وجهات نظر

د.فوزي يونس: يوم البيئة العالمي 2023 “بيئاتنا والبصمة البيئية”

أستاذ ورئيس وحدة فسيولوجيا الأقلمة بمركز بحوث الصحراء

لقد سبقت الاحتفال بمناسبات دولية وعالمية عديدة قبيل إنشاء الأمم المتحدة إلا أن المنظمة حرصت على الاحتفال بتلك المناسبات بوصفها وسيلة للدعوة والتثقيف والتوعية الفاعلة وجذب انتباه المجتمع الدولي للتفاعل بإيجابية معها.

وتحتفي الأمم المتحدة بمناسبات من أيام وأسابيع وسنين وعقود دولية وعالمية محددة حيث يخصص لكل منها شعارا أو موضوعا معينا في كل عام.

وتعمل الأمم المتحدة من خلال المناسبات الخاصة على رفع الوعي الدولي بالقضايا ذات الصلة وعلى إحراز تقدم في ما يتصل بها محليا وإقليميا ودوليا.

ويتيح كل يوم من الأيام الدولية الفرصة لعديد الجهات الفاعلة لتنظيم الأنشطة والفعاليات المتعلقة بالموضوع أو الشعار السنوي للمناسبة.

وتمثل تلك المناسبات للمنظمات وللمكاتب التابعة لمنظومة الأمم المتحدة فضلا عن الحكومات والمجتمع المدني والقطاعين العام والخاص والمدارس والجامعات وعموم المواطنين نقطة انطلاق لبدء جهود التثقيف والتوعية بالقضايا السياسة والبيئية والثقافية وغيرها من القضايا.

وحددت غالب تلك المناسبات بموجب قرارات صادرة عن الجمعية العامة للأمم المتحدة بالرغم من أن بعضها حددته وكالات الأمم المتحدة المتخصصة. كما تحتفي الأمم المتحدة كذلك بالذكريات السنوية لأبرز المعالم في تاريخها.

قياس تأثير هذه المناسبات الأممية:

لمتابع صفحات المناسبات الأممية (التي تشمل على الأيام والأسابيع والسنوات والعقود الدولية والعالمية) فإن هذه الصفحات شهدت أكبر عدد من الزيارات على موقع الأمم المتحدة.

وغالبا ما يكون لكل مناسبة موقع شبكي مخصوص بها ومتاح باللغات الرسمية الست للأمم المتحدة.

هذا وتمثل الأيام الدولية كذلك مؤشرا على الاهتمام الذي يحظى به موضوع معين في كل جزء من العالم. ولمعرفة مسألة كتلك ننظر إلى مستوى المشاركة في هذه الاحتفالات في مناطق مختلفة وبلغات مختلفة في أنحاء مختلفة من العالم.

فمثلا هناك قضية البيئة التي نحن بصددها هذه الأيام تستحق تسليط الضوء عليها. يعد اليوم العالمي للبيئة بمثابة منصة عالمية لإلهام التغيير الإيجابي.

ويشارك أشخاص في أكثر من 150 بلداً في هذا اليوم الدولي للأمم المتحدة الذي يحتفل بالعمل البيئي وقوة الحكومات والشركات والأفراد لخلق عالم أكثر استدامة.

حيث يجمع اليوم العالمي للبيئة الذي يُحتفل به سنوياً في يوم 5 يونيه من كل عام ملايين الأشخاص من جميع أنحاء العالم ويتشاركوا في عديد من الجهود لحماية الأرض وإصلاحها واستدامة النظم الإيكولوجية عليها.

هذا ويعد يوم البيئة العالمي https://www.worldenvironmentday.global/ar أحد أكبر الأيام الدولية احتفالاً بالبيئة.

وقد نما الإحتفال بهذا اليوم ليكون أكبر منصة عالمية للتواصل البيئي.

والذي يحتفل به الملايين من الناس في جميع أنحاء العالم سنويا منذ عام 1973 بقيادة برنامج الأمم المتحدة للبيئة.

ويصادف اليوم العالمي للبيئة لهذا العام الذكرى الواحده والخمسين لهذا الحدث ويصادف التصدى لأكبر إشكالية من صنع الإنسان وتؤثر علي الحياه في البر وفي البحر ويعمل الجميع الي دحر التلوث البلاستيكي وتم العمل عليه سابقا عام 2018.

خصصت الجمعية العامة للأمم المتحدة يوم 5 حزيران/يونيه يومياً دولياً للإحتفال بيوم البيئة العالمي الذي يصادف اليوم الأول لمؤتمر ستوكهولم المعني بالبيئة البشرية.

مع اعتماد الجمعية العامة لقرار آخر في اليوم نفسه أفضى إلى إنشاء برنامج الأمم المتحدة للبيئة.

يوم البيئة العالمي

مدي إنتشار التلوث البلاستيكي:

كوكبنا يغرق في البلاستيك حيث يتم إنتاج أكثر من 400 مليون طن من البلاستيك سنويًا نصفها مخصص للاستخدام الفردي.

ومع ذلك يتم إعادة تدوير أقل من 10٪ من هذه الكمية العملاقة.

ما بين 19 إلى 23 مليون طن من الحطام البلاستيكي تلوث بحيراتنا وأنهارنا ومحيطاتنا.

إن عواقب النفايات البلاستيكية بعيدة المدى: من ازدحام مدافن النفايات إلى المحيطات إلى الاحتراق في دخان سام ، يشكل التلوث البلاستيكي أحد أشد التهديدات خطورة على البيئة.

شعار يوم البيئة لهذا العالم 2023:

من المقرر عقد يوم البيئة العالمي (WED) World Environment Day لهذا العام في الخامس من يونيو 2023 بإستضافة من كوت ديفوار بالتركيز علي إيجاد حلول للتلوث البلاستيكي.

يصادف هذا العام ذكرى خاصة بيوم البيئة العالمي لمصادفة هذا العام الذكري الخمسين لليوم العالمي للبيئة بعد أن أنشأته الجمعية العامة للأمم المتحدة في عام 1972.

وعلي مدي العقود الخمسة الماضية أصبح اليوم أحد أكبر المنصات العالمية للتوعية البيئية.

هذا وتعد مشكلة عالمية رئيسية تؤثر علينا جميعًا بما في ذلك الحياة البرية البحرية والبرية.

فكل عام ينتهي الأمر بـ 8 ملايين طن من البلاستيك في المحيطات ما يعادل حمولة شاحنة حاوية واحدة كل دقيقة.

ولذا تم اختيار شعار يوم البيئة العالمي في 2023 للتركيز على تغلب على التلوث البلاستيكي ويؤكد يوم البيئة العالمي لهذا العام 2023 على أهمية الإجراءات الفردية في معالجة التلوث البلاستيكي.

الإجراءات التي اتخذتها الحكومات والشركات لمكافحة هذه المشكلة هي نتائج مباشرة لمثل هذه المبادرات.

الآن هو الوقت المناسب لتسريع هذه الجهود والتحول نحو اقتصاد دائري. في الخامس من يونيو 2023 سيعالج يوم البيئة العالمي القضية الملحة للتلوث البلاستيكي.

في إطار الدعوة الحاشدة لـ # التغلب_على_التلوث_البلاستيكي يهدف الحدث العالمي إلى حشد الحلول والإجراءات لمعالجة هذا الأمر.

يوم البيئة العالمي

ماهو السبب في أهمية هذا الموضوع لهذا العام؟

ينتشر التلوث البلاستيكي بانتظام في الأخبار بسبب عواقبه الوخيمة على البيئة وصحة الإنسان والحيوان ، والتي كشفت عنها أفلام وثائقية مثل Blue Planet.

الأن يصل شعار” Only One Earth ” إلى المنزل بقوة اليوم كما كان عليه قبل 50 عامًا ومع ذلك تم إحراز تقدم بطيء في قطاع التعبئة والتغليف خاصة على الرغم من التقدم في التكنولوجيا والمواد.

لا تزال العبوات البلاستيكية ذات الاستخدام الواحد متوفرة بكثرة كما أن صور العبوات البلاستيكية التي يتم جمعها من أنهارنا ومحيطاتنا شائعة.

هناك احتجاج على الأضرار التي لحقت بالنباتات والحيوانات لدينا بسبب المواد البلاستيكية الدقيقة ومع ذلك يتم إنتاج المزيد والمزيد من البلاستيك البكر.

ويضغط ذلك علي البنية التحتية العالمية وأن عمليات إعادة لتدويرها تعد عملية مرهقة ومكلفة.

