د.فوزي يونس: أهمية إطلاق أكبر مبادرة في التاريخ لإحياء الأنهار والأراضي الرطبة
أستاذ ورئيس وحدة فسيولوجيا الأقلمة بمركز بحوث الصحراء

تم إطلاق مبادرة لإحياء ٣٠٠ كيلو متر من الأنهار بأفريقيا وامريكا الجنوبيه حيث أطلقت عدة دول في أفريقيا وأميركا اللاتينية مبادرة وُصفت بأنها «تاريخية» تهدف إلى إحياء أنهار يبلغ طولها الإجمالية 300 ألف كيلومتر بحلول سنة 2030 بالإضافة إلى بحيرات وأراضٍ رطبة تسبب الأنشطة البشرية بتدهورها.
ووفق وكالة الصحافة الفرنسية أعلنت الأمم المتحدة وجهات معنية أخرى في بيان خلال مؤتمر المنظمة الدولية في شأن المياه في نيويورك أن «تحدي المياه العذبة» هذا الذي أطلقه ائتلاف حكومات عدد من الدول أبرزها كولومبيا وجمهورية الكونغو الديمقراطية والمكسيك والغابون يهدف إلى إحياء 300 ألف كيلومتر من الأنهر بحلول العام 2030 أي ما يعادل «سبعة أضعاف محيط الأرض» و350 مليون هكتار من الأراضي الرطبة أي ما يساوي تقريباً مساحة الهند.
ودعت هذه المبادرة التي تُعدّ «الأكبر في التاريخ لإحياء الأنهار والأراضي الرطبة» كل الحكومات إلى وضع أهداف وطنية في هذا المجال لإنعاش النظم البيئية Environmental Systems للمياه العذبة التي تشكل حاجة ماسة للإنسانية وللتنوُّع البيولوجي Biodiversity.
وتُعدُّ النظم البيئية للمياه العذبة من الأكثر عرضة للخطر على كوكب الأرض راهناً في وقت باتت كل أنحاء العالم تعاني نقصاً في المياه بفعل الاستهلاك المفرط والتلوُّث والتغيُّر المناخي وكله بفعل البشر.
ونقل البيان عن ستيوارت أور من الصندوق العالمي للطبيعة قوله إن «المؤشر الأكثر دلالة إلى الأضرار» التي سببها البشر وما زالوا يسببونها للأنهار والبحيرات والأراضي الرطبة «هو الانخفاض المذهل بنسبة 83 في المئة من أنواع المياه العذبة منذ عام 1970» آملاً في أن تساهم هذه المبادرة في تغيير هذا المنحى واستعادة النظم البيئية والحفاظ علي المتاح منها.
أما المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة أنغر أندرسن التي رحبت بما التزمه الائتلاف، فقالت «الأنهار والبحيرات والأراضي الرطبة تدعم مجتمعاتنا واقتصاداتنا إذا كانت في صحة جيدة غير أن ثمة تقليلاً من قيمتها وإهمالاً على نحو منهجي».
وأضافت «في وقت تعهدت الدول إحياء بليون هكتار من الأراضي يمثل تحدي المياه العذبة خطوة أولى بالغة الأهمية في لفت الانتباه المطلوب إلى النظم البيئية للمياه العذبة» (عن “الشرق الأوسط”)
وبذلك تعد خطة هادفة نحو الاستدامة تساعد علي الحفاظ واستعادة الأنظمة الطبيعية والتنوع البيولوجي وإنتاج كل ما تحتاجه البيئة الطبيعية لكي تبقى متوازنة وتساعد في التخفيف من حد تغير المناخ بحجز غازات الاحتباس GHGS الحراري والحد من ارتفاع درجة حرارة الكوكب.
كما تقر الاستدامة بأن الحضارة البشرية لابد لها من توفير مصادر لاستدامة طريقة عيشنا المعاصرة والحفاظ علي مستقبل البشرية.
وهناك الكثير من الأمثلة عبر تاريخ البشرية حيث عملت الحضارات على تدمير بيئتها وأثرت بشكل خطير على فرص البقاء.
وتأخذ الاستدامة بالاعتبار كيف نعيش باتساق مع عالم الطبيعة وحمايته من التدمير والإتلاف. لان كل النظم من الذرة الي المجرة خلقت في توازن وتناغم من قبل الخالق عز وجل بما يضمن الاستدامة أمد الحياه اذا احسن التعامل معها وتغير في بعض سلوكياتنا الاستهلاكية مثلا لايقتصر نظرتنا فقط قادرة علي استهلاك المورد بنهج الاستهلاك وإنما لابد أن نغيرها بنهج الاحتياج مما يضمن الاستدامة البيئية.
