وجهات نظر

د.عطية سليم شلح: “حركات أرضية بطعم جيوسياسي”

باحث في الجغرافيا السياسية

مما لا شك فيه أن الآية القرآنية” والأرض ذات الصدع”، تجسدت بصورة جلية في منطقتنا الشرق أوسطية، بإرهاصات تراكمية دون الإكتراث من قبل الوحدات السياسية القاطنة لهذه المنطقة، وتمثلت هذه الإرهاصات، في هزات أرضية تضرب العمق التركي، والشرق المصري خاصة في منطقة خليج العقبة وبدرجات متفاوته، ما بين ” ٤.٥:٣ “، على مقياس ريختر، وعلى مدار سنوات عدة.

السؤال الذي يطرح نفسه، هل هذه الحركات الأرضية،مقدمات لهزات أرضية شديدة التدمير للقشرة الأرضية وما عليها، فتصبح الفاجعة متفاقمة؟ وهل تقاعست الوحدات السياسية في هذه المنطقة عن أخذ الحيطة والحذر لمثل هذه الكوارث الطبيعية؟ وهل أصبحت هذه المنطقة نشطة زلزاليا،مما ينذر بعواقب وخيمة؟

رغم نفي العديد من العلماء ، لذلك، ورغم أن أحد الأحزمة التكتونية في صورة صدع يمتد من جنوب شرق هضبة الأناضول وعلى هيئة إنكسارات سلمية صدعية حتى بحيرة نياسا في شرق أفريقيا، ناهيك عن الإخدود الأفريقي العظيم الذي يحتاط بحوض النيل،حيث يتمثل الإخدود الشرقي منه بحافتيه” الشرقية الغربية”، الأخدود الغربي منه بحافتيه” الشرقية والغربية”

مما يقود لوجود حركات أرضية في هذه المنطقة، وعلى مدار سنوات عدة، بدليل زلزال الثلاثينات من القرن الماضي والذي ضرب الأراضي التركية مخلفا خسائر بشرية واقتصادية جمة.

وأيضا زلزال التسعينات والذي ضرب عمق الأراضي المصرية، حيث مركزه بجبل قطراني، ونجم عنه الكثير من الوفيات في منطقة القاهرة الكبرى.

فهل الهزات الأرضية العديدة و التي ضربت تركيا أول أمس وتوابع عدة، شعر بها سكان معظم دول الشرق الأوسط، ولم تسكن بعد، نذير خطر أكبر قادم؟ حيث أفادت النتائج تزحزح كتلة شبة الجزيرة العربية إلى الشرق بنحو أربعة أمتار، وتزحزح الهضبة التركية إلى الغرب بنحو ثلاثة أمتار، وهبوط أرضي في شمال الدلتا المصرية في منطقة رأس البر، لا يجدي معه وضع الأحجار الضخمة والتي تعوق حركة الأمواج العاتية.

وفي جملة النتائج هل نرى تسونامي بحر متوسط، يتنامى مع هذه الحركات والتي لا تفرق بين اليابس قاع البحر؟ رغم أن البعض سخر من لفظ تسونامي البحر المتوسط، فهل تكذبه الطبيعة بأمواج ذي إرتفاع لعشرات الأمتار؟
وهل تسهم التغيرات المناخية في إرتفاع هذه الأمواج، خاصة مع ذوبان الجليد في القطبين وبالأحرى الشمالي منه، تزامنا مع هذه الحركات؟

والسؤال الآخر الذي فرض نفسه، هل ضرب الزلزال التركي الحدود السياسية بين سوريا وتركيا، خاصة مع تزامن الكوارث في الجنوب التركي و الشمال السوري، لتصبح الفاجعة واحدة، ويقود إلى التعاون الكونفيدرالي الفارض نفسه على المنطقة، وتصبح هذه الحدود من عبق الماضي؟

وما الواجب الذي يمليه الوضع على دول المنطقة؟

يجب على جميع دول المنطقة نبذ الخلافات السياسية فورا، وإنشاء مجلس أعلى لمواجهة الكوارث الطبيعية في منطقة الشرق الأوسط، دون التفرقة بين وحداته السياسية، لأن الكارثة عامة وأن ترصد له الأموال اللازمة لمواجهة هذه الكوارث.

يجب التعاون المعلوماتي الفوري بين دول المنطقة و خاصة محطات رصد الزلازل، و البراكين التي تعقب هذه الزلازل؟

يجب تغيير معايير الإنشاءات، من خلال الهندسة المعمارية في كل دول المنطقة لكي تقاوم الهزات الأرضية العنيفة.

يجب التعاون في وضع الحلول الفورية عند حدوث مثل هذه الكوارث، مما يحد من آثارها.

رحم الله شهداءنا في سوريا و تركيا و أسكنهم جميعا فسيح جناته.

حفظ الله جميع بلادنا و بلاد المسلمين من كل شر و بلية ومن كل مكروه وسوء.

تابعنا على تطبيق نبض

Comments

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: