أهم الموضوعاتالاقتصاد الأخضرالتنمية المستدامة

تطبيق إلكتروني لربط جامعي القمامة مع مصادر النفايات ومنشأت التدوير

 

“تشيناي” ، عاصمة ولاية “تاميل نادو”، مدينة ضخمة في الهند، يتجاوز عدد سكانها تسعة ملايين نسمة، وتنتج أكثر من 5000 طن متري من النفايات يومياً، ومثل العديد من المدن الهندية الكبيرة الأخرى، فإن 90% من النفايات التي يتم جمعها، ينتهي بها الأمر إلى مدافن قمامة غير فاعلة، وغالباً ما يتم حرقها في الموقع، ما يؤدي إلى تفاقم تلوث الهواء ومشكلات خطيرة في الصحة العامة والسلامة، ناهيك عن التلوث الناجم عن النفايات المتراكمة، وهو الوضع نفسه في معظم المراكز الحضرية في جنوب آسيا وإفريقيا.

 

وشارك المؤسس المشارك لشركة “كاباديوالا كونيكت”، التي تعني “مُجمِّع النفايات”، بلهجة “تشيناي”، سيدارت هاند، في تنظيف النفايات التي تلوث شواطئ مدينته، منذ أن كان شاباً، ثم رأى إمكانية الاستفادة من النفايات، وبدأ في الاهتمام والتفكير في آلية تسمح للأشخاص الأكثر فقراً بكسب لقمة العيش من خلال بيع النفايات التي يتم جمعها في جميع أنحاء المدينة، عبر استخدام تكنولوجيا المعلومات، لضمان أن النفايات القابلة لإعادة التدوير لا ينتهي بها المطاف في مكب النفايات فقط.

 

وباستخدام تكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتكنولوجيا القائمة على إنترنت الأشياء، تقوم الشركة التي تأهلت لبرنامج “إكسبو لايف”، من “إكسبو 2020 دبي”، بدمج الجهات الفاعلة غير الرسمية في نظام إدارة النفايات الرسمي، لتقديم حلول إدارة نفايات فعّالة من حيث الكلفة.

ففي كل مرة تمتلئ فيها سلة القمامة في المجمع السكني، سيتلقى تجار الخردة في الحي رسالة نصية على هواتفهم، وسيقودون دراجاتهم إلى المكان المقصود لجمع النفايات، حيث سيتم فصلها في إطار إعادة تدويرها بسلاسة.

وهناك أيضاً صناديق ذكية تسمى “Urbin”، تحتوي على مستشعرات ميدانية لإبلاغ التجار، وجامعي النفايات متى تكون ممتلئة، كما تحتوي هذه الصناديق على “خطافات” متصلة بأكياس، يمكن فكها واستبدالها بأخرى بسهولة.

وتمتلك أيضاً الشركة تطبيقاً ذكياً يربط تجار الخردة بالمستهلكين، لذلك يمكن للناس، استخدام التطبيق للعثور على أقرب تاجر خردة أو جامع نفايات، ومعرفة نوعية الخردة التي يتعاملون بها، وحتى مطالبتهم بجمع النفايات من منازلهم. ويوفر التطبيق أيضاً معلومات حول كيفية إدارة النفايات بشكل مسؤول في المنزل أو الفصل والتحويل إلى سماد وما إلى ذلك.

وبدأت الشركة عملها في عام 2014، من خلال رسم خرائط لجامعي النفايات غير الرسميين، في المدينة، بمساعدة منحة تلقتها من المنتدى الاقتصادي العالمي (WEF)، وهدفها طويل المدى هو تقليل حجم النفايات المرسلة إلى مكب النفايات بنسبة 70% عبر شبه القارة الهندية، وبعبارة أخرى، استرداد 48.16 مليون طن متري من النفايات.

وتقوم الشركة أيضاً بتشغيل منشأة ذكية لفصل المواد، ويتعامل المرفق مع زجاجات «البولي إيثيلين»، كما أن لديها خططاً لتوسيع نطاق الأعمال من خلال إعادة تدوير جميع أنواع النفايات القابلة لإعادة التدوير. وفي تلك المنشأة يتم تقطيع الزجاجات التي تم جمعها إلى قطع بعد إزالة الملصقات والأغطية، وتُباع هذه القطع بعد ذلك للمصنعين مباشرة.

 

وفي «تشيناي»، ووفقاً للمسوح، يعيد القطاع غير الرسمي تدوير 19 ألف طن متري من البلاستيك ويولد 4.3 ملايين دولار من العائدات كل عام، وانضم العديد من الأشخاص إلى شبكة الشركة في إطار جمع النفايات، وقرر جزء كبير منهم إضفاء الطابع الاحترافي على عملهم، إذ يمتلكون تطبيقات كمبيوتر تم تطويرها خصيصاً بواسطة الشركة، والتي تسمح لهم بالتخطيط لعملهم اليومي وتحديد أسعار المواد التي جمعوها بشكل أفضل. ويتم إنتاج 68.8 مليون طن متري من النفايات سنوياً، ومن المقرر أن تصل إلى 160.8 مليون طن متري في عام 2041 في الهند، أي بزيادة قدرها 133%، و50% منها نفايات عضوية، ومنذ أن بدأت الشركة أعمالها تم جمع 500 طن متري من الزجاجات بين عامي 2014 و2017، وبينما تستمر مدن الهند في التوسع، تتوسع كذلك النفايات التي تولدها.

 

ومن خلال جمع وبيع القمامة من الأحياء في جميع أنحاء المدينة، يشكل ملتقطو النفايات جزءاً مهماً من سلسلة التوريد غير الرسمية وغير المنظمة لإدارة النفايات، وهنا جلبت الشركة التكنولوجيا إلى المعادلة، وتجريب الحلول التي تعمل بالذكاء الاصطناعي لربط جامعي النفايات بمرافق إعادة التدوير، وتمكين القطاع غير الرسمي من لامركزية إدارة النفايات، وحصلت ابتكاراتهم الرقمية أخيراً على دعم شركة “شل” متعددة الجنسيات للطاقة لإثبات جدوى الحل.

 

ويقول سيدارت هاند، إنّ اللامركزية في جمع النفايات في الأحياء الحضرية ستكون أساسية في البلدان النامية لخلق اقتصاد دائري في نهاية المطاف يعتمد على المنتجات القابلة لإعادة الاستخدام والمعاد تدويرها.

 

ويقوم ملتقطو النفايات غير الرسميين ببيع المواد القابلة لإعادة التدوير الموجودة في الشوارع لتجار الخردة المحليين، لذلك كان رسم الخرائط أمراً بالغ الأهمية لفهم آلية العمل، فالحصول على رؤى مستندة إلى البيانات، يسهل تتبع وتعقب المواد اللازمة للتدوير والقابلة لإعادة الاستخدام.

كما أن استخدامهم للدراجة ثلاثية العجلات للتجميع فعّال من حيث الكلفة ويقلل من التأثير البيئي، واستطاعت الشركة إعادة تدوير أكثر من 1000 طن من الورق، و400 طن من البلاستيك، و2000 طن من المعدن، وما يقرب من مليون زجاجة من النفايات، وفقاً للبيانات الصادرة عنها، ما أدى إلى تمكين شبكة تضم المئات من تجار الخردة وجامعي النفايات.

تابعنا على تطبيق نبض

Comments

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: