د. عطية سليم: المملكة العربية السعودية.. تحلية مياه البحر وخطط الاستدامة
باحث في الجغرافيا السياسية

تسعى الدول جاهدة في سبيل رفع مستوى معيشة مواطنيها بشتى السبل، من خلال تحقيق التنمية المستدامة والتي تعني” تلبية احتياجات الجيل الحاضر مع مراعاة حق الأجيال القادمة”، أي تجمع بين استيفاء حاجات الجيل الحاضر والأجيال القادمة، ليظهر علينا مصطلح الاستدامة، و الذي يعني بدوره هو الآخر “التوازن بين جميع الجوانب السياسية والاجتماعية والاقتصادية والثقافية.
فهل مصطلح الاستدامة أعم و أشمل من مصطلح التنمية المستدامة؟
أتضح ذلك من خلال السعي الدؤوب للمملكة لحل مشكلة الجفاف بها، فهل يتحقق قول رسولنا الكريم، صلى الله عليه و سلم،” لن تقوم الساعة حتى تصبح جزيرة العرب مروج خضراء”؟
حيث تتصدر المملكة العربية السعودية، دول العالم في إنتاج المياه المحلاة، حيث يبلغ إنتاجها مليار وستة ملايين م٣ سنويا، بنسبة 18% سنويا من إنتاج العالم.
وبنسب 49 % من محطات الساحل الشرقي على الخليج العربي، و51% من الساحل الغربي للمملكة على البحر الأحمر، بعدد ٢٧ محطة عاملة.
وتسعى المملكة لتنفيذ مشروع نهر صناعي عملاق من هذه المياه المحلاة، بطول ١٢ ألف كم، فائقا طول نهر النيل البالغ ٦٦٧٠كم من منابعه من نهر كاجيرا.
وبعرض ١١م و عمق أربعة أمتار، و أطوال مواسير مقاومة للتآكل و الصدأ و عوامل التعرية، صالحة لمدة خمسين عاما، و إمكانية إحلال و تجديد، حيث تبلغ أطوالها ١٢٦ ألف كم، قطر الواحدة منها ٢.٢٥م، و بكمية تدفق مياه محلاه تبلغ ٩.٥ مليون م٣.
ومن المؤكد وجود شبكة فرعية تغطي معظم المدن السعودية، وهي شبكة تحت أرضية حاملة إليها المياه المحلاة.
والملاحظ أن تكلفة هذا المشروع ستفوق عشرات المليارات من الدولارات، وبخبرة سعودية في مجال تحلية مياه البحر منذ سبعينات القرن الماضي.
– و في سياق هذا الأمر، يتبادر إلى الذهن عدة تساؤلات:
– هل هذا المشروع قاصرة فائدته على المملكة، أم ستطول بعض دول الخليج المجاورة، بحكم مجلس التعاون لدول الخليج العربي؟
– هل هناك خطة مستقبلية للتعامل مع التلف الذي سيصيب مواسير نقل المياه، ذات الصلاحية لخمسين عاما؟
– هل سيتم استقدام خبرات أجنبية للمساهمة في الإشراف على المشروع؟
– هل سيصبح النهر المزمع إقامته، واصلا بين الخليج العربي شرقا و البحر الأحمر غربا، أم له مسار آخر؟
– هل للتوتر السياسي في الحدود الجنوبية الغربية للمملكة مع اليمن، دورا في خط سير المشروع؟
– هل سيتم استخدام المياه المحلاة للشرب فقط في جميع أنحاء المملكة بجملة سكان تفوق الثلاثين مليون نسمة، أم ستمتد لتحقيق تنمية زراعية مستدامة؟
– هل هناك خطة لتأمين هذه المياه من أي مؤثرات خارجية و مصادر تلوث؟
– هل سيكون هناك فائض من هذه المياه للتصدير لبعض الدول المجاورة؟
أسئلة كثيرة تطرح نفسها، وننتظر لما ستسفر عنه الأيام خلال تنفيذ هذا المشروع
حفظ الله جميع بلاد المسلمين من كل مكروه و سوء.