وجهات نظر

د.مصطفى أبو زيد: رفع سعر الفائدة الأمريكي واستعدادات مصر المبكرة

مدير مركز مصر للدراسات الاقتصادية

فى البداية أكن كل التقدير والاحترام لكل الآراء التى تناولت بالتحليل أثر رفع الفيدرالي الأمريكي لسعر الفائدة 0.5%، والتى طالبت بسرعة اتجاه الدولة إلى تنفيذ 3 أمور ( تعميق التصنيع المحلي- زيادة الصادرات- ترشيد الواردات)، لتخفيف الأثر المباشر على احتمالية خروج الاستثمارات غير المباشرة (الأموال الساخنة)، والاتجاه نحو الاستثمار فى الولايات المتحدة فى حال لم يرفع البنك المركزى المصرى أسعار الفائدة فى محاولة لمنع خروج تلك الأموال، فى حين أن هذا القرار سيضغط على قيمة العملة الوطنية أمام الدولار.

أحب أن أوضح أن النقاط الثلاث بالفعل الدولة المصرية لم تنتظر ظهور أزمات عالمية لتبدأ فى العمل على تلك النقاط، وإليك  التفاصيل:

أولا: استراتيجية تعميق التصنيع المحلى تم الإعلان عنها منذ عام 209، والتى تتسق مع الاستراتيجية الوطنية 2030، أي أن الدولة المصرية بدأت بتنفيذ تلك الاستراتيجية منذ 3 سنوات قبل ظهور جائحة كورونا وتداعياتها المستمرة والتى نعانى منها حتى الآن إلى جانب الأزمة الأوكرانية، وتأثيراتها على الاقتصاد العالمي.

زيادة الصادرات

ثانيا: زيادة الصادرات المصرية أيضا، هناك اهتمام منذ عام 2018،  لزيادة الصادرات المصرية، كونها أحد المصادر الخمسة للعملة الصعبة للبلاد إلى جانب زيادة درجة الإندماج مع الاقتصاد العالمي من خلال تكثيف الجهود فى فتح أسواق جديدة للمنتجات المصرية، وخلال الأعوام الماضية نجحت تلك الجهود فى زيادة الصادرات المصرية إلى 30 مليار دولار فى عام 2018/2019  ، وفى عام 2020/2019 ، بلغت 32 مليار دولار، وأخيرا 45 مليار دولار فى عام 2021/2020 على طريق تحقيق100 مليار دولار صادرات مصرية، وعند تحليل هيكل الصادرات المصرية سنجد أن أكثر من 40 % منتجات تامة الصنع، وهذا يعتبر دليلا أخرا مرتبط بالنقطة الأولى المتعلقة بتعميق التصنيع المحلي.

ترشيد الواردات

ثالثا: فيما يتعلق بترشيد الواردات، فالدولة المصرية اتجهت خلال السنوات الماضية للعمل على تلك النقطة عبر زيادة الاستثمارات فى قطاع الطاقة، والتى حققت فيها نتائج مذهلة فى وقت قصير، حيث حققت الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعى منذ عام 2019، وبالتالى توفير مليارات الدولارات كانت موجهة لاستيراد الغاز، وحاليا يتم تصدير الغاز المسال بقيمة 4 مليارات دولار فى عام 2021 ، إلى جانب زيادة القدرات الإنتاجية للمنتجات البترولية من خلال العديد من المشروعات، منها مجمع مسطرد للبتروكيمياويات، والتى تستهدف الدولة المصرية الوصول للاكتفاء الذاتى من المنتجات البترولية عام 2023، أى العام المقبل، وبالتالى توفير مليارات الدولارات، وتخفيف العبء عن الموازنة العامة للدولة.

والنقطة الأبرز، معروف أن الدول فى طريق تحقيقها للتنمية الاقتصادية، وتحقيق معدلات نمو عبر زيادة الناتج المحلي الإجمالى من خلال زيادة مساهمة قطاع الصناعة فى الناتج، والتركيز على عدة صناعات تحقق ذلك الهدف، وهذا يستلزم زيادة حجم الواردات من السلع الراسمالية، وبالتالى الدولة المصرية تتعامل مع تلك النقطة بحرص شديد، وهذا يظهر تأثيره على تراجع عجز الميزان التجارى 42  مليار دولار فى عام 2020، مقابل 45 مليار دولار فى عام 2019.

خلاصة القول:

الدولة المصرية تعمل وفق خطط  واستراتيجيات ومؤشرات قياس، ودراسات مستقبلية، وفق سيناريوهات محتملة الحدوث ،وممكنة الحدوث، وأيضا سيناريوهات مرغوب بتحقيقها فى المستقبل، وفى كل سيناريو يتم دراسة الوضع الراهن، والتأثيرات، والمتغيرات التى قد تحدث مستقبلا، والدليل على ذلك أن الدولة منذ سنوات وأسعار البترول تشهد ارتفاعات، ولذلك قامت الدولة المصرية بالتحوط أمام أسعار البترول، وأيضا قامت بإنشاء الصوامع، والمخازن الاستراتيجية، وزيادة المساحة المنزرعة من القمح، وبالتالى الدولة تعمل على تأمين المواطنين قدر الإمكان، لتكون حائط صد أمام الأزمات المتتالية التى يشهدها الاقتصاد العالمي.

تابعنا على تطبيق نبض

Comments

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
%d