وجهات نظر

د.مصطفى الشربيني: حياة منخفضة الكربون

سفير ميثاق الاتحاد الأوروبي للمناخ - رئيس مبادرة المليون شاب متطوع للتكيف المناخي

يُنظر إلى تغير المناخ على أنه تهديد خطير للحياة علي كوكب الأرض، وكذلك على البشرية، لذا وجب علي الناس مواجهة التحديات من أجل تخفيضات كبيرة من انبعاثات الغازات الدفيئة، ولابد من المواجهة بشكل كبير في عادات وأنشطة الناس، باعتبارها ركيزة مهمة للتصدي لتحدي التخفيف من آثار تغير المناخ العالمي، حيث يشير التقرير الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ بالأمم المتحدة إلى أن السلوك وأسلوب الحياة والثقافة لها تأثير كبير على استخدام الطاقة والانبعاثات المرتبطة بها ، وأن أي خفض في الاستهلاك، سوف يكون ناتج من اعتماد التغييرات السلوكية التي لها تأثير كبير على استخدام الطاقة والانبعاثات المرتبطة بها.

هذا وقد أقر الاتحاد الأوروبي خارطة الطريق للانتقال إلى اقتصاد تنافسي منخفض الكربون في عام 2050، كما أصدرت المفوضية الأوروبية الكتاب الأبيض الخاص بالنقل، فضلا علي اعتماد الجمعية العام للأمم المتحدة في 24 سبتمبر الماضي لخارطة طريق الطاقة، الجديدة والمتجددة بالوصول الي الصفر كربون بحلول عام 2050.

فليس هناك من شك بعد توصيات الكثير من الأبحاث وتقارير الهيئة الدولية الحكومية المعنية بالتغيرات المناخية، أن التغييرات السلوكية ضرورية للغاية للوصول إلى أهداف خفض الانبعاثات وأنه يمكن ايضا الوصول إلى الأهداف بتكاليف أقل إذا تم تحقيق التغييرات السلوكية بالصورة المطلوبة.

وبالتالي، فإن الأنماط المختلفة لكل من الاستهلاك وعادات الحياة اليومية تعتبر أساسية لمواجهة التحدي العالمي للتخفيف من الانبعاثات المباشرة وغير المباشرة للغازات الدفيئة، لذا اطلقنا من مصر مبادرة المليون شاب متطوع للتكيف المناخي، وهي تصنف علي أنها أكبر مبادرة في العالم للتكيف المناخي يقودها المجتمع المدني، حيث أن الدولة المصرية اتخذت العديد من الحلول المناخية لمواجهة التغيرات المناخية بالتحول نحو الاقتصاد الأخضر والتعجيل بتحقيق أهداف التنمية المستدامة من خلال تنفيذ رؤية مصر 2030، حيث أطلقت الدولة المصرية مبادرة حياة كريمة التي تعد أكبر مبادرة في العالم لتحسين جودة الحياة.

حيث قدمت مبادرة المليون شاب متطوع للتكيف المناخي إطارًا جديدًا ومنهجيًا لتحديد خيارات التحكم في أنماط الاستهلاك والعادات والأنشطة اليومية للأفراد التي تعزز التخفيف من آثار تغير المناخ وهيكلها ، وايضا بناءً نمط تأثير السلوك الفردي على انبعاثات غازات الدفيئة.

حيث تستهدف إطار العمل ممارسات المستهلكين ويركز على استراتيجيات طموحة ولكنها مجدية تقنيًا واجتماعيًا واقتصاديًا للمستهلكين لتقليل انبعاثات الكربون الخاصة بهم.

ويمكن تصنيف ذلك الي أربع فئات رئيسية لخفض الانبعاثات القائمة على الاستهلاك لنشكل الإطار الأساسي ، والتي يتم تقسيمها بعد ذلك إلى استراتيجيات سلوكية واستراتيجيات فرعية.

