دراسة جديدة تمهد لتغيير شكل البطاريات الكهربائية باستخدام الميثان الحيوي
كائنات دقيقة شبيهة بالبكتيريا تعمل كمحطة طاقة ميكروبية لتحويل 31% من طاقة الميثان إلى كهرباء

كتب :محمد ناجي
تحويل أقل من نصف الطاقة الموجودة في الغاز الطبيعي إلى طاقة كهربائية
منذ عقد من الزمن، ارتفعت انبعاثات غاز الميثان في الغلاف الجوي للأرض وهي غازات دفيئة، أشد ضررا من انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون كما أنها تزيد من ظاهرة الاحتباس الحراري، فهو يستطيع حبس الحرارة بفاعلية أعلى 25 مرة من غاز ثاني أكسيد الكربون.
ويحدد “التقييم العالمي للميثان” فوائد تخفيف انبعاثات غاز الميثان، وهو مكون رئيسي في الضباب، وتشمل الفوائد الحيلولة دون حدوث حوالي 260 ألف حالة وفاة مبكرة، و775 ألف زيارة للمستشفيات مرتبطة بالربو سنويا، بالإضافة إلى 25 مليون طن من خسائر المحاصيل.
محاولات للاستفادة من غاز الميثان
وجد العلماء ما يبدو أنها طريقة حيوية قد تساعد في التخلص من آثاره الضارة وتحويله إلى أحد أشكال الطاقة المفيدة، ويسعى العلماء أيضا إلى إيجاد طرق من شأنها حصد المزيد من الطاقة الكهربائية التي تنتج عن احتراق الميثان، إذ يمكن تحويل أقل من نصف الطاقة الموجودة في الغاز الطبيعي إلى طاقة كهربائية عند احتراقه.
وكشفت دراسة نشرت في “فرونتيرز إن ميكروبيولوجي” عن شكل غير تقليدي لمحطة طاقة ميكروبية يمكنها حصد المزيد من طاقة غاز الميثان، وقالت كورنيليا ويلتي، عالمة الأحياء الدقيقة وقائدة الدراسة: “يتم تحويل أقل من نصف الغاز الحيوي إلى طاقة، وهذه تعد القدرة القصوى التي نستطيع تحقيقها”.
جامعة رادبود” الهولندية، علقت على ذلك الأمر قائلة: “إن الكائنات الدقيقة تعمل كمحطات لإنتاج الميثان الحيوي، ومن ثم يتم تشغيل التوربينات عندما يُحرَق الغاز الناتج من هذه المحطات الحيوية، الأمر الذي يولد الطاقة في النهاية”.

العتائق اللاهوائية المحبة للميثان
ووفق تقرير نشره موقع “ساينس أل رت”، فإن العلماء قد ركزوا جهودهم على نوع من العتائق (كائنات دقيقة شبيهة بالبكتيريا) معروفة بقدرتها على البقاء حية في ظل أصعب الظروف وأشدها قسوة، وتعرف هذه الكائنات الدقيقة باسم “العتائق اللاهوائية المُحِبَّة للميثان”.
وتستطيع هذه العتائق، تكسير الميثان في البيئات الخالية من الأكسجين، وبالتالي فإن غياب الأكسجين لا يعييها، كما أن هذه العتائق تستخدم حيلة أيضية لتحويل الميثان إلى شكل من الطاقة لا يضيرها، وتقوم العتائق بهذه الحيلة الأيضية عن طريق تفريغ الإلكترونات (الجسيمات الأولية المسؤولة عن انتقال الطاقة الكهربائية) في سلسلة من التفاعلات الكهروكيميائية، مُطَوِّعة في ذلك بعض المعادن الموجودة خارج خلاياها.
وقد صنفت العتائق محل الدراسة، والتي تنتمي لجنس “الميثانوبريدينز” (Methanoperedens)، أول مرة عام 2006. إذ اكتشف العلماء أنها قادرة على أكسدة الميثان في وجود قليل من النترات، ومن ثم فإن هذه العتائق تعيش في المستنقعات الرطبة والأراضي الزراعية الغنية بالأسمدة، غير أن الجهود السابقة لحصد قدر أكبر من الإلكترونات من هذه العملية باءت بإنتاج جهد ضئيل من الطاقة الكهربائية.

ولحل هذه المشكلة، فقد جَمع الفريق عينة من الميكروبات التي يعتقدون أنها تحتوي على وفرة من العتائق المُحِبَّة للميثان وزرعوها في بيئة تفتقر إلى الأكسجين، وبالتالي، فإن المصدر الوحيد للإلكترونات في هذه البيئة هو الميثان.
كما وضع فريق البحث بالقرب من هذه المستعمرة قطبا موجبا (أنود، يعمل بمثابة مسرى كهربي يسمح للتيار الكهربائي بالمرور من خلاله) ذا جهد صفري. وبالتالي، فقد أنشؤوا بذلك خلية كهروكيميائية مُعَدَّة لتوليد ونقل التيار الكهربائي.
وتوضح هيلين أوبوتر -المؤلفة الأولى بالدراسة- آلية هذه البطارية المتكونة قائلة “إننا صنعنا بذلك بطارية من طرفين، أحدهما بيولوجي والآخر كيميائي”، إذ تمد العتائق المزروعة على أحد الأقطاب الكهربائية تلك البطارية بالإلكترونات الناتجة عن أكسدة الميثان.
31 % من طاقة الميثان إلى طاقة كهربائية
وقد استنتج الفريق البحثي بعد قياس التيارات الكهربائية المتذبذبة المتولدة، أن العتائق قد استطاعت تحويل 31% من طاقة الميثان إلى طاقة كهربائية، الأمر الذي يجعل هذه المحطات الكهربائية الدقيقة قابلة للمقارنة -إلى حد ما- بكفاءة بعض محطات الطاقة والتي تبلغ كفاءة تحويل الميثان في بعضها بالكاد نسبة الـ 30 %، كما يذكر التقرير.
كما قد يؤدي تحسين هذه العملية الحيوية في المستقبل إلى تصميم بطاريات حيوية تعتمد على الوقود الحيوي، مما قد يقلل الضرر الناجم عن غاز الميثان.
