضارة والاحتباس الحراري وتحقيق مبادئ العدالة المناخية واستحداث وسائل طاقة متجددة والتوجه نحو الاقتصاد الأخضر وضمان مقومات الأمن المائي والغذائي، وانما يعتبر انعقاد هذا المؤتمر في مدينة شرم الشيخ في جمهورية مصر العربية حدثا ذا أبعاد كثيرة تؤكد على حتمية انعقاد مؤتمر بهذه الأهمية في مصر وأنها الأجدر بتنظيم هذه الفعالية .

فعلى الصعيد السياسي حظي هذا المؤتمر بمتابعات ومشاركة دولية تزايدت وتصاعدت منذ بداياته في تجمع وتحرك دولي مشهود على مستوى القادة و الحكام ، وقد حرصت مصر على الحفاظ على التوازن السياسي بين العديد من القوى الدولية والوقوف على المسافة التي يسمح بها المؤتمر وهدفه في مواجهة التغير المناخي والتأكيد على الالتزام بنسبة الارتفاع المتفق عليها بشأن درجة حرارة الأرض سنويا و هي درجة ونصف درجة مئوية، وهو ما يراعى تناوله في ظل العديد من المصالح المشتركة بين دول العالم .

تناول المؤتمر كذلك مفاهيم العدالة المناخية وارتباطها بمبادئ حقوق الانسان ومدى حساسية تناول هذه الموضوعات وعدم الانسياق وراء ادعاءات غير صحيحة و تكييل الاتهامات وانتهاز الفرص وتصعيد قضايا غير ذات جدوى وانما ظهر الوضوح وكما تمتعت به إدارة المؤتمر من نزاهة وحيادية ومباشرة في تناول الموضوعات وحرص في تناول الموضوعات وطريقة الطرح والمناقشة لكل الأطراف .

فضلا عما تقدم فان رئاسة وزارة الخارجية لهذا المؤتمر هو تتويج لجهود ومساع مدرسة من أعرض المدارس الدبلوماسية في المنطقة العربية والاقليم الأفريقي وهي الخارجية المصرية التي تحظى بثقل ريادي و مؤثر على مستوى العالم وتتمتع بثقة وتقدير واحترام العديد من الدول والمنظمات الدولية حيث ظهرت ملامح في الاهتمام بعرض القضايا الإفريقية المرتبطة بالتغير المناخي وهو ما يفرضه الدور المصري في قارة أفريقيا ، فضلا عن ظهور العامل الفني والتقني بالشراكة مع وزارتي التخطيط و البيئة في تنظيم المؤتمر الذي عكس الطابع التشاركي لجهود مواجهة التغير المناخي في الدولة المصرية .

أما عن البعد الاقتصادي وهو من أهم المحاور في هذا المؤتمر فان نجاح عرض التجربة المصرية في مشروعات تقليل الانبعاثات وقديم مصادر الطاقة المتجددة على أنها الاتحاه الأحدث في مصر والتي تنوعت بين مشرعات استخراج الطاقة من الرياح واستخدام الألواح الشمسية، بجانب مبادرة مشروعات ريادات الأعمال الصديقة للبيئة وكيفية ربط قضية التغير المناخي باستراتيجية التنمية المستدامة في مصر رؤية 2030 وهو ما شجع دول المنطقة العربية ودول العالم أجمع على دعم وتكرار هذه المبادرات والمشروعات وهو ما يعد دعما للاقتصاد المصري في هذا المجال .

أما عن الطابع الأمني و التنظيمي واللوجيستي فان تمرس الحكومة المصرية على مدى عدة سنوات عل عقد العديد من المؤتمرات الدولية و منها مؤتمرات الشباب المحلي منها و الدولية والتي حظين بدعم و مشاركة من القيادة السياسية أكسبها الثقة و القدرة على تنظيم مثل هذه الفعاليات المؤثرة و الفعالة و الناجحة ، ولا شك أن أجندة التنمية المصرية و التي اهتمت بالتنمية الاقتصادية وتخصيص عام لمشاركة المجتمع المدني وعام لذوي الاحتياجات الخاصة وعام للمرأة المصرية انما يؤدي بحكم اللزوم الى نتيجة هامة وناجحة وهو استحقاق وجدارة الدولة المصرية بتنظيم مثل هذا المؤتمر وقدرتها على استثمار هذا التلاحق الناجح بتحقيق التعاون الدولي اللازم لتفعيل اتفاقيات دول العالم بشأن تحقيق العدالة المناخية وجبر الأضرار الناجمة عن الانبعاثات الكربونية حفظ التنوع البيولوجي  .

وقد حفل المؤتمر هذا العام بالعديد من المواقف المشهودة و التي ستظل عالقة في الأذهان ودليل على ماحققته الدولة المصرية من نجاح في هذا الشأن ، ومن ذلك حرص الرئيس المصري على المشاركة في الأنشطة الرياضية مثل ركوب الدراجات تأكيدا على المشاركة في الأنشطة الرياضية وخاصة الأنشطة صديقة البيئة، هذا بجانب تصدر أول وزيرة مصرية لاستقبال الرئيس الأمريكي عند وصوله للمشاركة في فعاليات المؤتمر، وفضلا عما سبق فان تخصيص ادارة المؤتمر لمنطقة التظاهر و منطقة مشاركة الأطفال ومنطقة الأعمال الفنية صديقة البيئة بجانب التواجد الملحوظ والمطلوب والذي طال انتظاره لأعضاء هيئات التدريس بالجامعات والمراكز البحثية وهي الفئات الأولى بالمشاركة في هذه المؤتمرات و التي تؤكد على اهتمام جميع الكوادر والفئات في الدولة المصرية بقضايا تغير المناخ والاحتباس الحراري بكوكب الأرض .

لم تكتف مصر بالمجهودات التي ظهرت واضحة فيما يحققه مؤتمر قطة الأطراف COP27 من نجاحات في مدينة شرم الشيخ بل ان مؤسسات الدولة المصرية وكل الأطراف الفاعلة وذات الصلة بمشكلات التغير المناخي والعدالة المناخية و الحفاظ على البيئة من خطر الانبعاثات و التنميو الاقتصادية الأمن المائي الغذائي قد قامت بالعديد من الأنشطة والفعاليات في القاهرة وجميع محافظات مصر وذلك بالتوازي مع المؤتمر المنعقد في مدينة شرم الشيخ وهو ما يعكس أن الأمر ليس مرتبطا باجراء فعاليات أو مؤتمرات على صعيد دولي وانما هو ايمان بمبدأ واهتمام بقضية هي في الصدارة بالنسبة للتنمية الاقتصادية و حقوق الانسان بل و مظاهر البيئة والمناخ في كل أنحاء الكرة الأرضية .

و لعل المشاركة التنظيم من جانب العنصر الشبابي في المؤتمر قد أضفى عليه طابعا متجددا وفتيا يبشر بمستقبل واعد محمل بالأفكار والمبادرات في مجال مواجهة التغير المناخي ويقدم جيلا واعدا وواعيا بالقضايا العالمية والمحلية قادر على المواجهة و تقديم الحلول وهو ما يجعل هذه الأفكار لا تندثر ولا تشيخ اذ يحملها هؤلاء الشباب على أكتافهم على استعداد لنقلها للغد مع ما قد يظهر لها من حلول أو ما يمكن تنفيذه تعهدات و التزامات .

ان تجمع دول العالم في مدينة شرم الشيخ وهي مدينة السلام التي حفرت اسمها بحروف من نور بين مدن العالم في العديد من الفعاليات الدولية الهامة، وكذلك ما حققته الدولة المصرية من جاهزية واستحقاق وقدرة على تنظيم هذا الحدث الضخم والهام ، بالاضافة الى مجهودات الشباب ومشاركتهم للوصول الى تفعيل اتفاقيات دول العالم بشأن مواجهة التغير المناخي بالتعاون مع ارادات الدول ومساعي قادة العالم تأكيدا على حقوق الأجيال السابقة في بيئة سليمة ومناخ صالح للحياة ، لهو حدث يجب أن يحن استغلاله وألا يكون خاتمة للمطاف بل ايذانا للبدء في اطار جديد من المسئولية قد لا يتوفر لها هذا الزخم والحماس مرة أخرى ، فسلامة الحياة على الكوكب تتطلب المزيد من الجهد والتعاون وكذلك فان الدولة المصرية تستحق المزيد من الاحترام والتقدير على ما حققته في هذا المجال وغيره من الأصعدة التي كشف عنها مؤتمر قمة المناخ COP27 .

تابعنا على تطبيق نبض

Comments

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: