أهم الموضوعاتالطاقة

ألمانيا تتجه إلى مصر والإمارات لجمع أوروبا معا كاتحاد أخضر للكهرباء والهيدروجين

تركز مبادرة H2 Global على إعادة تنظيم علاقاتها مع الجيران بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا

   كتبت : حبيبة جمال

قد تكون الحرب الروسية الأوكرانية، جرس إنذار لأوروبا فيما يتعلق باستراتيجيتها في التعامل مع سوق الطاقة وآليات االاعتماد على الآخرين والعلاقات مع الجيران، وخاصة منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وعلى رأسهم مصر والإمارات، حيث أخذت ألمانيا باعتبارها المتضرر الأكبر من نقص امدادات الوقود الروسي حيث تعتمد على 40 % من مصادرها في الوقود على روسيا.

وتعمل ألمانيا حاليا على مبادرة لخلق سوق أوروبية جديدة للطاقة الجديدة والهيدروجين الأخضر، لتعود بأوروبا إلى أساسيات تشكيل الاتحاد الأوروبي وهو التكامل الاقتصادي والسوق المشتركة ، حيث تخطط ألمانيا لتكون أوروبا اتحاد حقيقي للكهرباء الخضراء والهيدروجين، للوقوف على أرض الواقع في عالم تنافسي ينتقل إلى الحياد المناخي.

فقرار أوروبا بتقليل الاعتماد على إمدادات الغاز الطبيعي الروسي ردًا على الغزو الروسي لأوكرانيا قد يفتح فرصًا هائلة لصناعة الهيدروجين في الشرق الأوسط.

وكشف شاتزي ماركاس ، المدير التنفيذي لشركة Hydrogen Europe، في اجتماع أثناء للوكالة الدولية للطاقة المتجددة (IRENA)، أنه “لتلبية متطلبات الاتحاد الأوروبي البالغة 20 مليون طن من الهيدروجين بحلول عام 2030، سيتعين زيادة قدرة المحلل الكهربائي 100 ضعف في السنوات الثماني المقبلة إلى حوالي 320-400 جيجاوات، وسيتم تركيب جزء كبير منها في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا”.

بينما أكدت محللة الطاقة كيرستن ويستفال، التي تعمل لصالح مبادرة الحكومة الألمانية لاستيراد الهيدروجين H2 Global ، في حوار مع Clean energy wire، إن القارة يجب أن تنشئ ممرات هيدروجين إلى المناطق المجاورة ذات الموارد المتجددة الغنية. كما دعت الحكومات الأوروبية إلى بناء “شراكات تحول” مع منتجي الوقود الحفري الحاليين في جميع أنحاء العالم لتحديد مسارات للتحول التدريجي من النفط والغاز والفحم إلى أنواع الوقود الصديقة للمناخ مثل الهيدروجين  .

وأضافت ويستفال إنه بينما لا يمكن للهيدروجين أن يحل مشكلة نقص إمدادات الطاقة التي سببتها الحرب الروسية ضد أوكرانيا على الفور ، فإنه سيلعب دورًا أكبر في وقت أبكر بكثير مما كان يُعتقد سابقًا في تغيير اقتصاديات أوروبا.

فالاتحاد الأوروبي حسب شاتزي ماركاس، سيحتاج 40 مليون طن من الهيدروجين بحلول 2030 إذا كان سيحل محل الغاز الروسي بالكامل لكنه استقر على استيراد 50 % والحصول على النصف المتبقي محليًا، إلا أنه يؤكد أن “التحدي ضخم ، ونحن بحاجة إلى الاتفاق على مشاريع ملموسة وإنشاء إطار عمل يكون من خلاله لهذه المشاريع قاسم مشترك واضح “.

بينما فرانك ووترز، رئيس تحالف الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للهيدروجين فيقول: “عشرون مليون طن تزيد أربعة أضعاف عما رأيناه قبل شهر، إذا كنا جادين حقًا بشأن إزالة الكربون، وبدأنا التفكير في نظام للطاقة من نقطة الفعالية من حيث التكلفة، وإزالة الكربون، وسهولة النقل، وتكلفة النقل، وتكلفة تخزين الطاقة، فسيكون هناك الكثير من الهيدروجين في المستقبل أكثر من كانوا يفكرون.”

نظرًا لتوفر الأراضي ، فضلاً عن البنية التحتية المادية ورأس المال الفكري في منطقة مجلس التعاون الخليجي ، قال رئيس تحالف الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للهيدروجين إنه يجب على المنطقة اغتنام الفرصة لتصبح أحد الموردين الرئيسيين في البداية إلى أوروبا ثم إلى ما بعد ذلك.

 

الإمارات والعرب وبناء علاقات جديدة

وقالت كريستين ويستفال”، يجب أن ندخل في شراكات تحول مع منتجي الوقود الحفري، ونعمل على بناء علاقات جديدة معهم. مع دول مثل الإمارات، تعتمد على تحديد عدد سنوات معينة لاستخدام الوقود الحفري يتم بعدها التحول إلى الطاقة الخضراء “، مشيرة إلى أن هذا من شأنه أن يمهد الطريق لشراكات مستدامةـ وسيشرك البلدان المنتجة للوقود الحفري في مسار إزالة الكربون.

وأكدت، أن أوروبا في حاجة  إلى إعادة تنظيم علاقاتها مع جيرانها، في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (MENA) ،فيجب أن نعمل معًا لأن عالم الطاقة الجديد سيكون أكثر إقليميًا وتنافسية.

