شبح تغير المناخ يزداد سوءًا.. تكرار الظواهر المناخية المتطرفة مؤشر مباشر

كتبت : حبيبة جمال

مارس 2022 هو الأكثر سخونة في تاريخ الهند منذ 1901

يقول علماء المناخ إن شبح تغير المناخ باقٍ ، بل يزداد سوءًا ، حيث تهب رياح شديدة عبر مساحات شاسعة من شمال الهند، بما في ذلك نيودلهي حيث تجاوزت درجات الحرارة 49 درجة مئوية، وتدمر الفيضانات أجزاءً من الشمال الشرقي.

بعد يوم من ارتفاع درجات الحرارة في محطتين للطقس في دلهي إلى أكثر من 49 درجة مئوية ، سجلت جورجاون المجاورة 48 درجة مئوية ، وهي أعلى نسبة منذ مايو 1966، حلل الخبراء وقوع الأحداث المناخية المتطرفة وأطلقوا تحذيرًا شديدا.

مع ارتفاع درجات الحرارة نتيجة للاحتباس الحراري في جنوب آسيا، وما يترتب على ذلك من تجاوز مستويات الحرارة والرطوبة، من المتوقع أن نشهد موجات حرارة أكثر كثافة وتكرارًا في الهند، حسبما قال عالم البيئة والمناخ شاكيل أحمد رومشو لـ PTI .

وفقًا للأستاذ بجامعة كشمير، فإن أحد مؤشرات تغير المناخ هو زيادة تواتر الظواهر المناخية المتطرفة، وقال إن الموجة الحارة هي مناخ متطرف ومؤشر مباشر لتغير المناخ.

على مدى العقود القليلة الماضية ، كان الاحترار العالمي في وتيرة متسارعة ويمكن رؤية علاماته في أي يوم من أيام الطقس العالمي منذ العقد الأول من القرن الحادي والعشرين. أضاف روكسي ماثيو كولي من المعهد الهندي للأرصاد الجوية المدارية في بيون ، أن الجيل Z  ( الجيل الذي يلي جيل الألفية )لم يعش يومًا دون الشعور بتأثير الاحتباس الحراري.

سجلت العاصمة الوطنية ثاني أكبر شهر أبريل من هذا العام منذ عام 1951 بمتوسط ​​شهري أقصى لدرجة الحرارة 40.2 درجة مئوية. كما سجلت ولايات شمال الهند الأخرى ، بما في ذلك مناطق التلال في أوتاراخاند وهيماشال براديش وجامو وكشمير ولاداك ، درجات حرارة أعلى بكثير من المستوى الطبيعي هذا الموسم.

درجات حرارة مرتفعة وأمطار غزيرة

بينما كان شمال الهند يكافح درجات الحرارة المرتفعة ، شهدت أجزاء من جزيرتي كيرالا ولاكشادويب هطول أمطار غزيرة يوم الأحد. إلى جانب ذلك ، أطلق مكتب الأرصاد تحذيرًا أحمر عبر خمس مقاطعات في ولاية كيرالا. وفي الشرق ، تعرضت منطقة ديما هاساو في ولاية آسام لفيضانات مفاجئة وانهيارات أرضية واسعة النطاق في عدة أماكن ، مما أدى إلى قطع خطوط السكك الحديدية والطرق.

وفقًا لبيانات إدارة الأرصاد الجوية الهندية، كان متوسط ​​درجة الحرارة القصوى في شمال غرب ووسط الهند لشهر أبريل من هذا العام هو الأعلى منذ 122 عامًا، ويعتبر الخروج من 4.5 إلى 6.4 درجة عن المعدل الطبيعي بمثابة إعلان عن موجة حر وتجاوز  6.4 درجة يعني موجة حر شديدة.

أوضح كولي، أنه بغض النظر عن تفاعلات الطقس المحلية، فإن السبب الجذري لزيادة مثل هذه الأحداث في منطقة الهند وباكستان هو الاحتباس الحراري بسبب انبعاثات الكربون من صنع الإنسان.

كان مارس 2022 هو الأكثر سخونة في الهند في التاريخ المسجل (1901-2022)، كانت درجات الحرارة مرتفعة في جميع أنحاء الهند ، وخاصة المناطق الشمالية الغربية التي تعرضت لموجة حر. استمرت درجات الحرارة في الارتفاع بشكل ملحوظ فوق المعدل الطبيعي في أبريل 2022 في أجزاء كبيرة من الهند، باستثناء جنوب الهند، حسبما صرح كولي لـ PTI.

متوسط ​​درجة حرارة الأرض زاد بمقدار 1.2 درجة مئوية

قال خبير تغير المناخ العالمي هارجيت سينج، إن متوسط ​​درجة حرارة الأرض زاد بمقدار 1.2 درجة مئوية فوق مستويات ما قبل العصر الصناعي.

سينج، كبير المستشارين بشبكة العمل المناخي الدولية (CAN-I)، نبه إلى أن تقرير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) الذي صدر في عام 2021 حذر من أن ارتفاع درجات الحرارة سيؤدي إلى زيادة حدوث موجات الحرارة ومواسم دافئة أطول ومواسم برد أقصر، وأضاف الخبراء، أن تغير المناخ لا يؤدي فقط إلى ارتفاع درجات الحرارة وزيادة سخونة موجات الحر في الهند، بل يؤدي أيضًا إلى تغيير أنماط الطقس التي تؤدي إلى زيادة التقلبات المناخية الخطيرة.