هذا ويجب تبني ممارسات مستدامة بيئيًا والنظر في الابتكار لاستخدام الكميات الهائلة من عبوات النفايات المتداولة بالفعل والضغط من أجل أساليب إعادة التدوير المحسنة والمتوافقة.

وأري أننا نحتاج إلى تثقيف الجيل القادم في سن مبكرة (بتبني وإدارة حوارات مفتوحة تجمع بين العلماء والخبراء في مجال البيئة والتنمية المستدامة وأصحاب المصلحة بكل طوائفها تبدأ من القاعدة العريضة من المواطنين أنفسهم) بشأن الضرر الذي حدث وما يمكن فعله للمضي قدمًا للمساهمة في إنقاذ هذا الكوكب

وبالتبعية نحن بحاجة إلى بذل كل ما في وسعنا لإبقاء الضوء مسلطًا على التغيير للأفضل وإلا فإن الإرث الذي نتركه وراءنا سيكون إهدارًا وتدميرًا للبيئة.

أهمية تسخير العلم من أجل التغيير والإستدامة:

على الرغم من الصورة القاتمة هناك مجال للأمل في الأيام والسنوات القادمة بفعل الإهتما بالبيئة وتفعيل الاستدامة البيئية.

وأيضا من خلال الفهم العلمي والحلول الفعالة يتم اتخاذ خطوات كبيرة في معالجة هذه القضية.

ما نحتاجه الآن هو زيادة الضغط العام والسياسي لتصعيد الإجراءات من جانب الحكومات والشركات ومؤسسات المجتمع المدني وأصحاب المصلحة للتخفيف من حدة هذه الأزمات.

كما هدف الاحتفال بيوم البيئة العالمي لهذا العام 2023 حشد العمل على مستوى العالم والتأكيد على الحاجة الماسة للمسؤولية الجماعية وأهمية ذلك لتحقيق التنمية المستدامة الفاعلة.

نحن نعيش في مجتمع يحركه المستهلكون فيتم إنتاج أكثر من نصف البلاستيك الذي تم إنتاجه في الخمسة عشر عامًا الماضية.

يتم استخدام ما يقرب من نصف البلاستيك المنتج مرة واحدة فقط ويتم التخلص منه. يؤثر هذا “البلاستيك أحادي الاستخدام” على أنهارنا وأرضنا ومحيطاتنا.

وباعتبارها مادة غير قابلة للتحلل فإنها تتحلل إلى جزيئات أصغر (لدائن دقيقة) والتي تأكلها الكائنات البحرية الصغيرة تدخل السلسلة الغذائية.

هذا ولابد للحكومات التوجه إلى تصعيد واتخاذ قرارات جريئة لدفع مسؤولية المنتج الممتدة وخلق اقتصاد دائري يقلل من البلاستيك ويعيد استخدامه بشكل أكثر استدامة.

ومع ذلك ، وبغض النظر عن هذه التغييرات الضرورية في السياسة يمكن للناس العاديين أن يحدثوا فرقًا كبيرًا.

منذ أواخر عام 2018 ، رفعت حملة “Prevent Pointless Plastic” في منطقتنا المحلية الوعي وساعدت الناس على الحد من استخدام البلاستيك والتلوث.

يُحدث إجراء تغييرات صغيرة بشكل جماعي باستخدام زجاجات المياه القابلة لإعادة التعبئة وأكواب القهوة القابلة لإعادة الاستخدام ومحلات إعادة التعبئة المحلية وخطط صناديق الخضار تأثيرًا كبيرًا.

كما قالت آن ماري بونو: “لسنا بحاجة إلى حفنة من الأشخاص لا يقومون بأي نفايات بشكل مثالي. نحن بحاجة إلى الملايين من الناس يفعلون ذلك بشكل غير كامل “.

في حين أن النفايات الناتجة عن تطبيق تقنية النانو ليست شائعة حتى الآن تتطلب النفايات البلاستيكية تدخلاً عاجلاً.

يعد البلاستيك من بين أكثر المواد إنتاجًا اليوم

المنتجات البلاستيكية رخيصة وسهلة التصنيع والتشكيل بالشكل المطلوب. كما أنها قوية بما يكفي لتلبية متطلبات العديد من التطبيقات.

كل هذه الخصائص المفيدة مكنت المواد البلاستيكية من أن تصبح واحدة من أكبر التحديات في عصرنا.

ينتهي المطاف بكميات هائلة من النفايات البلاستيكية في مدافن النفايات والأنهار والمحيطات كل عام وعندما تتعرض للظروف البيئية مثل الإشعاع الشمسي والمواد البلاستيكية المتآكلة تتفكك ببطء وتطلق جزيئات بلاستيكية دقيقة ومتناهية الصغر.

تم العثور على البلاستيك الدقيق والنانو في مياه الصنبور على مستوى العالم وكذلك في التربة وحتى في دم الإنسان.

لم يتم بعد فهم مخاطر هذه الملوثات الدقيقة والنانوية الجديدة بشكل جيد ولكن من المحتمل أن يكون لها عواقب وخيمة على صحتنا ورفاهيتنا.

لم يتم تصميم البنية التحتية الحالية لمعالجة المياه ومعالجتها للتعامل مع هذا النوع الجديد من الملوثات.

هذا وأصبح التلوث البلاستيكي أيضًا تهديدًا للحياة البرية والبحرية علي حد سواء.

بينما تحظر العديد من البلدان استخدام البلاستيك الذي يستخدم لمرة واحدة نحتاج أيضًا إلى التفكير في العلاجات وممارسات تنظيف المياه والتربة وتطويرها لمعالجة المشكلة.

يمكن أن يكون للتلوث البلاستيكي عواقب وخيمة وغالبًا ما يُشار إليه باعتباره أحد أكبر التهديدات الوجودية بعد تغير المناخ وفقدان التنوع البيولوجي.

نحن بحاجة إلى إنتاج المزيد من الأدلة العلمية التي ستطور بعد ذلك الحلول وتدفع التدخلات التنظيمية.

وختاما فإن طلب الإنسان علي موارد الأرض فيما يعرف بالبصمة البيئية Environmental Footprint يتزايد بنمط مطرد في مقابل قدرة الطبيعة غلي النهوض بأعباء هذا الطلب أي القدرة البيولوجية.

تتجلي تكاليف هذا الإنفاق فيما يعرف بالإنفاق الإيكولوجي والمفرط يوم بعد يوم في مشاهد زوال الغابات والجفاف وشح المياه العذبة وتدهور التربة وفقدان التنوع البيولوجي والتصحر واستنزاف الموارد وتراكم النفايات وتزايد انبعاثات غازات الإحتباس الحراري في الغلاف الجوي حول الكرة الأرضية وارتباطه بالتغير المناخي مما يرفع البصمة الكربونية والبيئية للبشرية.

هذا ومن المتوقع اذا وصل عدد سكان العالم الي 9.6 بليون نسمة بحلول عام 2050 فقد يتطلب الأمر الي ما يعادل ثلاث كواكب كالأرض لإتاحة الموارد الطبيعية الازمة للحفاظ علي أنماط الحياه بصورتها الحالية وهذا ينذر بخطر داهم علي البشرية يتحتم معه الاهتمام بالبيئة والحفاظ عليها بإستدامة النظم الإيكولوجية عليها.

ويتطلب ذلك تكاتف كل شخص بلا استثناء والعمل علي السيطرة وتراجع بصمته البيئية من خلال الإستخدام المستدام للموارد وتبني هدف الإنتاج والإستهلاك المسؤولين وتفعيل جميع الأهداف الخاصة بالتنمية المستدامة من الأن وخلال الأيام والعقود القادمة.

أهم الاقتباسات التي قيلت عن البيئة:

• “الحفاظ على البيئة هو حالة انسجام بين الإنسان والأرضألدو ليوبولد
• “أكبر تهديد لكوكبنا هو الإعتقاد بأن شخصًا آخر سينقذهروبرت سوان.
• “البيئة هي المكان والشيء الوحيد الذي نتشاركه جميعًا وتجمعنا بها مصلحة مشتركةليدي بيرد جونسون.
• “الأمة التي تدمر ترابها تدمر نفسهافرانكلين دي روزفلت.
• “دق كوكبنا جرس الإنذار، وحان وقت الإستيقاظ واتخاذ الإجراءات!” ليوناردو دي كابريو.
• “الأرض_هي_الأم_الاولى_لنا_جميعا_والحفاظ_عليها_مسئولية_كل_إنسان_يعيش _عليهافوزي يونس.

تابعنا على تطبيق نبض

Comments

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: