وجهات نظر

د.مظهر سيد بسيوني: الالتزام بتطبيق معايير العمل الدولية وخلق فرص عمل خضراء

دكتوراه الاعلام جامعة عين شمس وماجستير ادارة الاعمال

تتولى منظمة العمل الدولية منذ إنشائها في عام 1919، ولاية تتمثل في اعتماد معايير العمل الدولية وتعزيز تصديقها وتطبيقها في الدول الأعضاء والإشراف على تطبيق هذه المعايير كوسيلة أساسية لتحقيق أهدافها، ويبلغ عدد أعضاءها (193) دولة عضو حتى الآن.

وقد استحدثت منظمة العمل الدولية آليات إشراف فريدة على المستوى الدولي بغية رصد التقدم الذي تحرزه الدول الأعضاء في تطبيق معايير العمل الدولية.

وتلزم المادة(19) من دستور منظمة العمل الدولية الدول الأعضاء، لدى اعتماد معيار عمل دولي، عددا ً من الالتزامات، بما فيها اشتراط عرض المعايير المعتمدة حديثا ً على السلطات الوطنية المختصة وتقديم تقارير دورية عن التدابير المتخذة لإنفاذ أحكام الاتفاقيات غير المصدق عليها والتوصيات.

وعلى الرغم من أنه وفقا لاتفاقيات المناخ والالتزامات الدولية لإنقاذ الأرض فإن هناك الكثير والكثير سوف يخسر وظائفه بخاصة التي تتعلق بالقطاعات التي يكون لها تأثيرات على الانبعاثات الكربونية بشكل كبير مثل قطاع البترول، فإنه ووفقاً لتقرير منظمة العمل الدولية، الصادر عام 2018 بعنوان: “الاستخدام والآفاق الاجتماعية في العالم” أنه سيتم استحداث 24 مليون فرصة عمل جديدة على مستوى العالم بحلول عام 2030، شريطة اعتماد سياسات صائبة لتعزيز اقتصاد أكثر اخضراراً.

وهذا سيؤدى إلى تمكين ملايين الأشخاص من التغلب على الفقر والتمتع بسبل عيشٍ محسنة، بما يتماشى مع أحد أهداف اتفاقية باريس التي تؤكد التزام الدول بالانتقال العادل وخلق العمل اللائق والوظائف المراعية للبيئة، وبالتالي فإن الوظائف المستحدثة سوف تكون عوضًا عن الوظائف المفقودة والتي قد يبلغ عددها إلي نحو 6 ملايين وظيفة.

لكن هذا يجعلنا نطرح عدد من التساؤلات تتعلق بمستقبل العمل منها:

الكيفية التي سيتم التعرف من خلالها على الوظائف التي ستحل محل الوظائف التي ستختفي؟

وهل ستكون الوظائف الجديدة ذات كفاءة مناسبة فيما يتعلق بالحقوق والواجبات والدخول؟

وهل القوانين الوطنية الحالية مناسبة لمواجهة التغييرات السريعة في مجال التكنولوجيا فيما يتعلق بعلاقات العمل وحقوق العمال؟

وكيف سيتم التعامل مع الاستغناءات الكثيرة عن العمال في المستقبل وبخاصة أن هذا العصر اتسم بسرعة دوران العمالة بالقطاع الخاص لارتباطه بالتطبيقات التكنولوجيا والتي تحل محل الكثير من العمال؟

أولاً: المقصود بالوظائف الخضراء:

طبقا لتعريف برنامج الأمم المتحدة للبيئة، فإن الوظائف الخضراء أو كما أطلق عليها البرنامج وظائف الياقات الخضراء، هي وظائف مرتبطة بالعمل في الزراعة والتصنيع والبحث العلمي، والتطوير والأنشطة الإدارية والخدمية، التي تسهم بشكل كبير في حفظ أو استعادة الجودة البيئية وتحقيق الاستدامة بجوانبها المتكاملة.

ثانيًا: بعض أمثلة للوظائف الخضراء:

ومن أمثلته الوظائف الخضراء ما يلي: مزارع المدن الحضریة، صناعة السيارات الخضراء، مھندس صيانة السیارات الكهربائية، العاملين في خلايا الطاقة الشمسية، العاملين في طاقة الرياح، العلوم الصحية البيئية مثل “علم السموم – علم الأحياء البيئية- تقييم وإدارة المخاطر- العلوم البيئية التطبيقية”، الهندسة البيئية والتي تدخل في “إعادة التدوير- التخلص الأمن من النفايات – إدارة تلوث المياه والهواء- الصحة العامة”، فني توربينات الرياح، وغيرها من الوظائف.

ثالثًا: المقصود بمعايير العمل الدولية:

تمثل معايير العمل الدولية عدد من الصكوك القانونية التي وضعتها الدول الأعضاء بمنظمة العمل الدولية بهدف تحسين شروط العمل وظروفه وفى تحقيق العدالة الاجتماعية، وقد صدر عن منظمة العمل الدولية حتى الآن عدد (190) اتفاقية تنقسم إلي:

أ‌الاتفاقيات الأساسية: Fundamental Conventions:

وهي ثمان اتفاقيات تم اختيارها ضمن مبادئ إعلان الحقوق الأساسية في العمل خلال الدورة المنعقدة رقم (86) عام 1998، هذا الإعلان قد ألزم كافة الدول الأعضاء بتطبيق ما احتوى عليه من معايير عمل؛ سواء تم التصديق عليها أم لا، وقد قامت مصر بالتصديق على هذه الاتفاقيات جميعًا؛ وقد اشتمل الإعلان على الإقرار بأربعة حقوق، تضمن كل حق على اتفاقيتان كما يلي:

1- الحرية النقابية والإقرار الفعلي بحق المفاوضة الجماعية، وارتبط بهذا الحق اتفاقيتان هما:

– اتفاقية الحرية النقابية وحماية حق التنظيم رقم (87) لسنة 1948.