ظاهرة لانينا

شذوذ الضغط المنخفض الناجم عن حدث الطقس المعروف بظاهرة ” لانينا ” فوق شبه القارة الهندية كان يدعو للرياح الغربية وانفجار الهواء الساخن من الشرق الأوسط إلى الهند.

استمر نمط الضغط بين الشمال والجنوب فوق الهند، مع تمديد لا نينا لإقامتها فوق المحيط الهادئ. قال راغو مورتوغود ، الأستاذ بقسم علوم الغلاف الجوي والمحيطات بجامعة ماريلاند بالولايات المتحدة، إن هذا قد أثر بالتأكيد على الطقس فوق الهند ، والذي شوهد حتى خلال الفترة 1998-2000 عندما استمرت لا نينا لمدة ثلاث سنوات.

قال ميرتوجودي: لقد رأينا بعض الأنشطة الجوية الغريبة هذا العام أيضًا والتي تشمل العواصف الترابية فوق مومباي، والمنخفضات العميقة المبكرة التي أصبح أحدها حتى إعصارًا ضعيفًا وموجات الحر … كل ذلك جزء من هذا الإصرار الغريب والممتد لـظاهرة ” لانينا ” .

تم توثيق تأثير موجات الحرارة الشديدة على مختلف القطاعات، بما في ذلك الصحة والعمل ونوعية الحياة والاقتصاد.

وفقًا للسجلات الرسمية، تسببت موجات الحر في وفاة أكثر من 24000 شخص من عام 1992 إلى عام 2015 في جميع أنحاء البلاد. أشار تقرير حديث لوزارة علوم الأرض إلى أن معدلات الوفيات لكل مليون بسبب موجات الحر ارتفعت بنسبة 62.2% خلال العقود الأربعة الماضية.

تؤثر موجات الحرارة على إنتاجية العمل عن طريق تقليل الأداء وزيادة الأمراض المرتبطة بالحرارة. وأوضح ميرتوجودي أنه من المتوقع حدوث انخفاض بنسبة 30-40% في أداء العمل فوق الهند بحلول نهاية القرن بسبب ارتفاع مستويات الإجهاد الحراري.

تأثير تغير المناخ يتضخم في المدن

تتسبب الحرارة الشديدة في العديد من الآثار الصحية، مثل الجفاف الشديد والحوادث الوعائية الدماغية الحادة وتساهم في تكون الجلطات (جلطات الدم)، وأضاف سينغ أن الأشخاص المصابين بأمراض مزمنة وكبار السن والأطفال أكثر عرضة لتأثيرات موجات الحرارة.

وقال إن تأثير تغير المناخ يتضخم في المدن، لأن المناطق الحضرية عادة ما تكون أكثر دفئًا من محيطها بسبب الهياكل المركزة وقلة المساحات الخضراء.

من وجهة نظر رومشو ، ستؤثر موجات الحر ، التي يُتوقع أن تكون أكثر تواترًا وفتكًا وأطول في البلاد، على كل قطاع من قطاعات الاقتصاد.

انظر إلى شدة موجة الحر هذا العام، فهي تتركز في كل من أحواض نهري إندوس والغانج اللتين تنتجان وتزودان الكثير من الإمدادات الغذائية في باكستان والهند. ومن المتوقع أيضًا أن تزيد موجات الحر من ذوبان الأنهار الجليدية في المنطقة التي تعاني بالفعل من ندرة المياه.

وقال العلماءـ إنه إذا استمرت موجات الحرارة المتكررة كما هو متوقع، فستؤثر سلبًا على الغذاء والماء وأمن الطاقة في المنطقة.

ما هو المخرج؟

وقال رومشو، إن التأثير على الغلاف الجليدي (الجليد والأنهار الجليدية)، والزيادة المتوقعة في كوارث الأرصاد المائية والجوية أمر مثير للقلق، وهذه تحتاج إلى معالجة قطاعية من خلال تطوير استراتيجيات وسياسات قوية وحكيمة تستند إلى المدخلات العلمية وتسترشد بالمعرفة.

قال كولي، إن الحاجة تكمن في تبني رؤية طويلة الأمد مع سياسات تساعد في إدارة ساعات العمل، والبنية التحتية العامة ، والمدارس، والمستشفيات، وأماكن العمل، والمنازل، والمواصلات، والزراعة لمواجهة موجات الحر.

وشدد هارجيت سينج على تحسين أنظمة الإنذار المبكر والاتصالات لإعداد المواطنين من خلال برامج التوعية المجتمعية.

يجب على الحكومة اتخاذ تدابير استباقية في التخطيط الحضري من خلال الاستثمار في البنية التحتية الخضراء والزرقاء، مثل الجدران الخضراء، والطرق الخضراء  والغابات الحضرية، والأسطح الخضراء، والمسطحات المائية لتبريد المناطق الحضرية.

وأضاف سينج، أنه يجب زراعة أشجار الشوارع على نطاق واسع لتقليل الإجهاد الحراري وتأثير جزيرة الحرارة الحضرية.

تابعنا على تطبيق نبض