حيث يتم توضيح التطبيق العملي للإطار باستخدام استهلاك الغذاء كمثال يمكن أن يؤدي تحديد خيارات التحكم في العادات اليومية المسببة للاحتباس الحراري بشكل منهجي إلى تعزيز فهم شامل لمجموعة الاستراتيجيات السلوكية التي تستهدف خيارات المستهلك والتي تعمل في مراحل مختلفة من سلسلة التوريد، وبالتالي فهو يوفر نقطة انطلاق لمعالجة الأسئلة الحرجة المتعلقة بدور الافراد في دعم التخفيف من آثار تغير المناخ.

يبدو أن خطاب التمكين الفردي والمسؤولية الذاتية التي أوجده الشباب المتطوع في العمل المناخي ، بالإضافة إلى ماقدمه هؤلاء من الجديد في المشاركة العامة ، يشير إلى أن الفرد يُنظر إليه بشكل متزايد على أنه عامل أساسي للتخفيف من تغير المناخ ، حتى لو لم يكن من الواضح ما إذا كان ينبغي للأفراد أن يكونوا الفاعلين الرئيسيين لمتابعة التحول إلى مجتمع منخفض الكربون ، ويبدو أن هناك إجماعًا واسع النطاق على أن الأفراد أيضًا بحاجة إلى تغيير بعض العادات والأنشطة في ممارسات الاستهلاك الحالية الخاصة بهم لمعالجة تغير المناخ.

وأصبح ذلك موضوع نقاش حول ما إذا كانت هذه التغييرات يجب أن تكون تدريجية وعملية وملائمة لأنماط حياة الناس الحالية أو ما إذا كانت هناك حاجة إلى تغييرات جوهرية وجذرية، أكثر، حيث تركزت جهود التخفيف من آثار المناخ المتعلقة بالاستهلاك بشكل أساسي على تحويل السلع التي يشتريها الأشخاص نحو خيارات ذات تأثيرات أقل وكفاءة أستخدام الطاقة مثل إطفاء الأنوار عند مغادرة الغرفة أو تعديل درجة الحرارة الداخلية، من أجل تحقيق تخفيضات كبيرة في الانبعاثات، ومن الضروري ايضا التفكير يجب أن لا نسعي فقط وراء الخيارات المعروفة ولكن لابد من البحث ايضا عن فرص جديدة للحد من الانبعاثات.

هناك المئات من الإجراءات المحددة التي يمكن للأشخاص القيام بها للمناخ والبيئة في أنماط حياتهم، ولكن من المهم في الخطوة الأولى تحديد السلوك المستهدف أولاً من منظور صاحب المنزل، فهناك سلوكيات مختلفة للوصول إلى هدف سياسي مثل وهو توفير الطاقة في المنزل وأمكانية تحقيق ذلك، على سبيل المثال عن طريق خفض منظم الحرارة، بتركيب زجاج مزدوج أو عزل جدار صلب للمباني فمن المهم أولاً وقبل كل شيء أن تكون الاختلافات بين السلوكيات المختلفة واضحة للحصول على مزيد من الأفكار في كل من التأثيرات البيئية لها وكذلك العوامل التي تسهل أو تعرقل استيعابها.

ومن هنا نتخلص نتيجة أساسية، حيث تتسبب جميع أنشطة الاستهلاك في انبعاثات مباشرة، حيث تنبع تلك الانبعاثات المباشرة من أنشطة الاستهلاك النهائي، مثل انبعاثات غازات الدفيئة عندما يتم تدفئة المنازل أو تتحرك السيارات، وتشير البصمة الكربونية للمنتج إلى كمية غازات الدفيئة المنبعثة خلال دورة حياته بأكملها.

وبالتالي نجد أن المبادرة توفر الإطار الارشادي والمعرفي لكل أفراد المجتمع وصانعي السياسات في استحداث رؤى جديدة حول فائدة التمييز بين استراتيجيات الاستهلاك المختلفة بما في ذلك الاستراتيجيات من مختلف الأساليب كأداة متمايزة للتخفيف من آثار تغير المناخ الأمر الذي يمكن به وضع إطار لهيكلة استراتيجيات لخيارات الاستهلاك لتقليل البصمة الكربونية للافراد وتمكينهم من تصميم حياتهم بشكل أكثر استدامة.

تابعنا على تطبيق نبض

Comments

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: