مباني صديقة للبيئة.. السويد تلجأ للخشب في بناء الأبراج بدلا من الإسمنت والفولاذ
أحد أطول المباني الخشبية في العالم 20 طابق بارتفاع 75 متراً بين منازل مغطاة بالثلوج والغابات..يضم فندقاً ومكتبة وقاعة عرض ومسرحاً

كتب محمد ناجي
الزراعة الحرجية هي زراعة أنواع خاصة من المحاصيل ذات قيمة عالية أسفل ظلة الغابات التي يتم تعديلها أو الإبقاء عليها بغرض توفير مستويات من الظل وبيئة طبيعية لنمو المحاصيل وزيادة مستويات الإنتاج.
وتشتمل الزراعة الحرجية مجموعة من النظم الزراعة بداية من زراعة النباتات في منطقة أشجار الطبقة السفلى لمنصة الأشجار وصولاً إلى تعديل منصة الأشجار الحرجية لتعزيز القدرة التسويقية والإنتاج المستدام للنباتات القائمة.
لذلك تسعى الدول الاسكندنافية، مستفيدة من مواردها الحرجية الكبيرة ومهاراتها التقليدية في مجال الصناعات الخشبية، إلى أن تكون رائدة في مجال تشييد المباني الخشبية المراعية للبيئة والأقل تلويثاً.
أطول المباني الخشبية في العالم
يبرز في سماء بلدة سكيليفتيا السويدية برج ذو لون رملي يلمع تحت أشعة الشمس… فـ«مركز سارا الثقافي» هذا هو أحد أطول المباني الخشبية في العالم، وقد بُني بشكل أساسي من خشب أشجار التنوب ويرتفع 75 متراً بين منازل مغطاة بالثلوج وغابات محيطة بها.
ودُشن المبنى الخشبي المؤلف من عشرين طابقا، الذي يضم فندقاً ومكتبة وقاعة عرض ومسرحاً، نهاية عام 2021 في مدينة يبلغ عدد سكانها 35 ألف نسمة في شمال السويد.
وتغطي الغابات التي تضم في معظمها أشجار التنوب، عدداً كبيراً من المناطق الشمالية في السويد، فيما يُعد بناء المنازل الخشبية تقليداً قائماً منذ فترة طويلة.
ويرغب المهندسون المعماريون السويديون حالياً في أن يصبحوا رواد تغيير جذري على مستوى البناء وتوجيه هذا القطاع نحو اللجوء إلى طرق بناء أكثر استدامة، إذ ظهرت مبانٍ خشبية عالية في السويد والدول الاسكندنافية المجاورة بفضل تقنيات متطورة في هذا القطاع.
وتقول المسؤولة عن التخطيط العمراني في سكيليفتيا تيريز كرايسل، لوكالة الصحافة الفرنسية، خلال إحدى الجولات داخل المركز الثقافي، إن «المركز بطبقاته العشرين متين بفضل الأعمدة والعوارض وتفاعلها مع الفولاذ والخشب». وبنيت قمرة المصاعد في المبنى من الخشب أيضاً.
وتشير كرايسل إلى عدم استخدام «مادة البلاستر ومانعات التسرب والمواد العازلة على الخشب»، مضيفة أن هذا الأسلوب «فريد لجهة مبنى مؤلف من عشرين طبقة».
ويقول مؤيدو هذا النهج إن الميزة الرئيسية للعمل بالخشب تتمثل في أنه صديق للبيئة أكثر من المواد الأخرى.
الإسمنت والفولاذ من أكثر المواد تلويثا للبيئة
ويعد الإسمنت المستخدم في صناعة الباطون، بالإضافة إلى الفولاذ، وهما أكثر مادتي بناء شيوعاً، من بين أكثر المواد تلويثاً، لأن استخدامهما يؤدي إلى انبعاث كميات كبيرة جداً من ثاني أكسيد الكربون، أحد أبرز غازات الدفيئة.
أما الخشب فيؤدي إلى انبعاث نسب منخفضة من ثاني أكسيد الكربون، ويحتفظ بالكربون الذي تمتصه الشجرة حتى عند قطعه واستخدامه في البناء. وبما أن الخشب أخف وزناً، فإنه يتطلب أسس بناء أقل.
وتشير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتغير المناخي إلى أن انبعاثات الكربون الناجمة من استخدام الخشب في البناء أقل بأكثر من ثلاثين مرة من الانبعاثات الخاصة بالخرسانة، وأقل بمئات وحتى آلاف المرات من الانبعاثات الكربونية جراء استخدام الفولاذ.