حيث إننا نعيش في عالم حديث متحضر فقد نستهلك الكثير من الموارد الطبيعية يوميا بالضغط علي الموارد الطبيعية من جهة وتزايد من ابعاثات غازات الاحتباس الحراري من جهة اخري.
ولا يهدف ذلك الى القول بأن العيش المستدام يجب أن يركز فقط على الناس الذين يعيشون في المدن مثلا بل يجب إجراء تحسينات في كل مكان (يقدر بأننا نستهلك حوالي 40% من الموارد سنوياً أكثر مما نحتمل) وأن هذا يحتاج إلى إجراء تغييرات للمحافظة على استدامة مواردنا والتوازن فيما بينها والتوجه نحو الاقتصاد الأخضر والدائري وصفر نفايات ZeroWaste.
خلق النظم البيئية الصحية
لا يزال بإمكاننا منع أسوأ آثار تغير المناخولكن القيام بذلك يتطلب تقليل الانبعاثات بسرعة في جميع القطاعات ، بما في ذلك المدن والنقل والطاقة واستخدام الأراضي.
ليس فقط يجب علينا تخفيف انبعاثاتنا بسرعة ، بل يجب علينا أيضًا التكيف مع تأثيرات تغير المناخ على المحيط الحيوي والأنظمة البشرية.
اتضح أن أفضل الحلول لتغير المناخ موجودة حولنا: تعزيز واستعادة والحفاظ على النظم الإيكولوجية الصحية التي تدعم مجتمعنا.
تتيح لنا الحلول المستندة إلى الطبيعة فرصة للتصدي لتغير المناخ وخلق عالم أكثر مرونة.
تتضاعف تحديات الأمن الغذائي ، والقضاء على الفقر ، والتحضر ، وإمدادات المياه بسبب تغير المناخ.
غالبًا ما تقصر الحلول التي تتناول كل مشكلة بشكل منفصل من خلال الاستراتيجيات التكنولوجية عن التغيير الشامل المطلوب.
تعطينا الحلول القائمة على الطبيعة نهجًا بديلاً حيث تعزيز النظم الاجتماعية والبيئية بشكل شامل من أجل مجتمعات أفضل.
حيث تركز الاستدامة والتنمية المستدامة Sustainable Development على التوازن بين احتساب الاحتياجات وحاجتنا إلى استخدام التكنولوجيا وبشكل اقتصادي بيئي والحاجة إلى حماية البيئات التي نعيش فيها.
فليس فقط يجب علينا تخفيف انبعاثاتنا وصولا للحياد الكربوني بل يجب علينا أيضًا التكيف مع تأثيرات تغير المناخ على المحيط الحيوي والأنظمة البشرية.
اتضح أن أفضل الحلول لتغير المناخ موجودة حولنا كتعزيز واستعادة والحفاظ على النظم الإيكولوجية الصحية التي ولا ترتبط الاستدامة بالبيئة فقط بل إنها تتعلق بصحة المجتمعات مع ضرورة رصد واختبار التأثيرات بعيدة الامد للأفعال التي تقوم بها البشرية وطرح اسئلة حول كيف يمكن تحسين الوضع وتكاتف الجميع أفراد وشعوب وحكومات ومؤسسات دوليه لحماية الطبيعة من أنفسنا لحاجتنا واجيالنا القادمة لذلك للعيش باستدامة ورخاء.
حيث يعد مخرجات هذه المبادرة التاريخية كحلول تعتمد علي الطبيعة كلتفاعلات التي تعمل مع الطبيعة وتعززها لمساعدة الناس على التكيف مع التغيير والكوارث والتي قد تحل في وقت واحد كتحديات عالمية متعددة.
في سياق المناخ تعد المحافظة على النظم الإيكولوجية وترميمها وتحسين إدارة الأراضي واستخدامات المياة وصيانة مصادرها آليات فعالة من حيث التكلفة وتخزن كميات كبيرة من الكربون وتوفر منافع بيئية واجتماعية واقتصادية مشتركة.
حيث تساعد الحلول المستندة إلى الطبيعة المجتمعات على تحقيق كل من التكيف والتخفيف وإنشاء أنظمة بيئية صحية لنا وللأجيال القادمة في آن واحد.