تغير المناخ في القرن السابع عشر قضى على مملكة في التبت
درجات الحرارة في التبت لها تأثير مدمر على كوكب الأرض وتداعيات خطيرة على الحياة في المستقبل
كتب مصطفى شعبان
كشف باحثون أن انهيار مملكة Guge بهضبة التبت في القرن السابع عشر ربما كان سببه انخفاض درجات الحرارة، نظرت الدراسات السابقة في التغيرات في إنتاج المحاصيل وحالات الجفاف في المنطقة، ولكن لم يكن هناك دليل سابق على تغير درجات الحرارة.
لكن الدراسة الأخيرة وجدت دليلاً على أن درجة الحرارة المحلية في هضبة التبت انخفضت بنحو 4 درجات مئوية بين القرنين الرابع عشر والسابع عشر، مما ساهم في تناقص إنتاج المحاصيل وانهيار المملكة.
تأسست مملكة Guge في غرب التبت في نهاية القرن العاشر وازدهرت لنحو 700 عام قبل أن تنهار في ثلاثينيات القرن السادس عشر، وأنهت هزيمتها على يد مملكة لداخ المجاورة وجودها كدولة مستقلة، ولكن بعد ذلك انهار السكان والمجتمع في المنطقة.
عزا بعض الباحثين هذا إلى الخسائر الكبيرة في الأرواح بسبب الحرب، لكن بعض الباحثين قالوا إن التفسير وحده ليس كافياً وجادلوا بأن العوامل البيئية هي المسؤولة أيضًا.
أطلال مملكة Guge
تراجع نسبة 82 % من الأنهار الجليدية
تحتوي هضبة التبت على معظم الأنهار الجليدية خارج القطب الشمالي والقارة القطبية الجنوبية، ويشار إليها باسم “القطب الثالث” و “برج المياه في آسيا”.
على مدى القرن الماضي، زادت درجات الحرارة على الهضبة بما يصل إلى 0.3 درجة مئوية لكل عقد، وهو أسرع بثلاث مرات من المتوسط العالمي.
أدت درجات الحرارة المتزايدة إلى تراجع نسبة 82 % من الأنهار الجليدية في الهضبة خلال نصف القرن الماضي.
قال Xie: “هذه الدراسة ليست فقط لتحسين فهمنا لمملكة Guge ، ولكن أيضًا لتعزيز معرفتنا بكيفية تأثير تغير المناخ على حياتنا في المستقبل”.
العصر الجليدي المصغر
بدأت الصين مسحها البحثي العلمي الثاني على هضبة التبت في عام 2017، مع التركيز على الأنهار الجليدية في الهضبة وتغير المناخ والتنوع البيولوجي والتغيرات البيئية.
وذكرت الدراسات أن العالم شهد فترة من البرودة في هذا الوقت، والتي يشار إليها أحيانًا باسم العصر الجليدي المصغر، وكان تأثير تغير المناخ سابقًا مرتبطًا بسلسلة من النزاعات والكوارث حول العالم، من حرب الثلاثين عامًا في ألمانيا إلى انهيار أسرة مينج (1368-1644) في الصين.
وقام باحثون من الصين والولايات المتحدة وهولندا، في بحث تابع للأكاديمية الصينية للعلوم، ITPCAS، بجمع وتحليل عينات من الرواسب من البحيرات في التبت لفهم التغير التاريخي في درجة الحرارة في الدراسة، التي نُشرت في مجلة Paleoceanography and Paleoclimatology الشهر الماضي.
حيث قام الباحثون بتحليل 29 عينة رواسب سطحية من بحيرات على هضبة التبت و39 عينة إضافية من مجموعة بيانات منشورة سابقًا عن البحيرات الصينية.
التغيرات في مستويات الدهون
وقد تتبع الباحثون التغيرات في درجات الحرارة من خلال النظر في الرواسب في البحيرات، بما في ذلك نوع معين من الدهون، وهو مركب عضوي تنتجه البكتيريا المعروفة باسم brGDGTs ، وهو شديد الحساسية للتغيرات في درجات الحرارة.
من خلال تتبع التغيرات في مستويات الدهون في قلب الرواسب لمدة 2000 عام من بحيرة Xiada Co، والتي تقع بالقرب من أنقاض مملكة Guge، تمكنوا من تحديد كيفية تغير درجة الحرارة خلال تلك الفترة.
قالLiang Jie ، المؤلف الرئيسي للدراسة وزميل أبحاث ما بعد الدكتوراه في المعهد: وجدنا أن الجو كان دافئًا خلال ذروة المملكة، لكن درجات الحرارة انخفضت من درجتين مئويتين إلى -2 درجة مئوية .
وأضاف “لا تقلل من شأن التغيير الناتج عن انخفاض درجة الحرارة، سيؤدي ذلك إلى تقليل إنتاج المحاصيل في Guge بسبب درجات الحرارة المنخفضة وانخفاض المياه الجليدية الذائبة للري الزراعي “.
ومن جانبه علق Xie Haichao ، المؤلف المشارك للدراسة والباحث المساعد في ITPCAS ، إنه قبل هذه الدراسة، كان هناك القليل من البحث حول درجة الحرارة الكمية وإعادة بناء نمط المحاصيل في هذه المنطقة، لكن هناك حاجة إلى دراسة كيفية تأثير التغيرات المناخية على الزراعة والزراعة في Guge”.
ارتفاع أكثر في درجات الحرارة
وكشف جيمس راسل، المؤلف المشارك للدراسة والأستاذ بجامعة براون، إنه في المستقبل القريب، من المتوقع أن تشهد المناطق المرتفعة مثل هضبة التبت ارتفاعًا في درجات الحرارة أكثر من أي مكان آخر على الأرض خارج القطب الشمالي، مشيفا: “هذا الاحترار هو تنبؤ قوي لنماذج المناخ، ومع ذلك هناك قدر كبير من عدم اليقين بشأن اتساع الاحترار في المستقبل”.
وأوضح “لدينا عدد قليل جدًا من السجلات من الجبال العالية التي تحدد التغيرات في درجات الحرارة في الماضي، والتي يمكننا من خلالها اختبار دقة التنبؤات الخلفية لنماذج المناخ. لذلك فإن السجلات مثل هذا السجل مهمة لاختبار أداء النموذج المناخي”.
