المباني الخضراء تمهد الطريق لتحقيق الأهداف المناخية.. البنية التحتية بداية خفض الانبعاثات

فكر في المبنى الذي تتواجد فيه الآن. قد يكون مبنى مكاتب، منزلك، مركز تسوق أو منشأة ترفيهية، ما يدركه عدد قليل جدًا منا هو أن الطريقة التي يتم بها تصميم المباني وتشييدها وتشغيلها تساهم بشكل كبير في تغير المناخ. نحن نستيقظ ببطء شديد على هذا الواقع، هذا يجب أن يتغير.

ونحن نستعد لقمة المناخ COP28 التي ستعقدها الأمم المتحدة في دبي في أواخر نوفمبر، حيث ستحتل البنية التحتية ذات صافي الانبعاثات الصفرية والمدن المستدامة ذات صافي الانبعاثات الصفرية مكانة بارزة في جدول الأعمال.

في WBCSD، ندعم الحملة التي أعلنها هذا الأسبوع تحالف We Mean Business قبل انعقاد مؤتمر الأطراف الثامن والعشرين لوضع جدول زمني للتخلص التدريجي الكامل من الوقود الأحفوري وخفض انبعاثات غازات الدفيئة إلى النصف في هذا العقد.

وقد انضمت إلى الحملة 131 شركة يبلغ إجمالي إيراداتها حوالي 1 تريليون دولار.

وستكون البيئة المبنية حاسمة لتحقيق هذا الهدف، فهو يمثل ما يقرب من 40% من انبعاثات الكربون العالمية المرتبطة بالطاقة – أي ما يقرب من 14 جيجا طن من الكربون كل عام، وهي أكبر حصة في أي قطاع.

للوفاء باتفاقية باريس والحد من ظاهرة الاحتباس الحراري في حدود 1.5 درجة مئوية، نحتاج إلى الوصول إلى صافي انبعاثات صفر في جميع الأنشطة في نظام البناء والتشييد. الهدف هو أن تعمل جميع المباني الجديدة بصافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2030 على أبعد تقدير، وأن تعمل جميع المباني بصافي انبعاثات صفرية بحلول عام 2050.

في حركة البناء الأخضر التي تطورت إلى مباني خالية من الانبعاثات، نظرًا لأزمة المناخ المتصاعدة، في الأيام الأولى، شهدنا ظهور معايير المنتجات الخضراء والتصنيف والشهادات، ومعظمها طوعية، وكلها تهدف إلى تقديم مباني مستدامة وعالية الأداء. لا يزال برنامج شهادات المباني الخضراء الأكثر استخدامًا هو LEED (الريادة في الطاقة والتصميم البيئي)، والذي أصبح لديه الآن إطار عمل LEED Zero .

التحديات وصعوبة معالجة الكربون

وفي حين أن كل هذا مشجع، فإنه لا يأخذنا بعيدا بما فيه الكفاية على الطريق إلى صافي الصفر، وبعيدًا عن كفاءة استخدام الطاقة، فإن صافي الصفر يرفع المستوى بطرق متعددة.

ويتمثل أحد التحديات في صعوبة معالجة الكربون المتجسد في مواد البناء والتشييد ، والذي ينبعث معظمه فورًا في بداية دورة حياة المبنى. في حين أن 27% من الانبعاثات تنتج عن عمليات البناء، غالبًا ما يتم تجاهل نسبة 13% المتبقية من الانبعاثات في الكربون المتجسد.

للوصول إلى صافي الصفر، سيتطلب تقليل الكربون المتجسد في المباني ابتكارات جديدة إلى جانب التكنولوجيا والمواد والمنتجات المتاحة حاليًا.

يظهر بحثنا أنه إذا ركزنا على الاستراتيجيات والأساليب الشاملة عبر عمليات التخطيط والتصميم والبناء من البداية، فمن الممكن تقليل انبعاثات الكربون الأولية للمباني بنسبة 50٪ مقارنة بالعمل المعتاد بالفعل اليوم.

نحن نشهد تقدمًا مذهلاً في التقنيات والمواد الجديدة، مثل أول فولاذ في العالم خالٍ من الكربون، ونحن نقترب أكثر من الخرسانة ذات صافي الكربون الصفري، وهي واحدة من أكثر المواد استهلاكًا في العالم.

ولكن في حين أن عددًا متزايدًا من الشركات في قطاع البناء حريصة على البدء في استخدام هذه الابتكارات لتحقيق أهدافها الصافية الصفرية، إلا أننا لا نملك حتى الآن ما يكفي من الطلب لجعل هذه المواد فعالة من حيث التكلفة وجذابة ومتحملة للمخاطر.

إشارات السوق الصحيحة والحوافز  

إن تحمل المخاطر العالية ليس شيئًا معروفًا في قطاع البناء. ومن المعروف أنها بطيئة في التقدم في أهداف الاستدامة الخاصة بها، والمطلوب لتسريع وتيرة التغيير هو إشارات السوق الصحيحة والحوافز السياسية والتنظيمية التمكينية.

على الجبهة الأولى، تسأل أسواق رأس المال والأسواق المالية الشركات في كل قطاع بشكل متزايد عن كيفية تأثير مخاطر المناخ على أعمالها على المدى القصير والمتوسط والطويل.

وإذا لم تثبت الشركات أن لديها الإجابات، وأنها تتخذ الإجراءات اللازمة للحد من المخاطر التي تواجهها، فقد تواجه عقوبات مالية فيما يتعلق بقدرتها على الوصول إلى رأس المال وجاذبيتها للمستثمرين.

إشارة الطلب لكل من المباني الجديدة والمخزون الحالي

وعلى الجبهة الثانية، بدأت الولايات السياسية في الظهور، تقوم الحكومات بسن متطلبات جديدة لإعداد التقارير البيئية والاجتماعية والإدارية (ESG)، مثل توجيهات الاتحاد الأوروبي لإعداد التقارير عن استدامة الشركات (CSRD)، ومتطلبات إعداد التقارير الجديدة المتوقعة من لجنة الأوراق المالية والبورصة الأمريكية، وعلى مستوى الولاية، مشروع قانون الكشف عن المناخ.

وتضمن قانون خفض التضخم في الولايات المتحدة مجموعة من التخفيضات الضريبية وغيرها من الحوافز لإزالة الكربون من المباني، بما في ذلك برامج لتشجيع وضع العلامات على المواد التي تحتوي على نسبة منخفضة من الكربون.

ومع هذه الاتجاهات، فإن القرارات في قطاع البناء، التي كانت تُتخذ لفترة طويلة على أساس التكلفة، سوف تتحول إلى أساس المعاملات الذي يضع انبعاثات الكربون وتأثير المناخ على نفس مستوى التكلفة، ومع بدء ترسيخ أداء الكربون وأنظمة المساءلة، فإن آليات المعاملات هذه ستخدم غرضًا مفيدًا في إنشاء إشارة الطلب لكل من المباني الجديدة والمخزون الحالي.

لذلك، نظرًا للدفعة التشريعية المتزايدة والسياسة التحفيزية، والتقدم في التقنيات الجديدة، لا يوجد سبب يمنع قطاع البيئة المبنية من المضي قدمًا في تحقيق أهدافه المتمثلة في صافي الانبعاثات الصفرية.

هذه مهمة ضخمة، لهذا السبب، أطلق WBCSD، بالشراكة مع التحالف العالمي للمباني والتشييد، تحول سوق البيئة المبنية قبل انعقاد المنتدى العالمي الأول المعني بالمباني والمناخ في مارس 2024، نحن نجمع الجهات الفاعلة عبر سلسلة القيمة الكاملة ومن التمويل و سياسة لتحديد العوائق الحرجة في السوق ومجموعة من الإجراءات العالمية لمعالجتها، بما في ذلك وضع الكربون كعامل رئيسي إلى جانب التكلفة في عملية صنع القرار.

وهذا أمر مهم لأن أصحاب المصلحة الذين يتمتعون بأعلى تأثير على انبعاثات الكربون من الأصول المبنية – مثل مطوري العقارات وأصحابها – ليسوا أولئك المسؤولين بشكل مباشر عن خلق الانبعاثات، ولكن يمكنهم تحفيز الآخرين في سلسلة القيمة لتقليل الانبعاثات.

التفاؤل بأنه في هذه اللحظة الحاسمة لتوسيع نطاق العمل المناخي، يمكن للبيئة المبنية أن تكون جزءا من الحل وليس جزءا من المشكلة.

سوف يتطلب الأمر الالتزام بجعل إزالة الكربون من مبانينا أولوية، والعمل معًا بالتعاون عبر سلسلة القيمة، وفي حين أن هناك عوائق يجب التغلب عليها، هناك أيضًا فرص غير مستغلة، بيئتنا المبنية ستبدو مختلفة كثيرًا في عام 2030، طالما أننا بدأنا اليوم.

تابعنا على تطبيق نبض