– اتفاقية حق التنظيم والمفاوضة الجماعية رقم (98) لسنة 1949.

2- القضاء على جميع أشكال العمل الجبري أو الإلزامي، وقد ارتبط بهذا الحق اتفاقيتان هما:

– اتفاقية العمل الجبري رقم (29) لسنة 1930.

– اتفاقية إلغاء العمل الجبري رقم (105) لسنة 1959.

3- القضاء الفعلي على عمل الأطفال، وقد ارتبط بهذا الحق اتفاقيتان هما:

اتفاقية الحد الأدنى للسنة رقم (138) لسنة 1973.

اتفاقية أسوأ أشكال عمل الأطفال رقم (182) لسنة 1999.

4- القضاء على التمييز في الاستخدام والمهنة، وقد ارتبط بهذا الحق اتفاقيتان هما:

اتفاقية المساواة في الأجور رقم 100 لسنة 1951.

اتفاقية التمييز في الاستخدام والمهنة رقم (111) لسنة 1958.

وخلال دورة مؤتمر العمل الدولي الأخيرة رقم (110) المنعقدة بمدينة سويسرا بجنيف المقر الرسمي لانعقاد مؤتمر العمل الدولي، وبمشاركة ممثلي الدول الأعضاء من أطراف العمل الثلاث (الحكومة – وأصحاب الأعمال- والعمال)، وتصديًا للأوباء والأمراض ومخاطر العمل، فقد تم الاتفاق على إدراج ظروف عمل آمنة وصحية في إطار عمل منظمة العمل الدولية حول المبادئ والحقوق الأساسية في العمل من خلال تعديل إعلان 1998 حول المبادئ والحقوق الأساسية في العمل، وإضافة اتفاقيتين من الاتفاقيات الفنية لتصبح اتفاقيات أساسية هما:

– اتفاقية السلامة والصحة المهنيتين وبيئة العمل رقم (155) لسنة 1992.

– اتفاقية بشأن الإطار الترويجي للسلامة والصحة المهنيتين رقم (187) لسنة 2006.

وبالتالي أصبح إعلان مبادئ الحقوق الأساسية في العمل يضم عدد (10) اتفاقيات.

ب‌الاتفاقيات ذات الأولوية أو الإدارة السديدة: Governance or Priority Conventions

وهي أربع اتفاقيات تسعى المنظمة لجعلها في أولوياتها عند الترويج للتصديق باعتبارها اتفاقيات ذات أهمية في تهيئة بيئة العمل اللائق، وقد صدقت مصر على الثلاث الأُول منها، وهذه الاتفاقيات هي:

1- اتفاقية تفتيش العمل رقم (81) لسنة 1947.

2- اتفاقية تفتيش العمل في الزراعة رقم (129) لسنة 1969.

3- اتفاقية المشاورات الثلاثة رقم (144) لسنة 1976.

4- اتفاقية سياسات العمالة رقم (122) لسنة 1964.

ت‌الاتفاقيات الفنية Technical Conventions:

وعددها (176) اتفاقية ترتبط كل اتفاقية منها بنوعية فنية أو فئة معينة من العمالة أو ببند محدد من شروط العمل، وقد صدقت مصر على (64) اتفاقية منها.

هذا بالإضافة إلى عدد (206) توصية صادرة عن منظمة العمل الدولية، وقد تكون التوصية مرتبطة باتفاقية، وفي معظم الأحيان تكون التوصية مستقلة عن الاتفاقيات.

رابعًا: ما هو أوجه الاستفادة من الالتزام بتطبيق معايير العمل الدولية؟

– تعمل المنظمات النقابية كحلقة وصل بين الإدارة العليا والإدارة الدنيا، وعند إعطاء الحق للعمال في إنشاء نقابتهم العمالية واختيار من يمثلهم بحرية للدفاع عن حقوقهم وتوصيل صوتهم للإدارة العليا، بالتالي يكون هناك وسيط قوى وفعال بين الإدارة العليا والعمال، بما يمنع التصادم والاحتكاك بينهما وبما يحقق التوازن والاستقرار في العمل.

– الالتزام بالقوانين والاتفاقيات الدولية تجاه التزام الشركات بواجباتها بحقوق العمال والتقليل من حركة دوران العمال، يؤدى إلى شعور العمال بالأمان وبالتالي ينتج عن هذا زيادة الإنتاجية، وجودة الإنتاج، بما يعطى فرصة للشركات في التصدير للخارج.

– الالتزام بالاتفاقيات الدولية يعطى فرصة للدول في الحصول على منح دولية وبرامج تعاون فني متنوعة في مجالات العمل المختلفة بما يؤدى إلي جودة الإنتاج طبقًا للمعايير الدولية.

وفى النهاية أختتم هذا المقال بطرح تساؤل حول مدى إمكانية معايير العمل الدولية الموجودة حاليًا في حماية العمال في المستقبل وبخاصة في ظل تطورات المناخ والتطورات التكنولوجية؟

تابعنا على تطبيق نبض
زر الذهاب إلى الأعلى

اكتشاف المزيد من المستقبل الاخضر

اشترك الآن للاستمرار في القراءة والحصول على حق الوصول إلى الأرشيف الكامل.

Continue reading