وحول الطريق لإيجاد ممرات للهيدروجين الأخضر، أكدت أن الهيدروجين عنصر حاسم في اقتصاد المستقبل الصديق للمناخ، مشيرة إلى أن مبادرة ألمانيا لاستيراد الهيدروجين H2Global، هي أداة يمكن استخدامها في خلق سوق الهيدروجين ومشتقاته، والتي يمكن أن تؤدي إلى تنويع واسع لمصادر الطاقة.

وأوضحت أنه يمكن تصميم أداة H2Global، نحو أهداف أو شراكات محددة حاليًا، ويتم إعداد المزادات الأولى التي تتناول استيراد الهيدروجين ومشتقاته إلى أوروبا.

وذكرت، أهمية توقيع  اتفاقيات شراء طويلة الأجل، مدتها عشر سنوات، مع منتجي الأمونيا والميثانول ووقود الطائرات، مما يوفر للمستثمرين دراسة الجدوى لفتح الاستثمارات اليوم، مضيفة أنهم سيعملون على إعادة بيع هذه المنتجات بالمزاد سنويًا، وبهذه الطريقة حسب كريستين، تهدف آلية H2 Global إلى منح الشركات الأمن للتخطيط والاستثمارات، وأن هذا النموذج يمكن أن يتوسع عبر أوروبا وفي الاتحاد الأوروبي نفسه.

اقتصاد الهيدروجين

وعن فرصة أوروبا اقتصاديا، قالت كريستين ويستفال، أن مبادرة ألمانيا تمثل فرصة ممتازة لأوروبا،فيما يتعلق بسياسة الطاقة،  وستكون الخطوة نحو “أوروبية” H2Global”، لتطوير سوق الاتحاد الأوروبي، موضحة أنه من الأهمية بمكان أن يتم جمع أوروبا معًا كاتحاد أخضر للكهرباء والهيدروجين.

وقالت “المهم الآن هو بناء شراكات تحويل الطاقة بشكل استراتيجي. إذا أردنا أن نصبح أقل عرضة للخطر ، فنحن نحتاج أولاً وقبل كل شيء إلى تنويع واسع بدلاً من الاعتماد فقط على العقود طويلة الأجل مع عدد قليل من اللاعبين الرئيسيين .

إذن الاتحاد الأوروبي يفكر في تبنى أداة التمويل الألمانية H2Global لتسهيل اقتصاد الهيدروجين، وتتلخص في “الدفع مقابل الفارق حتى يتمكن العميل من اتخاذ قرارات الاستثمار ويمكن أن يبدأ الإنتاج”.

H2Global ، هي أداة تمويل تديرها مؤسسة H2Global ، التي أسستها 16 شركة ألمانية في يونيو 2021، والمؤسسة مكلفة بشراء الهيدروجين الأخضر أو ​​مشتقات الهيدروجين في الخارج من خلال عقود طويلة الأجل، وإعادة بيع هذه المنتجات في ألمانيا عبر المزادات السنوية، وسد الفرق بين سعر شراء مشتقات الهيدروجين وأسعار البيع للمستخدمين من خلال الأموال التي تقدمها الوزارة الاتحادية للشؤون الاقتصادية والطاقة.

نسخة الاتحاد الأوروبي من H2Global ستسمى منشأة الهيدروجين الأوروبية العالمية.

وكشف مدير شركة Hydrogen Europe،  أن أهداف شراكة الهيدروجين الأخضر المتوسطية ستعرض في 16 مايو المقبل في أثينا من قبل نائب رئيس المفوضية الأوروبية ، إلى جانب رئيس الوزراء اليوناني والجانب المصري.

يمكن أن تكون منظمة البلدان المستوردة والمصدرة للهيدروجين مع فكرة وجود معايير مشتركة نقطة البداية للشراكة المتوسطية حيث يكون للشركات والصناعة مرساة للسلامة. يجب أن تكون هناك سكرتارية تراقب ثلاثة إلى ستة مشاريع تجريبية كبيرة يمكن أن يكون لها تأثير فعال على المشاريع الأخرى ، “قال.

التحديات  

وحول التحديات التي تواجه أوروبا كإتحاد أخضر، تشير إلى أنه لا يزال هناك افتقار  إلى نماذج الأعمال، وبالتالي هناك حاجة لوضع آليات الاستثمار الآمن، والذي يرجع جزئيًا إلى عدم وجود إطار تنظيمي واضح ومناسب.

وتتفاقم هذه المشكلة بسبب ضرورة أن يتم التعامل وبدء العرض والطلب في وقت واحد، وكما يجب أن يكون هناك البنية التحتية لنقل الهيدروجين.

وعبرت المسئولة في المبادرة الألمانية عن قلقها من تأخر أوروبا في اعتماد اللوائح، وتوفير الأموال، خاصة أن آخرين، مثل اليابان أو كوريا الجنوبية، يفعلون ذلك بسرعة، فهم قد أسسوا سلاسل التوريد واللوجستيات، مشيرة إلى أن  H2Global  تهدف إلى سد الفجوة بين العرض والطلب.

يذكر أنه في نوفمبر الماضي أطلق الإمارات وألمانيا فريق العمل الثنائي بشأن الهيدروجين والطاقة الجديدة ضمن عدد من  الاتفاقيات ، وكذا اتفقت الإمارات وهولندا مارس الماضي على إزالة الكربون عن قطاع الطاقة وزيادة استخدام الهيدروجين، بجانب ضمان وجود ممرًا للتصدير والاستيراد بين البلدين، والذي سيكون أيضًا بمثابة بوابة إلى المنطقة الأوروبية الأوسع.

تابعنا على تطبيق نبض

Comments

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى
%d مدونون معجبون بهذه: